أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول الأزمة السورية ومستقبل الصراع الدائر عليها سواء من قبل حلفاء النظام «إيران وما يتبعها من ميليشيات حزب الله وروسيا والعراق» أو من قبل الدول الرافضة لاستمرار النظام.. أسئلة تراود الكثيرين من السوريين والمعنيين بالشأن السورى حول مصير سوريا المجهول حتى اللحظة.. إلى أين؟ وما مصير النظام؟ والأكثر طرحا عن مصير الرئيس بشار الأسد وعائلته تحديدا من الوضع الراهن فى سوريا؟ وما مصير السوريين اللاجئين على حدود الدول المجاورة؟ ومصير الآلاف منهم هربا من الموت للجوء إلى دول أوروبا وسقوط المئات منهم ضحايا؟ وما مصير من هجروا داخليا بعد مسلسل الخراب والدمار الذى أصاب البنية السكانية والتحتية؟ كذلك ما مصير اليتامى من الأطفال والأرامل الذين فقدوا عوائلهم؟ وما مصير المفقودين تحت بند الاختفاء القسرى؟ إنها أسئلة كثيرة قد لا تجد لها من جواب. فعلى ضوء التحركات السياسية الدولية التى أبدت اهتماما ملحوظا بالأزمة السورية مؤخرا بعقد اجتماعات دولية فى «فيينا 1» بمشاركة كافة الأطراف الإقليمية والدولية بعد مراحل من الارتباك الدولى فى كيفية التعامل معها «بعد خمس سنوات من الموت والدمار والدماء التى سالت فى مختلف المدن السورية» وفى لحظة فارقة فى تاريخ سوريا وشعبها الذى يمر بأسوأ كارثة إنسانية فى التاريخ لم يتعرض لها شعب مثلما تعرض له الشعب السورى.. يبقى السؤال هل ستجيب تلك الاجتماعات عن كافة الأسئلة المطروحة وغير المطروحة لإيجاد حل يتوافق عليه الجميع بالخروج بالأزمة السورية وشعبها إلى بر الأمان؟ إلا أن كثيرا لا يعلقون آمالا كبيرة على ما تسفر عنه تلك الاجتماعات من نتائج إيجابية فى صالح القضية السورية. ويبقى السؤال حول مصير الأسد إلى أين وكيف؟ وما الموقف إذا ما اتفق الجميع على مدة زمنية محددة تبعد الأسد عن اللعبة السياسية؟ وهل يحق للرئيس الأسد أن يرفض أو يقبل خطة «دى ميستورا» بشأن المرحلة الانتقالية اعتمادا على «جنيف 1» التى لم تتطرق لموقف الرئيس بشار الأسد؟ وما أولويات النظام؟ هل فى الحل السياسى أم السير قدما فى مكافحة الإرهاب؟ وهل يحق له وحده أن يقرر مصير مستقبل سوريا ولبنان؟ وماذا عن قلق النظام من الحلفاء «روسياوإيران»؟ كثير من التقارير الصحفية الغربية وتصريحات العديد من رؤساء العالم أبرزها تصريحات الرئيس الأمريكى باراك أوباما وكبار المسئولين الأوروبيين الذين طالبوا برحيل الرئيس بشار الأسد منذ بدايات الأزمة السورية فى مارس 2011 وحتى الآن، ولم يطرأ أى تغيير حتى وصل الأمر إلى صراع إقليمى ودولى على الأراضى السورية فيما ذهبت تلك التقارير بعيدا.. متوقعة مصير بشار الأسد «المجهول» لتطرح العديد من السيناريوهات للدول التى من المفترض أن يلجأ إليها الأسد فيما بعد المرحلة الانتقالية إذا اتفقت الأطراف الإقليمية والدولية على المصير النهائى للنظام السورى الذى امتدت فترته الرئاسية إلى 14 عاما.. فيما يواصل مدته الرئاسية الثالثة التى جرت فى شهر فبراير من العام الماضى «2014» والتى من المفترض أن تنتهى عام 