«عبلة»: يجب ألا ندخل فى مناقشات جدلية.. والوزير مطالب بتفعيل تصريحاته شاكر عبدالحميد: مصر ليست علمانية ولا دينية لم يحظ وزير الثقافة حلمى النمنم فى معركته الأخيرة أمام السلفيين بالتأييد الكافى من قبل المثقفين، فبعد تصريحه الأخير حول علمانية الدولة، هاجت قيادات حزب النور والسلفيين ضده وطالبوا بإقالته أو الاعتذار والتراجع عن تصريحاته، التى اعتبروها مسيئة، وفى المقابل لم يحرك أى من المثقفين ساكنا وكأنها معركة الوزير وحده، عدد من المثقفين امتنع عن الإدلاء برأيه معتقدا أن النمنم أراد بذلك أن يكتسب موافقة جماعية على كونه وزيرًا للثقافة، كما هناك من امتنع عن مساندة الوزير فى معركته مع السلفيين وحزب النور خوفًا من أن «يحسب عليه» على حد قولهم. عدد آخر من المثقفين طالب بحل حزب النور نفسه لمخالفته مواد الدستور؛ وعندما سألناهم عن موقفهم من تصريحات الوزير جاءت آراء عدد كبير منهم مؤيدة لموقف النمنم، مؤكدين أن علمانية الدولة هى الضمانة الوحيدة لحرية الإبداع وكان من ضمنهم د. خالد عزب، والفنان التشكيلى محمد عبلة الذى طالب بتفعيل هذه التصريحات، ووزير الثقافة الأسبق د. شاكر عبدالحميد، والشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة. الدكتور خالد عزب رئيس قطاع الخدمات والمشروعات بمكتبة الإسكندرية، قال: على أرض الواقع إن الإسلام ليس فيه سلطة دينية، وجاء الإسلام فى فترة كان رجال الدين يمثلون السلطة الدينية فى كل أنحاء العالم، هو صاحب الثورة على رجال الدين «والدليل أن الإمام أبو حنيفة وهو الإمام الأعظم، كان يعمل تاجرًا، وهناك عدد كبير من الأئمة فى ذلك التوقيت يعملون أيضًا بالتجارة، ولم يكن هناك رجال دين يمثلون السلطة». وأضاف عزب أن هناك تفسيرات مغلوطة للإسلام، حملت الدين ما لم يحتمل «وهذا يتفق تماما مع رؤية حلمى النمنم أن الدولة علمانية ولا يجب أن تكون هناك سلطة دينية، متمنيًا أن يحول النمنم مثل هذه التصريحات إلى أفعال»، مؤكداً أن أداء النمنم مبشر فى الوزارة «فهو رجل مثقف كبير، وعلى الرغم من قصر مدة توليه الوزارة اتخذ عددا من القرارات الهامة»، كان أبرزها عودة أنور مغيث رئيسًا للمركز القومى للترجمة، وتعيين هيثم الحاج رئيسا للهيئة العامة للكتاب، واختيار د. شريف شاهين رئيسًا لدار الكتب وهو أحد أبرز الخبراء العرب فى علم المكتبات «وبالتالى فإن اختياراته يحكمها الكفاءة وبعيدة عن العلاقات الشخصية، مستنكرًا موقف المثقفين الذى رفضوا مساندة النمنم لمجرد أنه أدلى بتصريحات تعبر عن رأيه، بحجة اكتسابه لمصداقية واعتراف من المثقفين به كوزير». وجاء رأى الفنان التشكيلى محمد عبلة متحفظًا على تصريحات الوزير، حيث طالب النمنم بتحويل مثل هذه التصريحات إلى سياسة تنتهجها الوزارة حتى تصبح مصر دولة علمانية، وألا يدخلنا فى حالة جدلية بلا طائل منها لا تقدم ولا تؤخر؛ وأضاف أنه علينا العمل كثيرًا فى مجال الثقافة حتى تكون مصر دولة مدنية حقيقية، وعلمانية كما قال الوزير، حتى لا ندخل فى دائرة التصريحات والتصريحات المضادة، متمنيًا أن يكون منهج النمنم فى سياسة وزارة الثقافة مدنيا. وفى نفس السياق أوضح الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق، أن مصر ليست دولة علمانية ولا دولة دينية كما قال النمنم، وأن العلمانية ليست فطرة، إنما هى اكتساب وممارسة، لكن فى النهاية مصر دولة مدنية منذ قديم الأزل؛ مؤكداً أن المصرى بطبيعته يرفض القيود الدينية ويحب الحياة والثقافة والحضارة، مضيفًا أن القيود الدينية بشكل عام تقيد الحريات، وأن تصريحات حزب النور دائمًا ما تثير السخرية، فهم منعزلون عن العصر، وأشار إلى أنه فى النهاية يتفق مع النمنم فى تصريحاته حول علمانية الدولة رغم اختلافه معه فى تفسير المعنى، متمنياً أن تكون مصر دولة علمانية. فيما أوضح الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة أن موقفه لا يختلف كثيرًا عن تصريحات النمنم الأخيرة، مؤكدًا أنه واحد من المثقفين التنويرين الذين يطالبون بالفصل بين السلطة الدينية والسلطة المدنية، وهذه الآراء ليست جديدة بل معلنة لعدد من المفكريين، مؤكدًا أن هذه التصريحات ليست خروجا عن القواعد والقيم الدينية الثابتة. وأكد أبوسنة أن حزب النور يحاول تسييس مثل هذه التصريحات من أجل خدمة المعركة الانتخابية، مطالبًا الدولة أن ترسم سياستها الثقافية بعيدًا عن المؤثرات الدينية، لأن مثل هذه المؤثرات سوف تجرنا بكل تأكيد إلى إخضاع الإنتاج الثقافى إلى مقاييس ضعيفة جدًا، لا يمكن قبولها ولا يمكن العمل فى ظلها أو تحت قوانينها، لأنهم لا يفهمون ولا يعون حرية الإبداع، وبدون حرية إبداع لا وجود للثقافة، مؤكدًا أن النمنم ليس فى حاجة إلى افتعال مثل هذه المعركة لكى يكسب مصداقية كوزير للثقافة بمثل هذه التصريحات.