رأى الكاتب ومراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في الشرق الأوسط، باترك كوكبيرن، أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، وعلى الرغم من زيادة تدويله للصراع، فإنه يقدم فرصًا جديدة وفي الوقت نفسه يضيف مزيدًا من التعقيدات. وقال كوكبيرن، في مقال نشرته الصحيفة البريطانية اليوم الأحد، إنه لا توجد حلول بسيطة لهذه الحرب الرهيبة التي دمرت سوريا التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، منهم أربعة ملايين لاجئ في الخارج وسبعة ملايين شردوا داخل البلاد. وأشار إلى تواجده مؤخرًا في المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية شمال شرق سوريا، حيث يظهر الدمار في مدينة كوباني وكأنه صور "لستالينجراد بعد المعركة"، ونوه إلى أن الأمر الهام هو أنه على الرغم من طرد تنظيم "داعش" الإرهابي من البلدات والقرى ينتاب أهل هذه البلدات والقرى رعب شديد من العودة مرة أخرى. ولفت كوكبيرن في مقاله إلى أن السوريين لهم كامل الحق في الرعب من العودة، فهم يعرفون أن ما يحدث على أرض المعركة اليوم قد يتكرر غدا، وفي هذه المرحلة، فإن الحرب مزيج سام من المواجهات والأزمات المختلفة، التي تنطوي على المستفيدين داخل وخارج البلاد. وقال إن الصراعات المتداخلة للمستفيدين تضع قوة الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الانتفاضة الشعبية، والشيعة ضد السنة والأكراد ضد العرب والترك، وداعش في مواجهة الجميع، فضلًا عن وقوف إيران ضد المملكة العربية السعودية وروسيا ضد الولاياتالمتحدة. وأوضح أن واحدة من العديد من المشاكل تكمن في أن هؤلاء المستفيدين أقوياء بما يكفي للمحاربة داخل مناطق نفوذهم ولكنهم أضعف من أن يقاتلوا خارج تلك الأطر ولذلك رأى أن تدخل موسكو قد يكون له تأثير إيجابي، حيث إن روسيا شخصية ذات ثقل، وقادرة على تشكيل الأحداث من خلال الإجراءات الخاصة بها والتي تؤثر بشدة على سلوك حلفائها وأتباعها. وأشار كوكبيرن إلى قول الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مؤتمر صحفي عقب الضربات الجوية الروسية "إننا لن نحول سوريا إلى حرب بالوكالة بين الولاياتالمتحدةوروسيا"، غير أن المراسل البريطاني يرى أن الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، والمنافسة العالمية التي واكبت ذلك، كانت لها فوائد عادت على الكثير من دول العالم. وأوضح أن كلًا من القوتين العظميين سعى لدعم حلفائه الخاصة ومنع الفراغ السياسي من التطور الأمر الذي يمكن أن تستغله القوة الأخرى، ويرى الروس والأمريكيون أنهم في مواجهة مخاطر انزلاقهم بالكامل في حرب خارج نطاق السيطرة وإثارة أزمة دولية. وقال إن تدخل روسيا يمكن أن يكون إيجابيًّا في تهدئة الحرب في سوريا والعراق، ولكن قراءة نص المؤتمر الصحفي لأوباما يقترح فقط فهمًا محدودًا لما يحدث هناك، حيث إن سوريا جزء واحد فقط من الصراع الهائل بين الشيعة والسنة، ورغم تواجد صراع أكبر من ذلك بين السنة والشيعة في العالم، فإن ذلك ليس في هذه المنطقة تحديدًا، مسلطًا الضوء على تواجد أكثر من 100 مليون من الشيعة و30 مليونًا من السنة في المنطقة بين أفغانستان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط - إيران والعراق وسوريا ولبنان. وأشار في ختام تقريره إلى أن السلام لا يمكن أن يعود إلى سوريا والعراق إلى أن تتم هزيمة داعش والقضاء عليه، وهذا لا يحدث إلى الآن، فلم تنجح الحملة الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد داعش، ولم تخر قوى المتشددين تحت وطأة الضربات الجوية، ولكن يقبعون في جميع أنحاء المناطق الكردية السورية والعراقية على نفس الأرض التي أصابتها الضربات أو يتوسعون.