2021. فيما كشف بعض تلك التقارير عن سيناريوهات الرحيل التى قد يتبعها الرئيس السورى فيما لو تم استبعاده من المرحلة الانتقالية من قبل معظم الأطراف الدولية الداعمة لذلك التوجه وعلى رأسها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى والخليج أو ما بعد المرحلة الانتقالية التى قد تمتد من ستة أشهر إلى 18 شهرا فى ظل المباحثات التى يجريها عدد من الأطراف الدولية التى لها علاقة مباشرة بالأزمة السورية وأهمها على الإطلاق إيران والعراق الداعمان للنظام السورى إضافة إلى الموقف الروسى الداعم الرئيسى للنظام منذ بداية الأزمة والذى فاجأ العالم بتدخله العسكرى فى سوريا عبر إطلاق المئات من الغارات الجوية الروسية على مئات المواقع لقوى المعارضة السورية المسلحة وبعض منها على تمركزات لتنظيم داعش وجبهة النصرة فى عدة محافظات سورية أبرزها الرقة وإدلب ودير الزور وحمص وبعض المناطق فى ريف حلب وريف حماة وريف دمشق والمنطقة الجنوبية على الحدود السورية الإسرائيلية وتحديدا فى مناطق هضبة الجولان المحتلة. ويعد قرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين «طوق نجاة» للنظام فى خضم صراعه وحربه المتصلة بدعم لوجيستى واقتصادى وعسكرى إيرانى بإعطاء الأسد فرصة كبيرة للتنفس واستعادة الثقة بعد أن شعرت موسكو أن نظام الأسد أشرف على التهاوى وأن العاصمة دمشق أصبحت على مرمى حجر من الإرهاب والتطرف بإعلانه الحرب على قوى المعارضة المسلحة وقوى التطرف والإرهاب من تنظيمى داعش وجبهة النصرة إضافة إلى مساعى موسكو فى تحسين موقف الأسد التفاوضى مع المجتمع الدولى فى أعقاب إعلان الأسد لموسكو عن استعداده للتعامل مع قوى المعارضة المسلحة المعتدلة التى تقاتل تنظيمات داعش وجبهة النصرة فى الوقت الذى تتقدم فيه تلك التنظيمات بشكل كبير، من خلال السيطرة على 13 معبرًا حدوديًا لدول الجوار السورى من أصل 20، لم يعد نظام الأسد يسيطر حاليًا إلا على سبعة معابر برية فقط، معظمها لا يعمل من بين 20 معبرًا كانوا بيد النظام فى بداية عام 2011 إضافة إلى سقوط مزيد من المدن. ومع استمرار الغارات الجوية الروسية على مواقع المعارضة المسلحة أعلنت موسكو وتحت الضغط الدولى والإقليمى عن قناعتها بأن حل الأزمة السورية يجب أن يتم عبر مرحلة انتقالية يكون الأسد شريكا فيها لفترة معينة مؤكدة فى الوقت ذاته أن مسألة بقاء «الأسد للأبد» أصبحت مسألة تكاد تكون مستحيلة فى ظل إصرار بقية الأطراف الدولية والإقليمية على أنه لا يمكن استمرار الحل الانتقالى بوجود الأسد، حتى الطرف الإيرانى الداعم للنظام للسورى قد بدا واضحا عبر تصريحات لأحد القادة الإيرانيين البارزين أن مسألة استمرار الأسد للأبد غير مطروحة على الإطلاق. ويرى بعض المراقبين أن المدة الزمنية لاستمرار الأسد فى السلطة والتى تشكل فى المرحلة الراهنة إحدى العقبات الرئيسية، وربما تكون العقبة الوحيدة أمام المباحثات التى تجرى فى «فيينا 2» بحضور 17 دولة أبرزها دخول إيران والعراق إضافة إلى روسيا كأطراف داعمة للنظام وأمريكا وفرنساوبريطانيا وألمانيا والسعودية ومصر والإمارات