استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد 5-5-2024 مقابل الجنيه في البنك الأهلي بالتزامن مع إجازة عيد القيامة والعمال    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    وزيرة إسرائيلية تهاجم أمريكا: لا تستحق صفة صديق    تشكيل ليفربول المتوقع ضد توتنهام.. هل يشارك محمد صلاح أساسيًا؟    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثي سير منفصلين بالشرقية    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    الإسكان تنظم ورش عمل حول تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    ماكرون يطالب بفتح مجال التفاوض مع روسيا للوصول لحل آمن لجميع الأطراف    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    فيديو.. شعبة بيض المائدة: نترقب مزيدا من انخفاض الأسعار في شهر أكتوبر    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الزراعة: حديقة الأسماك تستعد لاستقبال المواطنين في عيد شم النسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    حدائق القاهرة: زيادة منافذ بيع التذاكر لعدم تكدس المواطنيين أمام بوابات الحدائق وإلغاء إجازات العاملين    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    السيطرة على حريق التهم مخزن قطن داخل منزل في الشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    تامر حسني يدعم شابا ويرتدي تي شيرت من صنعه خلال حفله بالعين السخنة    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ محمد حسنين هيكل: أرى أمامى بلدا ينتحر بدعوى الحرية
السيسى مرشح ورئيس الضرورة..وأدعو لجبهة وطنية تتوافق على وضع مصر على طريق المستقبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2014

بين «سؤال المستقبل» و«سؤال اللحظة»، وحول مصر ومشكلاتها وآمال شعبها ورئيسها المنتظر، أجرى عدد من كبار الكتاب والصحفيين والأدباء حوارا مع الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل على مدى نحو مائة وأربعين دقيقة هى مدة أُولى حلقات «صالون التحرير» مع الكاتب الصحفى والإعلامى عبد الله السناوى على فضائية التحرير، والتى أذيعت أمس.
وقال هيكل، ضمن ما قاله فى حديثه المطوّل، إن مصر تواجه ثلاث مشكلات رئيسية لايمكن لها التقدم خطوة واحدة نحو طريق المستقبل قبل أن تجد لكل منها حلا، وهى مشكلات المياه والطاقة والغذاء. وشدد على ضرورة تشكيل جبهة وطنية جامعة لكل الأحزاب والقوى السياسية لتعمل معا من أجل مواجهة تحديات الأزمة المحدقة بالوطن.
وفيما وصف «الأستاذ»، المشير عبد الفتاح السيسى بأنه «مرشح ورئيس الضرورة»، إلا أنه قال إنه بصدد مهمة «شبه مستحيلة». وردا على سؤال لمدير الصالون الكاتب الصحفى والإعلامى عبد الله السناوى حول رؤيته للتوفيق بين طرفى معادلة «الأمن والحرية»، قال هيكل إنه يرى وطنا «ينتحر باسم الحرية» على حد تعبيره.
وشارك فى إدارة الحوار مع هيكل الدكتور مصطفى حجازى المستشار السياسى والاستراتيجى لرئيس الجمهورية والروائيان الكبيران بهاء طاهر ويوسف القعيد والأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عماد جاد، والكاتبة الصحفية والإعلامية فريدة الشوباشي، والأستاذ محمد عبد الهادى علام رئيس تحرير جريدة الأهرام.
افتتح السناوى صالونه بطرح سؤال المستقبل على الأستاذ هيكل قائلا ان البلد الآن وهو بلد قلق على مستقبله يريد أن يعرف موطئا لأقدامه ويبحث عن أمل، مشاكله تطرح نفسها بقسوة على الرئاسة المقبلة وسط ألغام كثيرة، فكيف يفكر الأستاذ هيكل الآن فى المستقبل ماهى ملفاته الملغمة وما السؤال الرئيسى الذى يطرح نفسه بقوة على مصر الآن؟
أجاب الأستاذ هيكل فقال: فيما يتعلق بالمستقبل، لابد أن أقول شيئا مهما جدا، لأنه قبل الحديث عن المستقبل لابد أن تكون متأكدا أنك على طريق المستقبل، أعتقد أننا بعيدون جدا عن طريق المستقبل وأول خطوة لابد أن تفعلها هى أن تتأكد أنك بالفعل على طريق المستقبل لكنك بعيد جدا.
