ما أشبه اليوم بالبارحة، رئيس يتعجل الحرب، والكونجرس يسيطر عليه الحزب الحاكم.. لم يختلف الوضع كثيرًا في 2013 عما كان عليه في عام 2003 ربما امتلك الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بعضًا من أسلحة الدمار الشامل، كما يفعل الرئيس السوري بشار الأسد، لكن شيئًا غير ذلك ربما كان غرور القوة الأمريكي هو ما يذهب بالوضع إلى حالة الحرب. ولعل العامل الحاسم في الحالتين كان رأي الشارع فقد أيّد الأمريكيون بقوة الحرب على نظام صدام حسين، لكنه وقف بقوة أيضًا في وجه الحرب على نظام الأسد، متأثرًا بالخسائر المادية والبشرية في حرب العراق. الإدارة الأمريكية لعبت دورًا قويًا في الحالتين وحاولت دفع الأمريكيين بقوة لتأييد قرار الحرب، ففي حالة الرئيس جوج دبليو بوش وقفت الإدارة الجمهورية للبيت الإبيض بقوة في وجه الاعتراضات الضعيفة على الحرب، تمامًا كما فعلت إدارة الرئيس باراك أوباما الديمقراطية في حالة سوريا لإقناع الأمريكيين الرافضين لقرار الحرب. ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست وشبكة تليفزيون “,”إيه. بي. سي. نيوز“,” في أغسطس 2002، ظهر أن غالبية الأمريكيين يؤيدون عملًا عسكريًا أمريكيًا للإطاحة بصدام حسين، وبلغ حجم التأييد الشعبي لشن حرب على العراق 69 في المئة. وفي أكتوبر من نفس العام حصل جورج دبليو بوش على موافقة الكونجرس بعد خلافات عديدة مع أعضائه من الحزب الديمقراطي، كما عارض الكثيرون حملة غزو العراق لكونها برأيهم تخالف القوانين الدولية. وقبيل بدء الحملة العسكرية حاولت الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة الحصول على تشريع دولي للحملة العسكرية من خلال الأممالمتحدة ولكن هذه المحاولات فشلت. تقارير الصحف الأمريكية تقول إن أغلب أعضاء الكونجرس الأمريكي يعارضون تفويض أوباما في شن عمل العسكري، لكن الأبرز أيضًا هو أن استطلاعات الرأي تظهر أن الأمريكيين يعارضون الحرب أيضًا، مشيرة إلى تأثر الرأي العام الأمريكي بخسارة أمريكا البشرية والاقتصادية في حرب العراق، فالتقديرات الدولية تشير إلى أن غزو العراق تسبب في أكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي في عدة عقود. وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بالتعاون مع شبكة “,”إيه بي سي نيوز“,” الشهر الجاري أعلن غالبية الأمريكيين معارضتهم لشن هجوم ضد نظام الأسد ووفقًا للصحيفة فإن ستة من كل عشرة أشخاص يعارضون ضرب سوريا رغم إصرار الإدارة الأمريكية على أن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. تصريحات جورج دبليو بوش لا تختلف كثيرًا عن تصريحات باراك أوباما في الحالتين، فكلاهما كان عازمًا على الحرب، وإن اختلفت دعاوى كل منهما وأسبابه ورغبته في شن الحرب. ففي تصريحات له قبل عام على الحرب ضد العراق في مارس 2002 قال بوش إن “,”هذه الإدارة عندما تقول إنها ستقوم بشيء ما فذلك يعني أنها تعتزم القيام به، إننا عازمون على شن الحرب على الإرهاب، هذه ليست استراتيجية على المدى القصير بالنسبة لنا“,”. وأضاف بوش، في تصريحات للصحفيين، أن التاريخ دعا بلاده للتحرك “,”بهدف جعل العالم أكثر سلامًا وأكثر حرية“,”، مؤكدًا أن واشنطن لن تفوت هذه الفرصة. على نفس النهج كانت تصريحات أوباما حول ضرب نظام الأسد سوريا عقابًا له على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه في الثورة المستمرة منذ عامين ونصف العام والمطالبة بإنهاء حكمه. قبل عام أيضًا على تصاعد الأزمة في سوريا، وفي أغسطس 2012 قال أوباما عبارات مشابهة بشأن سوريا كتلك التي قالها سلفه جورج دبليو بوش بشأن العراق، فهدد أوباما بعمل عسكري أمريكي ضد الأسد، محذرًا بأشد تعبيرات حتى الآن من أن أي محاولة لنشر أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو استخدامها سيكون في نظر الولاياتالمتحدة عبورًا لخط أحمر. وأشار أوباما، إلى أنه أحجم في هذه المرحلة عن الأمر بتدخل عسكري أمريكي في الصراع الدائر في سوريا، وقال إنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا تقاعس الأسد عن تأمين أسلحته للدمار الشامل. الثابت أن إدارة أوباما لأزمة سوريا تتشابه كثيرًا مع إدارة جورج دبليو بوش لأزمة العراق، لكن أوباما لا يرغب في أن يقر بذلك، نظرًا للخوف من المعارضة التي نتجت من غزو بوش للعراق. هناك وجه شبه أيضًا، تصريح كل من بوش وأوباما بأنه ليس بحاجة لتفويض من الكونجرس لشن الحرب على العراق، لكن كلاهما لجأ إلى الكونجرس في النهاية. الغريب أن الديمقراطيين المؤيدين لحرب أوباما على سوريا يعيدون كتابة التاريخ وينكرون قناعاتهم السابقة بأن الحرب على العراق كانت خطأ، مشيرة إلى أن الديمقراطيين احتفظوا بموقف معارض لغزو الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش للعراق في عام 2003 . ومن المفارقات أيضًا أن اثنين من الداعمين لتحرك أوباما العسكري ربما نسوا تفاصيل الجدل حول غزو العراق، حيث إن وزير الخارجية الحالي جون كيري كان معارضًا لدعوة بوش لتفويضه بعمل عسكري في العراق عندما كان عضوًا بمجلس الشيوخ الأمريكي. وتابع الموقع، أن النائبة ديبي وازرمان شولتز حاولت إظهار اختلاف بين الموقف في حالة الحرب على العراق عنه في حالة العمل العسكري على سوريا، وقالت إن أوباما لديه دعم دولي حيال سوريا على عكس الوضع في إدارة بوش التي وقفت بمفردها في حالة العراق .