إعداد – ياسر الغبيري إشراف – سامح قاسم أنا الأديب وأبوالأدباء.. اسمي بإذن الله خالد.. وشعري مفرود الرقبة.. زي الألف.. ورقم واحد.. من أروع ما كتب شاعر العامية فؤاد حداد الباق بأشعاره التي لمست وجدان الشعب، ويعد فؤاد حداد من أبرز شعراء العامية في منتصف القرن العشرين، والمؤسس الحقيقي لشعر العامية الملحمي في مصر، وكان دائمًا ما يعرف نفسه قائلًا: "أنا والد الشعراء فؤاد حداد"، كما لقب ب"فنان الشعب"، حيث استلهم من الشعب المصري، عددًا من الملاحم التي كتبها، مثل "أدهم الشرقاوي"، وكانت قصائده تلمس وجدان الشعب المصري لأنها تحمل قضايا اجتماعية، ودائمًا كان ينحاز للناس فكانت قضية الفقراء والمحرومين والمعذبين من أبناء الشعب هي التي طغت على أعماله. عاشق العربية اختار "حداد" الانتماء للجذور والثقافة العربية التي كان يعشقها، وقد بلغ عشقه للغة العربية إلى درجة إنه وهو مسيحي الديانة كان يدير تسجيلات القرآن الكريم في البيت، وكان التمرد سمة من سمات حداد حتى تمرد على رغبة والدته التي كانت لا تتحدث معه إلا بالفرنسية في المنزل ومدرسته الفرنسية كانت تفرض عليه التحدث باللغة الفرنسية ويمنع عليه وعلى باقي الطلاب التحدث بالعربية، وتعلم في مدرسة الفرير ثم مدرسة الليسيه الفرنسيتين، وكانت لديه منذ الصغر رغبة قوية للمعرفة والاطلاع على التراث الشعري الذي وجده في مكتبة والده، وكذلك على الأدب الفرنسي من أثر دراسته للغة الفرنسية، جاء نشاطه الأدبي متزامنًا مع نشاطه السياسي عام 1944 وهو تلميذ بالمدرسة، حيث كان ينشر قصائده في الدوريات الأدبية والجرائد الحزبية. أول دواوين فؤاد حداد كان اسمه "أفرجوا عن المسجونين السياسيين"، وقد صدر هذا الديوان عام 1952 تحت اسم "أحرار وراء القضبان" بسبب الرقابة، اعتقل فؤاد حداد عام 1953 لأسباب سياسية، ثم عاد واعتقل مرة أخرى، لم تؤثر فيه فترة الاعتقال بل جعلته أقوى وعندما خرج من المعتقل عاد لحياته بشكل طبيعي. ويقول في إحدى قصائده "يا جموع الفقراء يمموا غار حراء سيرى هذا التراب بعيون لا تراب عسجديا مسجديا طأطأت فيه الحراب" إبداع لا ينتهي ومن دواوين الشاعر فؤاد حداد "حنبني السد" 1956 ومن أهم دواوينه "قال التاريخ أنا شعر إسوَد"، ديوان ترجم فيه الشاعر مختارات من الشعر الفيتنامي 1968، "المسحراتي" 1969، ومن أبرز القصائد التي كتبها: "سلام" و"حسن أبوعليوه"، "الاستمارة"، "الكحك"، "النسمة هلت"، "والله زمان"، "يا هادي"، "بعلو حسي"، "افتح يا سمسم"، "في الغيط نقاية"، "عنتر"، "ألف باء"، "هلال"، "حرفة هواية"، "التبات والنبات"، "دواليب زمان"، "على باب الله"، "الأرض بتتكلم عربي". "كلمة مصر" 1975، من نور الخيال وصنع الأجيال في تاريخ القاهرة' 1982، "استشهاد جمال عبدالناصر" 1982، 'الحضرة الزكية' 1984، 'الشاطر حسن' 1985، 'الحمل الفلسطيني' 1985 "أشعار فؤاد حداد" ويضم خمسة دواوين 1984 وكذلك "ميت بوتيك" و"يا اهل الأمانة" و"أيام العجب والموت" و"يوميات العمر الثاني – ديوان أم نبات حققه فؤاد حداد" وغيرها.. إلى جانب قصة "الأمير الصغير" لأنطوان دي سان إكزوبري التي ترجمها عن الفرنسية إلى مسرحية غنائية بالعامية المصرية. تجربته مع المعتقل كانت رغباته منذ نعومة أظفاره، هي بوصلة حياته التي دائما ما وجهته ليكتشف عالمه العجيب، ساهمت قصائده الشعرية وآراؤه السياسية للزج به بين جدران المعتقل السياسي، مرتين، تحولت فيهم حياته واعتنق الإسلام، وكان يتعامل مع جدران المعتقل بلفسفة نادرة حيث قال الشاعر فؤاد حداد، "أنا ربنا جاب لي مصر كلها وحطها معايا في المعتقل شفت الناس من النوبة وناس من الصعيد وناس من بحري ومن إسكندرية ومن كل أنحاء الجمهورية جاءوا قعدوا وبيقولوا بقى بأغنيهم بحكايتهم". تم اعتقال فؤاد حداد للمرة الأولى بسبب تبنيه للفكر الشيوعي، من عام 1953 إلى 1956 وقد أفرج عنه لمدة شهرين فقط عام 1954 وفى هذه الفترة كتب الشاعر ملحمة الشهيد الإيرانى التي اعتبرها انطلاقة شعرية جديدة له ويتجلى فيها تضامنه مع حركات التحرر والمقاومة في العالم أجمع وتضم هذه الملحمة عدة قصائد عن كفاح وبطولات الشعب الإيرانى وقت تأميم البترول وفيها يقول على لسان الشهيد مخاطباُ أمه "مش حملتينى تسعة اشهر ضنى وحملتينى تسعة اشهر آمال احملينى وانا في العشرين سنه وخطوط الدم من صدرى طوال احملينى في التاريخ مطّمنه تعرفى الرد على كل سؤال أسلحتنا من القلوب المؤمنه العيال في الحرب يا أم العيال امسحى دموعك وبلينى غنا واضحكى لى الأم تضحك في النضال" وفى نفس الوقت كتب قصائد "مدافع فيتنامية" تحكى عن كفاح الشعب الفيتنامى ضد الاستعمار وقد ضمهم ديوانه "بقوة الفلاحين وقوة العمال" الذي صدر في عام 1968. وبعد خروجه من المعتقل الأول 1956 أصدر ثانى دواوينه "حنبنى السد" وعنوانه دليل واضح على ما يحتويه من قصائد ومنذ ذلك التاريخ كان فؤاد حداد يكتب الديوان الشعرى وحدة متكاملة وليس تجميعًا لقصائد. اعتقل فؤاد حداد للمرة الثانية من أبريل 1959 إلى أبريل 1964 وفى هذه السنوات الخمس كتب كثيرًا فلم تكن أيامًا عجافًا داخل الأسوار والتعذيب بل فجرت بداخله طاقات فذة وصنعت تراثًا فريدًا؛ ففى أيام التعذيب في معتقل العَزَب قرر أن يكتب كل يوم قصيدة ليرفع من الروح المعنوية لزملائه مثل "الفجر حتى في العزب حتى ولو خفت النهار فجر وجميل قلبى اللى بالسلك انضرب وبكل أنواع الحصار الفجر شفته من الطرب تحت العصافير الصغار غصنًا يميل". فنان الشعب أطلق عليه فنان الشعب، حيث استلهم من الشعب المصري، عددا من الملاحم التي كتبها، مثل أدهم الشرقاوي. كتب "المسحراتي" لسيد مكاوي 1964 وكتب له البرنامج الإذاعي "من نور الخيال وصنع الأجيال" 30 حلقة عام 1969 والذي كانت أغنية "الأرض بتتكلم عربي" قطعة منه، أصدر 33 ديوان منها 17 ديوان أثناء حياته والباقي بعد وفاته ولابنه الأكبر هو الشاعر أمين حداد، وهو يعتبر أحد الشعراء الذين خرجوا من عباءة والده مسحراتي الشعراء، وله ابن آخر هو أيمن حداد ويعمل في مجال المسرح.