لابد أن تضع نفسك على طريق المستقبل فلايمكن أن نتكلم عن مستقبل وليس أمامنا طريق، فى هذه اللحظة تقريبا نحن فى حالة تيه فى الصحراء، ولديك ثلاث قضايا تمنعك من أن تفكر فلابد أن تحلها لكى تكون لديك صورة معقولة.
أنت أمام أزمة مياه طاحنة ستقابلك وأزمة طاقة فظيعة جدا سوف تؤثر عليك وأمام أزمة غذاء أنت رجل ليس لديك ما يكفيك من الطعام ولابد أن تحل هذه المشكلات الثلاث لتضع نفسك على طريق المستقبل.
أستطيع القول إنه فى الفترة الماضية بشكل أو بآخر وفى فترة مامن تاريخ هذا البلد ليست بعيدة، أنت ( السلطة ) اخترت طريقا أعتقد أنه مخالف لكل أصول أى استراتيجية مصرية فأخذت هذا البلد عن غير طريقه إلى طريق آخر وإلى تيه آخر.
السيارة الخربة
واستطرد هيكل قائلا خطوط الاستراتيجية المصرية باستمرار كانت أنك تحاول بناء قاعدة اقتصادية فى هذا البلد وأن لك عمقا وبعدا عربيا والأمر الثالث أن لك مكانة فى العالم، كل هذا فى لحظة من اللحظات غيرت خرائطك كلها وأدخلت إلى طريق مجهول تقريبا، كأنك كنت والشعب المصرى كله ونحن جميعا فى سيارة كبيرة جدا تتجه إلى المستقبل لكن بشكل ما وعند لحظة معينة سارت السيارة فى الصحراء لفترة طويلة وتاهت وبدأت تتلف الإطارات منها .
عند اغتيال الرئيس السادات الله يرحمه بدأت السيارة الكبيرة فى التلف وفقدت أحد إطاراتها وجاء بعده الرئيس مبارك وتصوّر بخبرته كطيار أن السيارة الكبيرة «طائرة» فبدأ إصلاحها على أنها كذلك لكنه لم ينجح لأنه كان يفعل شيئا ضد طبيعة السيارة ولأنها ليست طائرة، وظلت السيارة فى طريقها معطلة والطريق إلى المستقبل معطلا مع تراكم المشاكل وتزايد مشكلات الأعطال، حتى جاء المجلس العسكرى بعد 25 يناير 2011 ووقف أمام السيارة ولم يعرف كيفية إصلاحها ثم جاء الرئيس السابق الدكتور محمد مرسى فرأى السيارة تعانى من عدة أعطال فاعتبرها «توك توك» وبدأ يقودها على أنها كذلك وصعد معه فى السيارة الأهل والعشيرة وأقفاص الدجاج لكنها لم تمض بهم أيضا على الطريق إلى أن وصلنا إلى المرحلة الراهنة.
أنهى «الأستاذ» إجابته ثم توجه بحديثه للمشاركين فى الصالون بالقول : أخبرونا أين نحن الآن .. لسنا على طريق المستقبل، وحتى هذه اللحظة نواجه ثلاث مشاكل، الأولي: مشكلة مياه مذهلة وأنا خائف جدا منها، والثانية: قضية طاقة مزمنة ولا أعرف كيف يمكن حلها والثالثة قضية الغذاء، فإذا تم حل هذه المشكلات الثلاث نستطيع أن نقول إننا على بداية طريق المستقبل وإذا لم نفعل فلن يتجاوز نشاطنا مجرد الكلام.
