لا يزال جمال عبد الناصر رجل البريق الأول، يخطف النور من كل من يحوم حوله، أو يقترب منه، يطل فى كل حدث تشهده مصر الآن. فى افتتاح قناة السويس الجديدة كان حاضرًا، عبد الفتاح السيسى يلقى خطبته، بينما صوت «ناصر» يهزّ الراديو. فى عزل «الإخوان» أذاعت القنوات خطبه وخطاباته واعترافاته النارية عن «الجماعة». ورغم أن «السيسى» يشبه فى أدائه وحضوره وحركاته وطلّته الرئيس السادات وحتى فى طريقة الإدارة ب«الصدمات».. إلا أن المصريين رأوا أنه نسخة من «عبد الناصر». سألت المقرَّبين من الرئيس.. فى أى شىء يشبه السيسى عبد الناصر؟.. قالوا: فى إنجازه. كان السؤال الثانى مخيفًا، وإجابته أكثر إحراجًا.. وهل ل«عبد الناصر» إنجازات؟ من وجهة نظر البعض لا إجابة. السؤال الثالث.. لماذا رفع المصريون صورة «عبد الناصر» فى ميدان «التحرير» مصحوبًا ومشفوعًا بهتافات «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»؟ ما الذى يعرفه «عبد الناصر» عن كل هذه المعانى؟ يقولون غرقت مصر معه فى ظلام البوليس السياسى ودوريات نصف الليل فى عصره، ومات المصريون من الجوع، وتحول رجال الثورة إلى بارونات، ورجال أعمال، ومليارديرات.. جعلوا مصر على كف عفريت. لكن ظل «عبد الناصر» هرمًا تعجز حملات التشويه عن حصاره، واغتياله، أو الانتقاص من قدره، وحتى الآن. مصر قبل «ناصر» ليست مصر بعده.. ولأن المجد للبدايات.. فالسؤال الآن: من أين أتى جمال عبد الناصر؟ الاجابة عند هدى، سر أبيها، فى أوراقه الخاصة التى صدرت عن الهيئة العامة للكتاب بمناسبة مرور 60 عامًا على ثورة «23 يوليو». مرت أمس الذكرى ال45 لوفاة «عبدالناصر» المعلنة، بينما هو فى العقل الجمعى للمصريين لم يمت، لا يزال الرجل حيًا. تستحق ظاهرة جمال عبدالناصر أن تدرس. أن تكتب الكتب، وتوضع رسائل الدكتوراه كيف لرجل أن يحظى بكل هذا البريق. بعد هزيمة 76 اختار «عبدالناصر» بحكم المسئولية أن يخرج، أن يعلن تنحيه عن الحمم. خرجت الملايين تنادى: «سنحارب.. لا تتركنا». كان السؤال الذى وجهه «عبدالناصر» للأستاذ حسنين هيكل: «ليه؟». نحتاج أن نعيد الدراسة ألف مرة لنعرف الإجابة عن السؤال. ربما «هيكل» نفسه ربيب «عبدالناصر» ومفكره، وسره، لا يعرف الإجابة. هنا اخترنا أن نحتفل ب«عبدالناصر» على طريقة خاصة، لن نكتب عنه، فقد قيل الكثير. لن نعيد تقييم التجربة «عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت». ننشر هنا مجموعة من الرسائل الخاصة لجمال عبدالناصر، منه وإليه، منه إلى زوجته تحية، وإليه من والده، وأشقائه، وأصدقائه.