السينما أهم وأشهر أنواع الفنون المنتشرة والمؤثرة فى الشعوب، وكما هو معروف أن الفن مرآة للواقع، كذلك أصبح الفن مؤثرا فى الواقع، وبالأخص الفن السينمائى الذى يترك أثرا فى العقل الباطن للمتلقى، سواء أدرك ذلك أم لم يدركه، ليظهر هذا التأثر السينمائى على أفعال وحياة المجتمع وأفراده، لذا يجب الدقة والتدقيق فيما يقدم للمجتمع، ومراعاة الضمير والقيم الفنية فيما يراه الجمهور من أعمال تندرج تحت اسم الفن، دون البحث عن استغلال الشهرة الشخصية لبعض النماذج الإنسانية من أجل الربح المادى، إلا أن الواقع خلال السنوات الماضية، قد فرض علينا نوعية معينة من الأعمال السينمائية التى تندرج تحت مسمى الفن، لا تقوم على شيء سوى «الخلطة السبكية»، التى انتشرت داخل الوسط الفنى والتى تعتمد على الأغنية والرقصة والإفيه اللاذع. وانطلاقاً من هذه الخلطة تم تصنيع عمل سينمائى تحت مسمى «أربع ورقات كوتشينة»، من بطولة فريق المهرجانات «8٪»، وهم أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا، ومعهم الوجه الجديد ريهام جباعى، وعلى الرغم من محاولة الترويج للعمل على أنه عمل اجتماعى كوميدى غنائى، إلا أنه لا يخرج عن كونه عملا استغلاليا يعتمد بالمقام الأول على شهرة فريق المهرجانات «8٪»، من أجل تحقيق الربح المادى دون النظر لأهمية العمل ورسالته، وهو ما لم يختلف كثيراً عن مسلسل الاستغلال، الذى تعيشه السينما المصرية طوال سنوات مضت. فمنذ عام 2004 خرج علينا المخرج شريف صبرى بفيلم من تأليفه وإخراجه وإنتاجه ليستغل الشهرة التى حققتها المطربة روبى «التى ذاع صيتها فى ذلك الوقت»، تحت اسم «سبع ورقات كوتشينة» ومع اللحظات الأولى للفيلم يتضح مدى ضعفه ومدى الاستغلال الإعلامى للشهرة التى حققتها روبى، دون النظر لقدرتها على التمثيل أو الإبداع السينمائى، ما أدى إلى فشل العمل على المستويين النقدى والجماهيرى، وبعد عقد من العمر وأكثر جاء المخرج محمد جمال ليكرر نفس التجربة وينحت نفس الاسم من خلال نفس المبدأ الاستغلالى، ليقدم للجمهور عملا آخر تحت اسم «أربع ورقات كوتشينة»، لتنطبق عليه وعلى صناعه ممن شاركوا فى التمثيل نفس المقاييس الفنية التى انطبقت على «سبع ورقات كوتشينة». فقد جاء الفيلم الأول «سبع ورقات كوتشينة»، ليدور حول قصة شاب يسعى لإقامة علاقة مع فتاة فتتركه وترحل لآخر فيقع فى حب فتاة أخرى، لتعود الفتاة الأولى التى تركته لتعيد الحب الذى كان بداخله نحوها، ليقع فى حيرة الاختيار بينهما حتى يختار الفتاة التى بقيت إلى جواره خاصة فى رحلة بحثه عن مجوهرات عمه الذى رحل. أما الثانى «أربع ورقات كوتشينة»، فقد جاء ليروى لنا قصص فرق المهرجانات ليظهر الفريق «8٪» بشخصياته الحقيقية التى تسعى إحدى السيدات لاستغلالهم وتحقيق الشهرة عن طريق الموسيقى الجديدة «المهرجانات»، التى تقدم من خلال الفريق، ليصبح العمل بهذه التركيبة عبارة عن مجموعة من أغانى المهرجانات فيظهر الفيلم كحفلة مجمعة، يتخللها فقرات تمثيلية «ركيكة» لا تقدم أى إضافة فنية أو إبداعية أو أخلاقية أو فكرية للمجتمع، بل لا يتعدى فكرة الاستغلال الجماهيرى لشهرة الفريق من خلال تجميع بعض المشاهد والأحداث، لتكوين فيلم غنائى دون ممثلين، بما تحمله الكلمة من معنى، ودون مضمون بما يحمل الفن من رسالة، ولا عزاء للفن ولا عزاء للتمثيل ولا عزاء لبناء مجتمع ذواق للفن والإبداع.