سؤال السيارة الخربة التى اعتبرها مبارك طائرة وهى ليست كذلك ورآها مرسى «توك توك» وهى ليست كذلك أيضا، توجه به السناوى أيضا إلى الدكتور مصطفى حجازى المستشار السياسى والاستراتيجى لرئيس الجمهورية، فأجاب :
فى تقديرى أن ما أشار إليه الأستاذ هيكل من ملفات ملتهبة والمشاكل الحقيقية، تمثل حالة من حالات التيه فى المجتمع حيث ننتقل من نظام إلى نظام ومن عصر إلى عصر وهذا توصيف دقيق جدا، وهذا جزء من الأزمة التى نعانيها كمصريين ونحن ننتقل من عصر إلى عصر من عصر الصناعة إلى مابعدها وإلى المعلوماتية وما بعدها.
وتابع حجازي: عندنا اشكاليات أخرى أضيفها للإشكاليات التى قالها الأستاذ هيكل وهى إشكاليات تحديد معنى الوطن والمجتمع والدولة بمعنى أن الوطن هو لأى بنى آدم عبارة عن «حلم» و«تحقق»، حلم لنفسه وللوطن وتحقق ذاتي، الحلم بالنسبة للوطن كان قد سُرق فى وقت مبارك تماما ولما عاد الحلم فى يد المواطن العادى بعد 25 يناير، وجدنا أنفسنا فى حالة مراوغة الحلم.
الأمن والحرية
وهنا طرح السناوى سؤاله على الأستاذ بهاء طاهر: كتبت مقالا وصغت سؤالا مفاده أننا ذاهبون لحكم الإخوان، بعد كل ماحدث فى 30 يونيو ومابعده والاخوان الآن فى وضع مختلف، هل تعتقد أن الأسباب التى دعتك للقول بأننا على وشك أو قد وصلنا للإخوان قد انتفت أم أن الأخطار الجوهرية فى بنية المجتمع مازالت موجودة؟
بهاء طاهر: الحقيقة أنها مازالت موجودة لكن نوعية الخطر هى التى اختلفت، والفكرة الأساسية أننا نقول : لماذا وصلنا للإخوان؟ لأنهم كانوا يسيطرون على كل النقابات وكل الهيئات المفروض أنها مستقلة بشكل أو بآخر. والنقلة من السيطرة على المجتمع للسيطرة على الدولة نقلة بسيطة جدا جدا.
الفكرة الأساسية كانت أن ما أدى إلى ذلك هو تحطيم أسس الدولة المدنية التى قضينا قرنين من الزمان من أجل تثبيتها وتأسيسها فى مواجهة هذا التدمير لأسس الدولة المدنية الذى مازال قائما بقوة الدفع الذاتي.
السناوى : يبدو أن البلد محتاج إلى ميكانيكيين بدلا من سياسيين .
هيكل : نحتاج إلى أن تكون لدينا مركبة إلى المستقبل سمّها الدولة سمّها المجتمع أو ماتريده، المشكلة أنه ليس لديك هذه المركبة.
السناوي: لوسألت الأستاذ هيكل عن مطلب الحرية والأمن، ماهو تصورك للصياغة الأساسية لهذه الإشكالية؟
هيكل: إذا رجعنا للتشبيه الذى نتحدث به بالتأكيد فالمشكلة الأساسية ليست قضية مستقبل بمقدار ما هى قضية وجود، أعتقد أنه لأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث على الأقل أنت أمام مشكلة أن توجد أولا، فى وقت تحول المحيط الذى حولك والذى كان باستمرار «أفقا تتحرك فيه»، تحوّل إلى محيط ضاغط عليك.انظر إلى خريطة الاقليم حيثما نظرت وفى أى اتجاه ستجد أن كل ماكان مجالا مفتوحا أمامى للحركة أصبحت عليه الآن أخطار داهمة.
جوع مائي
وهنا أنا ألح على ملف المياه لأننى أعتقد أنه فى ظرف ثلاث أو أربع سنوات إذا لم تجد حلا حقيقيا فأنت أمام حالة جوع مائي.
أنا لست واقفا على طريق المستقبل، ضعنى أولا على هذا الطريق. وإذا لم تجب عن هذه المخاطر الوجودية التى تهدد هذا البلد فما تطرحه يظل مجرد كلام.
