الفن مرآة المجتمع .. يعكس روح المواطنين ويجسد أفراحهم وأحزانهم .. يعبر عن طموحاتهم وآمالهم .. ويكشف عورات الفاسدين والمهملين .. وهذا ما فعله ببراعة واقتدار النجم الراحل الفنان احمد زكي خلال مرافعته التاريخية في فيلم "ضد الحكومة" خلال تصديه لأحد جرائم الإهمال التي تعكس فساد المسئولين. ومع تسليمنا بعدم صحة مقولة أن التاريخ يعيد نفسه إلا أنه ما أشبه البارحة باليوم .. فلا زالت حوادث الإهمال والفساد تقع في مصر في حين يكتفي المسئولون بالاندهاش و"التفاجؤ" من كم الإهمال والفساد الذي يصيب المواطنين باليأس ويجعلهم يفقدون الأمل في أي تقدم. وندعو جميع المسئولين في حكومة المهندس إبراهيم محلب لمشاهدة فيلم "ضد الحكومة" بالكامل حتى يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبهم الناس وإن ضاق وقتهم فعليهم الاكتفاء بمشاهدة هذا المقطع التاريخي وكفى. قال أحمد زكى فى مرافعته الشهيرة فى فيلم ضد الحكومة: "أعلن كل خطايا أمام الملأ لعلى أتطهر منها.. أنا مثال للمحامى الفاسد بل أكثر فاسدا مما يعرفه أستاذى أنا ابن هذه المرحلة والمرحلة التى سبقت.. تفتح وعيي بالتجربة الناصرية، أمنت بها ودافعت عنها فرحت بانتصاراتها وتجرعت مرارة هزائمها، هُنت عندما هان كل شىء، وسقطت كما سقط الجميع فى بئر سحيق من اللامبالاة والإحساس بالعجز وقلة الحيلة". وأضاف أحمد زكى فى مرافعته الخالدة : "أدركت قانون السبعينات ولعبت عليه وتفوقت وتاجرت فى كل شىء فى القانون والأخلاق والشرف، أنا لا أنكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسؤولية، بل أكثر من ذلك أعترف بأننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ ضخم ولكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية جعلتنى أراجع نفسى، أراجع موقفى كله أراجع حياتى وحياتنا، أصطدمت بالمستقبل... نعم صبى من الذين حُكم عليهم بأن يكونوا ضمن ركاب أتوبيس الموت رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقى، رأيتنا نسحقه دون أن يهتز لنا جفنُ، نقتله وأننا نتصور كأنها طباع الأمور فلابد لى أن أقف وأصرخ....أنها جريمة، جريمة كبرى لابد أن يحاسب من تسبب فيها". وأشار فى مرافعته فى الفيلم "أننى لا أطالب سوى محاسبة المسؤولين الحقيقين عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئاً سوى أنهم أبنائنا أبناء العجز والإهمال والتردى ....كلنا فاسدون... كلنا فاسدون.... لا أستثنى أحدا حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة". سيدى الرئيس... أنى ما أطالب به أن نصلى جميعا صلاة واحدة صلاة العدل صلاة واحدة لإله واحد، إله العدل الواحد الأحد القهار، لست صاحب مصلحة خاصة، ليس لى سابق معرفة بالشخوص الذين أطلب مسائلتهم، ولكنى لى علاقة ومصلحة فى هذا البلد، لدى مستقبل هنا أريد أن أحميه، أنا لا أدين أحداً بشكل مسبق ولكنى أطالب المسؤولين الحقيقين لتلك الكارثة بالمثول أمام عدالتكم لسؤالهم واستجوابهم فهل هذا كثير؟، أليسوا بشر خطاءين مثلنا!!، أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقى البشر؟، سيدى الرئيس... أنا ومعى المستقبل كله نلوذ بك، ونلجأ أليكم، فأغيثونا وأغيثونا أغيثونا والله الموفق.