أكد الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء والوجه البحري بوزارة الآثار، أن الصعايدة مجتمع متحضر عاشق للجمال استخدم أدوات راقية للمائدة منذ عام 4500 ق.م أى منذ أكثر من 6500 عام، مشيرا إلى أن بعثات الآثار المصرية والأجنبية بمنطقة البدارى بأسيوط كشفت عن مقتنيات تؤكد هذا المعنى. وأضاف أن من بين ما تم الكشف عنه ملاعق مصنوعة من العاج، أي عرفوا أدوات الطعام الراقية، وكانت الملاعق ذات تجاويف مربعة أو مستطيلة أو بيضاوية وصنعوا لها مقابض بأشكال زخرفية وأشكال على هيئة طيور وحيوانات كما ابتكروا طريقة استخراج الزيوت من النباتات العطرية، واستخدموها فى تنظيف البشرة وتنعيمها وإعطائها رائحة ذكية طبقًا لما جاء فى كتاب "أم الحضارات" للكاتب مختار السويفى تقديم الدكتور جاب الله على جاب الله أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق. وأضاف "ريحان"، ل "البوابة نيوز" اليوم الخميس، أن حفائر البدارى كشفت عن مصاحن مصنوعة من حجر الإردواز الناعم والتى كانت تستخدم لطحن مواد الزينة ومكياج النساء ومن هذه المواد كبريتيد الرصاص وأكسيد الحديد والراتنج والملاخيت لتلوين العيون ودلت بقايا الجماجم والهياكل العظمية على أن هؤلاء المصريين الأوائل فى صعيد مصر كان شعرهم أسود أو بنى وتم العثور على أمشاط للشعر ذات أسنان طويلة متقاربة وضيقة الفتحات مصنوعة من العظام وأخرى من العاج ومزينة بأشكال آدمية وحيوانية وطيور. ونوه "ريحان"، إلى كشف عدد كبير من القلائد التى كانت تعلق بالصدر والأساور والخواتم والأقراط والأحزمة والمآذر المزينة بالخرز الملون كما ابتكر أهل البدارى فناً جديداً لنحت التماثيل االصغيرة فقد عثر فى مقابرهم على مجموعة من تماثيل النساء مصنوعة من الصلصال والفخار والعاج وهى الإرهاصات الأولى لفن النحت الذى تطور بعد ذلك حتى أصبحت مصر رائدة فن النحت فى العالم كما عرفوا تعدين النحاس واستخرجوه من سيناء والصحراء الشرقية كما صنعوا نوعاً من الحلى من العاج وقشر بيض النعام مما يدل على صلاتهم بمناطق النوبة العليا ووسط أفريقيا لوجود الأفيال التى تصنع من أنيابها وأسنانها قطع الحلى كما صنعوا حلياً من الصدف والفيروز مما يدل على رحلاتهم للحصول عليها من سيناء والبحر الأحمر. وتابع أن أهل البدارى بطّنوا جدران مقابرهم بالحصير، وكانوا يضعون جسد الميت على لوحة من الخشب أو الحجر وهى طريقة لم تكن مستخدمة من قبل وربما كانت هذه الطريقة هى نواة لفكرة صناعة التابوت الخشبى أو الحجرى، وكانوا يلفون أجساد موتاهم بأكفان من الكتان أو الجلد واحترموا الحيوان، وكانوا يلفون جثمانها بالكتان ويدفنوها فى مقابر خاصة وكان لديهم مشاعر أسرية مستقرة تظهر فى التعاطف مع الميت والحرص على راحته الأبدية ومن المشاعر السامية المعبرة عن تلك الأحاسيس الراقية حرصهم على وضع باقة الزهور العطرية بالقرب من صدر الميت.