السناوي: من الذى يجيب عن هذه المخاطر؟
هيكل: الشعب المصرى هو وحده القادر. لكن الناس كلها مترددة وكلما دعوت أحدا للمشاركة فى المسئولية وتولى أى من المناصب تجده يرفض، حتى المشير السيسى متردد حتى هذه اللحظة
المهمة التى تنتظر أى رئيس قادم هي: من فضلك ضعنى على طريق المستقبل، اسأل نفسك لماذا تعرض المنصب الوزارى وتعرض الرئاسة وتعرض كل حاجة فى هذا البلد على كل من تتوسم فيه خيرا ولا أحد يجيب، انت عندك مشكلة حقيقية يجب حلها.
ياسر رزق مخاطبا هيكل : أستاذنا تحدثت عن المستقبل والطريق إليه، والمستقبل حدده الشعب فى ثورتين فى كلمات بسيطة جدا : المعيشة الكريمة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والاستقلال الوطني، الطريق إليها يحتاج بوصلة تعودنا أن حضرتك تنظر وترى وفيه كثيرون ينظرون ولا يرون، اعتدنا أن فى يدك البوصلة، بوصلة وطن وأمة.
هيكل: يجب أن نعرف الحقيقة وكيفية مواجهتها .. لسنا على طريق المستقبل، عندما نحدد ماذا نريد، الحرية والعيش والكرامة، هذا صحيح لكن لم توصّف الأوضاع التى أنت فيها كما ينبغى وكلها لا توصلك للمستقبل ولاتفكر فى ضوء ماينبغى أن تعرف من حقائق عليك أن تعرف أين أنت وكيف تتحرك نحو المستقبل ثم متى تبدأ، ليست أمامك خطوة واحدة أمامك عدة خطوات، متمثلة فى معرفة الحقيقة ومواجهتها وحل لهذه المشكلة الوجودية.
عشنا سنوات طويلة جدا بعيدين عن الهدف وعن أى رؤية،وعشنا سنوات طويلة من الجمود والتجريف فى مصر، وقد قرأت تقريرا عن مصر يتحدث عن «الإفلاس» فى 2004 و2005 وتم التغطية على ذلك بكل الوسائل.
السناوى : يبدو أننا تصورنا أن الإجابة عن سؤال المستقبل ستكون بسيطة لكن يبدو أننا أمام وضع معقد وملغم أكثر مما نتصور .. وهنا أسأل الأستاذ محمد عبد الهادى علام رئيس تحرير جريدة الأهرام: أمام هذا الوضع الجديد عربة معطلة ماحولها فى الإقليم مزعج، كيف تنظر من موقعك وقد عملت محررا دبلوماسيا لسنوات،للتغيرات الدولية وتأثيرها علينا فى كل الملفات؟
علام: حين دعوتنى لهذا الصالون رجعت لكتاب الأستاذ هيكل :«قصة السويس آخر المعارك فى عصر العمالقة»، لأننى أرى فيه تشابها كبيرا من قراءة تاريخ مصر من تحديات وآمال كثيرة فى الداخل والخارج، المعيار الرئيسى الذى ظهر فى قصة السويس وفى 30 يونيو 2013 هو الإرادة الشعبية التى تريد أن تضع البلاد على طريق المستقبل وكان فى 1956 قيادة استجابت لإرادة الجماهير وحققت آمالها وتطلعاته ووضعتها على طريق المستقبل، وفى 30 يونيو نلاحظ الأمر نفسه لكن أمريكا وبريطانيا وألمانيا تريد أن تضع فاصلا بين إرادة الشعب وبين قائد منتظر استجاب لمطالبها فى 30 يونيو لتخليص البلاد من الدخول فى عصر الظلام، فضلا عن الدور الإقليمى الذى تلعبه قطر وتركيا ضد مصر، لأن موقع مصر مع وجود قائد وطموحات شعب يريد تحدى الصعاب دائما ستكون هناك مؤامرة.
