أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ الثامن من أكتوبر الحالي، على احتجاز 32 جثمانًا (منهم 4 جثامين أطفال بينهم فتاتان). واضطرت قوات الاحتلال نتيجة وحدة موقف أهالي الشهداء والالتفاف الشعبي والضغوط القانونية والدولية إلى تسليم جثامين تسعة شهداء، وأبلغت جهات رسمية نيتها تسليم جثامين 9 شهداء آخرين، لكنها سرعان ما تراجعت عن ذلك بسبب رفض ذوي الشهداء شروط التسليم التي تتنافى مع الاعراف الدولية بخصوص الدفن بما يضمن كرامة الإنسان حيًا أو ميتًا، وبالتالي يكون عدد الجثامين التي ما زالت محتجزة منذ بداية شهر أكتوبر المنصرم وحتى هذا التاريخ 23 جثمانًا، يضافون إلى قرابة 268 جثمانًا محتجزين في مقابر الأرقام - بعضهم منذ عقود - و19 جثمانًا تم احتجازها في الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وتفرض اتفاقية جنيف الرابعة والبروتكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الذي يعتبر جزءًا من القانون الدولي العرفي الملزم لجميع الدول، بشكل صريح دفن من يسقطون في أعمال القتال باحترام واتباع إجراءات تتناسب وثقافتهم الدينية، وبمجرد أن تسمح الظروف، عليها واجب تقديم بيانات ومعلومات وافية عنهم، وحماية مدافنهم وصيانتها وتسهيل وصول أسر الموتى إلى مدافن الموتى واتخاذ الترتيبات العملية بشأن ذلك، وتسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم. كما تخالف الممارسات الإسرائيلية بهذا الشأن قرارات المحاكم الإسرائيلية، ومنها محكمة العدل العليا التي اعتبرت أن مبدأ الكرامة الإنسانية ينطبق على الجثث مثلما ينطبق على الأحياء ويمتد ليشمل أسر الضحايا وذويهم. يذكر أن قيادة جيش الاحتلال كانت قد قدمت التزامًا للمحكمة العليا الإسرائيلية في جلسة عقدت للنظر في تسليم الجثامين المحتجزة، بتاريخ 13 يوليو الماضي، بأنها سوف تتوقف، اعتبارًا من ذلك التاريخ، عن احتجاز الجثامين، وأنها سوف تعيد الجثامين التي تحتجزها بعد التعرف عليها بواسطة الفحص الجيني (ال دي أن ايه). ويأتي احتجاز الجثامين ضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وأخطر ما فيه أنه يمنع إجراء تشريح عدلي للجثامين، وبذلك يتم اخفاء جزء من الأدلة والبراهين على جرائم القتل خارج نطاق القانون، وبدون أي تهمة واضحة كما حدث في حالة اغتيال الطفل معتز عويسات على سبيل المثال، والذي أطلق جنود الاحتلال النار عليه في منطقة جبل المكبر حيث كان متوجها إلى مقاعد الدراسة. كما تخفي سلطات الاحتلال أي معلومات حول هذه الجثامين، ولا تعطي عائلاتهم شهادات وفاة حسب الأصول، وفي بعض الحالات تعتقل سلطات الاحتلال أحد أفراد عائلته للتحقيق أو الاعتقال الإداري أو تقوم بإخطار عائلته بهدم منزلها.