«الدكتور راح، الدكتور جه، الدكتور قافل النهارده».. جمل يرددها جيران كريم «الدكتور الجزمجي».. حيث اعتادوا رؤيته كل يوم جالسًا على مقعده الخشبى داخل دكانه الصغير بجوار مسجد الأزهر. بوجه بشوش وابتسامة دائمة لا تفارق ثغره.. فقد استبدل الأوراق والأقلام والكتب والمراجع، بأدوات حياكة وتصليح الأحذية، يعرفه معظم أهالى المنطقة، فقد عاش معظم حياته بحى الأزهر، وزاد من شهرته فى المنطقة عمله ك«جزمجي» لأكثر من 15 سنة، رغم تخرجه فى كلية التجارة جامعة عين شمس، وحصوله على درجة الماجستير والدكتوراه فى إدارة المشروعات من جامعة «شتوتجارت» بألمانيا. «كريم محمد» تجاوز منتصف عقده السبعين، يحكى قصة حياته المليئة بالمفارقات الغريبة: «اتولدت فى الجمالية، ودرست التجارة وكملت تعليمى بره، لأنى كنت متفوق وبحب مجالي، أبويا طبعا كان بيساعدنى بس عودنى إنى أكون عصامى وشقيت طريقى واشتغلت فى شركات ومصانع كتير، وكنت شاطر فى شغلى بشهادة المديرين، لكن لفيت لفيت ورجعت للمكان اللى كبرنى وعلمني، واشتغلت فى المحل بعد ما طلعت على المعاش، وما تكسفتش من كلام الناس اللى قالوا بعد العلام دا كله تشتغل جزمجي». تزوج «الدكتور» ثلاث مرات وأنجب خمسة أبناء: «كل عيالى اللى خلص جامعة واللى بيدرس فى جامعة، ومش بيستعروا من شغلتى رغم أن معايا دكتوراه، أنا حبيت أوصلهم فكرة أن الشغل مش عيب مهما كانت درجة علامك، وهسيبلهم المحل دا ورث وذكرى منى لما أموت». يستعيد الدكتور كريم ذكرياته فيحكى أنه كان أحد أعضاء حزب الوفد، وكان على معرفة شخصية بالعديد من الرموز السياسية مثل النحاس باشا، وأنه حتى الآن يتواصل مع بعض النخب السياسية، يقول: «محاولتش أستغل معرفتى بالناس دى وأتوسط لعيالى وأعينهم، لأنى عايزهم يتعلموا الاعتماد على النفس، وعشان مبقاش بظلم حد كان يستحق ياخد الوظايف دي».