السناوي: ماهو التحدى الرئيسى إذن؟
علام: السياسة الخارجية فى أحد تعريفاتها هى امتداد للسياسة الداخلية والصدق مع الناس هو أولى الخطوات نحو صناعة المستقبل، وحينما نعرف الحقائق بكل شفافية يكون أول الطريق إلى المستقبل.
لم يكد علام ينهى إجابته حتى توجه للأستاذ هيكل بسؤال جاء فيه : لماذا تأجيل لحظة مواجهة الحقيقة؟
هيكل: لو أردنا الحديث عن الحقيقة فأولى المشاكل التى تواجهنا أن العدل الاجتماعى غائب عن المجتمع المصري.
لا أحد يتحدث عن القدرة على الوصول لأى مستقبل لأنك أمام أزمة بقاء ، والبداية ينبغى ان تكون من هذا البلد وبإرادة شعبه ولن تتحرك إلا إذا عرف الناس الحقيقة، لأن ما يخلص الشعوب هو معرفتها بالحقيقة، ولايمكن أن نتحدث عن دور إقليمى لمصر والوجود المصرى نفسه موضع مساءلة، وعلى الرئيس القادم والنظام الجديد أن يواجهها مع الشعب حقائق لابد من مواجهتها، كما أن مصر لا يمكن أن تعيش على المساعدات، والناس تعبت بالفعل.
ثم توجه بالحديث للأستاذ وقال : حين يصمت هيكل (وأنت طبعا أكبر من الألقاب ) الناس فى الشارع يوقفوننى ويسألونني: هيكل ساكت ليه؟ كلامه يشيع جوا من الاطمئنان ويساعد الناس ومهم جدا أنه يتكلم.
المصريون يبحثون عن بطل منذ وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، ففى أثناء حكم عبد الناصر كانت طلائع المصريين من العمال والفلاحين والنخبة وأيام السادات كانت الطلائع من الانفتاحيين أما أيام مبارك فكانت الطلائع من لصوص زواج السلطة بالمال، فمن هم طلائع الرئيس القادم ليكونوا جيشه المدنى الذى من الممكن أن تتحقق معه أحلام مصر.
هيكل: الشعب المصرى لايبحث عن بطل لكنه يبحث عن أمل، والشعب المصرى قاسى طوال العصور الماضية وهو يبحث عن أمل، وهناك مسألة مهمة جدا وهى أنه لايجب أن يرد احتمال الفشل على بال أحد فى المرحلة المقبلة، لأن الفشل فى المرحلة الراهنة معناه نتائج كارثية، والشعب المصرى تحمل أكثر مما يستطيع أن يتصوّره أحد.
توقف هيكل فجأة الأستاذ عن الحديث وخاطب الكاتبة الصحفية والإعلامية فريدة الشوباشى قائلا : «إزاى انتى سايباهم يتكلموا وقاعدة ساكتة» فتحدثت مفاخرة المجموعة التى كتب مقدمتها الأستاذ هيكل والتى أثارت "غيرة " الأستاذين يوسف القعيد وجمال الغيطانى على حد قولها.
وقالت الشوباشى : أريد أن أقول انطباعات عندى فكما تحدث الأستاذ هيكل بأننا إما ان نكون أو لانكون فنحن حين خرجنا فى 30 يونيو فقد حققنا إرادتنا وانتزعنا وطننا من براثن الخيانة ، وأمريكا تحاربنا على كل الأصعدة حتى فى المياه منذ أيام السد العالى كما أنها متخبطة إزاء الموقف من مصر.
وهنا سأل السناوى الدكتور عماد جاد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قائلا : ماهى الملفات الضاغطة على أى رئيس جمهورية قادم؟
د. عماد جاد: شايف مصر شوية أشبه بمريض يعتمد على محاليل علاجية أطراف خارجية هى التى تعمل لنا المحاليل على أن تستمر إلى ان يقوم على رجليه وممكن يحصل انجاز كبير لو قام هذا المريض، ورغم ادراكى لأهمية المحاليل والتغذية التى تتم خلال الوريد بقدر الألم الذى يعترينى حين أشاهد نظرات من يمنحون المحاليل للمريض فالمسألة قاسية علينا لأننا لانملك من أمورنا شيئا.