ولبنان والأردن «فى حين لم تمثل سوريا فى الاجتماعات بأى نوع من التمثيل سواء من قبل النظام أو المعارضة بدعوى أن كلا من موسكو وطهران يمثلان النظام حيث يجمع الفرقاء على أهمية وضرورة أن تكون مدة زمنية محددة للمرحلة الانتقالية، قدرها بعض المراقبين، من ستة أشهر إلى ثمانية عشر شهرًا يتخلى فيها الأسد تماما عن اللعبة السياسية ضمن المرحلة الانتقالية مع الحفاظ على وحدة الأراضى السورية ومؤسسات الدولة وعلى رأسها وحدة الجيش السورى، تاركا الشعب السورى وحده هو من يقرر مستقبله عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية تجرى تحت مراقبة وحماية دولية عوضا عن تهديد الدولة السورية فى وحدتها وتضعها نهبا للتقسيم والفوضى العارمة والتى من الصعوبة بمكان السيطرة عليها أو إعادتها إلى ما كانت عليه. كما يرى البعض الآخر من المحللين أن خططا بديلة قد يلجأ إليها الرئيس بشار الأسد للخروج من أزمة فقدانه السلطة بالتوجه نحو سلخ الجزء الشمالى والمتمثل فى القسم الغربى منه لإعلان إقامة الدولة العلوية فى إشارة إلى شمال سوريا «اللاذقية» استنادا إلى أنه قد سبق استخدام الحل السياسى تاريخيا قبل عام 1923 عندما أعلنت فرنسا قيام الدولة العلوية فى سوريا لحظة الانتداب الفرنسى وعاصمتها اللاذقية حيث لم يكتب لها الحياة بسبب معارضة أطياف الشعب السورى وبصفة خاصة أبناء الطائفة العلوية وهو ما أشارت إليه صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية فى ديسمبر 2012 نقلًا عن مصدر روسى بأن خطة هروب الأسد من دمشق بعد سقوطها فى أيدى المعارضة المسلحة تتضمن فى أسوأ الأحوال الانتقال إلى «بلدة علوية ساحلية» فى إشارة إلى اللاذقية ويعد ذلك السيناريو من المستبعد حدوثه فى ظل دعم الحلفاء للنظام السورى.. فيما يرى البعض الآخر منهم أن يتم اللجوء إلى لندن استنادا إلى أن زوجة الرئيس بشار «أسماء الأسد» لديها جنسية بريطانية حصلت عليها بالمولد فى بريطانيا وغادرتها عام 2000 متوجهة إلى سوريا.. كما طرحت مسألة إسبانيا على خلفية عرض قدمته إسبانيا عقب اندلاع الثورة السورية عبر رسالة خاصة من الحكومة الإسبانية فى شهر يونيو 2011 إلى الرئيس الأسد عرضت عليه خلالها اللجوء السياسى إلى أراضيها.. فيما أشارت تقارير إلى إمكانية اللجوء إلى روسيا فى إطار صفقة أو حل سياسى لم يكتمل وتناولته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية فى إطار الضغط السياسى على النظام السورى فى أعقاب اندلاع الثورة السورية وتسارع الأحداث بإعلانات ومطالبات من المجتمع الدولى للنظام السورى بالرحيل وهو ما لم يحدث طيلة الخمس سنوات الذى استطاع النظام السورى خلالها إدارة الأزمة بكل أبعادها وصراعاتها أن يصمد فى مواجهة الأمواج العاتية ليعلن على الملأ أنه يحارب الإرهاب والتطرف ممثلا فى تنظيمات «القاعدة وداعش والنصرة» التى تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين ويلقى بقضية اللاجئين السوريين على أعتاب أوروبا ليصحو المجتمع الدولى بحثا عن حل للأزمة السورية والصراع الدولى الدائر على أراضيها.