وتوجه جاد للأستاذ هيكل بسؤال جاء فيه : ما الأجندة التى تقولها لمن يتولى المسئولية فى المرحلة المقبلة؟ فأجاب : أدرك تماما ضرورة العدل الاجتماعى والتعليم، لكن علينا أن نواجه الحقيقة فوفق الدستور الجديد فنفقات التعليم نصف أو ثلاثة أرباع الدخل القومي، واستمرار العشوائيات ونسبة الأمية كما هى يعد إهانة، لكن ليس لدينا الموارد التى تمكننا من تنفيذ مطالب التعليم والصحة والعدل الاجتماعي، وتوزيع الثروة فى مصر لم يكن فى يوم من الأيام بمثل البذاءة التى عليهاالآن ولافائدة من برامج تطرح دون وجود موارد، وأنا لدى ثقة فى الإنسان المصري، والرئيس عدلى منصور نموذجا.
ووجهت الشوباشى سؤالا لهيكل : هل 30 يونيو ضربة ولطمة للسياسة الأمريكية أم لا؟ فأجاب الأستاذ قائلا : الموقف الأمريكى وكل موقف فى الدنيا من مصر يتوقف على الوضع بداخلها، وأنا كنت بتخانق مع الشيخ حمد ( أمير قطر السابق) وقال لى ( وأنا اتكسفت ) قال لى لو أن مصر فى موقعها الحقيقى ماكان فى مقدور أحد مهاجمتها، وتابع هيكل محدثا الحضور : أليس مصيبة أن تشكو مصر من قطر؟
وانتقل السناوى من «سؤال المستقبل» إلى «سؤال اللحظة»، ودار الحديث حول المشير السيسى باعتباره "مرشح ورئيس الضرورة" بتعبير الأستاذ هيكل.
ووجه رزق السؤال لهيكل : هل ترى أن فى هذه اللحظة التاريخ يعود إلى دورة كاملة؟
هيكل: فرق كبير بين ظروف 52 وبين اللى انت شايفه الآن أنا معرفش كنت فين فى 52 بس أنا كنت موجودا قريبا من جمال عبد الناصر وشايف اللى حاصل خطوة بخطوة .. الدورة الكاملة تبقى فى حلقة مفرغة .. قيمة تجربة عبد الناصر أو أى أحد أن تكون نموذجا تدرسه وتستفيد منه لكن لاتكرره الظرف الاقليمى والعالمى مختلف والظرف الوطنى مختلف، أنا أعتقد أن السيسى مرشح ضرورة كنت أتمنى أن يكون هناك مرشحون آخرون.
وأضاف هيكل : «أنا قلق على المشير السيسى لأن جمال عبد الناصر اشتغل فى السياسة و«مكنش ضابط كويس أوى لايمكن يكون كان ضابط بيفكر فى السياسة مولود سياسى وراح شاف الإخوان وشاف الشيوعيين»، أما عبد الفتاح السيسى ضابط فى المؤسسة العسكرية ولم يكن له دخل فى السياسة وجزء من تردده الكبير جدا انت بتقولى بشوفه قليل وانت عارف مش كتير وبيتقال انى بعمله برنامج أنا ساعات أقرأ حاجات بتتقال وأبقى مذهول والله وأنا بسمعها».
السناوى ( مقاطعا ) : قلت انها خزعبلات
هيكل : قالوا انى بكتب البرنامج هل يمكن لأى حد اكتب انشاء زى ماانت عايز المفروض يضع البرنامج هو نفسه وأعتقد أن جزءا كبيرا جدا من تأخيره إعلان نفسه أن يفكر فيما يستطيع أن يفعل، أتصور نعم مرشح ورئيس ضرورة لكن على أن أعلم أن المهام المقبلة تختلف عن المهام التى قام بها حتى الآن، جربناه فى معارك دفاعية هو والمؤسسة العسكرية أنقذوا ثورة 25 يناير ومنعوا ضربها و30 يونيو جاءوا صححوا خطأ هم وقعوا فيه الحقيقة يعنى والناس كانت ماشية فى هذا متصورة ان الحل هنا
حتى هذه اللحظة نحن رأينا المشير السيسى فى معارك دفاعية ونراه اليوم يتقدم إلى معارك هجومية فى ميدان هو لم يتأهل له وهنا وهو مرشح ضرورة يحتاج إلى كل البلد ، أنت تريد رجلا قادرا على اتخاذ قرار مستقبل وحركة نحو المستقبل وعليه أن يدرك أن كل البلد لابد أن يتكون حاضرا ولايغيب فيها طرف.
أتصور ضرورة تشكيل مجلس أمناء الدولة والدستور بمشاركة كل رؤساء الأحزاب فى مصر وممثلى كل القوى شبه جبهة وطنية منظمة والرئيس منصور لابد أن يوجد وأن يستمر، مش عايز حد يقصي، السيسى عنده تأييد شعبى لكن ليس له ظهير سياسى لاينوى أن يؤلف حزبا ولا أتصور ذلك.
عايز معه مجلس لأمناء الدولة عايز جبهة وطنية تدرك أن أمامها 4 أو 5 سنين تصلح العربية وتضعها على طريق المستقبل بحيث يوجد فيها كل الأحزاب المعترف بها وكل من يوافق على مجموعة الأفكار الأساسية التى من الممكن أن يطرحها السيسى على أساس الدستور الجديد.
القعيد: نجاح السيسى مسألة مؤكدة؟
هيكل:انتقل من المرشح الضرورة الى الرئيس الضرورة، كل الناس عايزاه رئيس واتجاه غالب وهو رئيس ضرورة.
طاهر : لكن أين التنافسية؟
هيكل : المنافسة مفتوحة بعد أن يكون هناك رئيس، هذا الرئيس يحتاج جبهة مؤتلفة وليس مندمجة كل أطرافها مستقلون لكن لديها ارادة اتفاق على ماهو الطريق، المرحلة المقبلة لاتتحمل مانحن فيه الآن كل فرد أصبح حزبا وكل موقع على تويتر وفيس بوك بقى محطة فضائية ولابد الشباب يكون موجودا.
السناوي: وما الحل لمشكلة الأجيال الجديدة؟
هيكل : أعتقد أنها مظلومة فهى لاتعرف حقائق العالم بعيدة.
واختتم هيكل الحديث بالقول إن السيسى مرشح ورئيس ضرورة لكن المهام المقبلة تختلف عن مهامه السابقة، وأعرب عن إصابته بالذهول حين سمع من يقولون انه يكتب البرنامج الانتخابى للمشير، وقال كنت أتمنى وجود مرشحين آخرين للرئاسة أمام السيسي، واصفا مهمة الخروج بمصر من أزمتها ب «شبه مستحيلة»، واعتبر أن مصارحة الناس بالحقائق هى التى تحمى أى مسئول، وتابع : نمر بمرحلة التضحية فيها ب«وطن» .. ولست مستعدا للتضحية بوطن، وفى مصر قوى من طبيعتها أن "تتحول" وهم أصحاب المصالح الذين يبحثون عنها مع كل سلطة، وانتقد ممارسة الحرية بالطريقة السائدة فى المجتمع قائلا : أرى أمامى بلدا ينتحر بدعوى الحرية , وأضاف : الوضع الذى تعيشه مصر غير قابل للاستمرار، ولست خائفا على الحرية فالشعب حاضر وموجود بقوة لكن ممارسة الحرية على النحو السائد الآن تضعنا فى حالة فوضي.
كما شدد هيكل على أن القضية رقم واحد فى الأهمية هى مياه النيل واصفا القضية بأنها أخطر مما نتصور، ودعا لإسنادها إلى "قيصر سياسي" يتولى معالجتها كما دعا لدراسة موضوع الطاقة لأن أزمتها تحتاج ل"قيصر" آخر لحلها على حد تعبيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.