مصادر: المشيخة تخلت عن «جمعة» فى تجديد الخطاب الدينى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، قال فى بداية مشروع تجديد الخطاب الدينى: «إن الوزارة ستبذل أقصى ما فى وسعها للاستجابة لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى». الوزير أكد أن التجديد لن يتعرض إلى الثوابت، كما أنه لا يعنى إرضاء السلطة، مشيرًا إلى أن هناك أمورا لا يمكن تغييرها وهى التى ورد النص فيها، فيما سيتم البحث عن التجديد ويتناسب مع الشرع. توقع العديد من المسئولين التكاتف بين علماء الأزهر والأوقاف لطرح مشروع متوازن لتجديد الخطاب الدينى لكن الواقع خالف ذلك فبرغم تحمس الكثير من العلماء لخطة التجديد إلا أن الرؤوس بدت أكثر منافسة دون تحقيق أى نتيجة مؤثرة على أرض الواقع. الوزير حاول أن يكون أكثر تسامحا ودبلوماسية أمام الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، عندما قال إن وثيقة الأزهر لتجديد الخطاب الدينى تبدو أكثر تميزًا، موضحا أنها تختلف عن نظيرتها المقرر خروجها عن الأوقاف. جهود الأوقاف ووزيرها اقتصرت على مؤتمر واحد وهو المؤتمر الذى عقد فى 25 مايو الماضى إضافة إلى عدد من الندوات تمت خلالها مناقشة أمر التجديد من خلال المجلس الاعلى للشئون الاسلامية. تمت دعوة عدد كبير من من المثقفين والسياسيين وعلماء الدين والإعلاميين وغيرهم، فى محاولة من وزارة الأوقاف للخروج بوثيقة ضابطة لتجديد الخطاب الدينى، وعلى رأسهم وزير الشباب المهندس خالد عبدالعزيز، والدكتور عبدالواحد النبوى وزير الثقافة. خلال المؤتمر عرض «جمعة» الجهود التى تبذل من رجال الدين والمفكرين ومؤسسات الدولة لتجديد الخطاب الدينى الذى يجمع ولا يفرق، ويبشر ولا ينفر، ويصلح ولا يفسد، وييسر ولا يعسر، ويصون ولا يبدد ويعمر ولا يخرب. وأشرف على المؤتمر إشرافا كاملا الدكتور عبدالله النجار، عميد كلية الدراسات العليا، الذى أكد على أن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى نسف التراث لكن يعنى إنزال التشريع على القضايا المعاصرة. وفى نهاية المؤتمر بنى «جمعة» مشروعه فى التجديد على عدة نقاط أهمها: قيام الأوقاف بالعمل على تجريد الخطاب مما علق به من أوهام أو خرافات أو فهمٍ غير صحيح ينافى مقاصد الإسلام وسماحته، وإنسانيته وعقلانيته، ومصالحه المرعية، ومآلاته المعتبرة، بما يلائم حياة الناس، ويحققُ المصلحة الوطنية، ولا يمس الأصول الاعتقادية، أو الشرعية، أو القيم الأخلاقية الراسخة. النقطة الثانية، أن يتجه الخطاب الديني المعاصر إلى إقناع العقل وإمتاع الوجدان والرقى بالمشاعر وتنمية المواهب الإبداعية والتشجيع عليها، وتعزيز المشتركات الإنسانية، وترسيخ المعانى الوطنية، وإشاعة روح التسامح والمودة بين أبناء الوطن جمعيا، واحترام حق التعدديةِ الاعتقادية والفكريةِ فى ضوء الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع بما لا يخل بأمنه القومى، وبناء مناهجِ التربية الدينية على معايير ومؤشرات تعزز الفهم الصحيح للدين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وترسخ الاتجاهات الإيجابية وتعظيم دور المؤسسات التعليمية فى المجتمع، وتحول الطلاب والتلاميذ من نطاق التبعية والحفظ والتقليد والتلقين إلى مستويات جادة من الوعى والتفكير والإبداع، والقدرة على التمييز والتمحيص والنقد. ويسعى مشروعا الأوقاف إلى تكوين الدعاة علميا وروحيا وسلوكيا بما يُمكنهم من فهم الرؤى الكلية لمناهج العلوم الإسلامية وتكاملها والانطلاق من هذا الفهم الكلى الواعى، وتنمية مهارات فهم النص فهمًا صحيحًا فى ضوء الإلمام الجيد بالثابت والمتغير، وتطبيقه على الواقع المتغير والتدريب المستمر المتنوع، فى ضوء مستجدات العصر، وفقه الواقع، والمقاصد، والأولويات، والموازنات، والمآلات، والنوازل، على أن يتغير نظام القبول بالكليات الشرعية ليأخذ خيرة الطلاب وأعلاهم مجموعًا وبحد أدنى 70٪، لا أن تكون حصة هذه الكليات هى بقايا طلاب الكليات العلمية، مع العمل على تحسين الأوضاع المادية للسادة الأئمة والخطباء بما يُمكنهم من التفرغ لأداء رسالتهم النبيلة. ويستهدف تعاون المؤسسات الدينية، والعلمية، والتعليمية، والثقافية، والفنية، والإعلامية، فى إنتاج خطاب عقلى، وعلمى، وثقافى، ودينى، وتربوى، ووطنى، يتناسب مع ظروف العصر وحجم التحديات، ويحافظ على الثوابت الشرعية والأخلاقية والقيمية للمجتمع، وأن يضع حلولاً واضحة ومناسبة تتسم بالمرونة والواقعية لكل ما يواجه المجتمع من مشكلات أو تحديات، مع إعادة النظر فى مكونات المناهج الدينية فى جميع مراحل التعليم بما يتناسب مع معطيات العصر ومتطلباته، وتكوين مجموعات من الشباب والفتيات وتدريبهم التدريب الكافى علميا وثقافيا وتكنولوجيا مع الاهتمام بدراسة اللغات المختلفة، وإتقان اللغة العربية، والبعد عن التقعر فيها، وتمكينهم من أدوات التواصل العصرية، بما يكسبهم القدرة على الحوار والإقناع لمحاورة نظرائهم على أن تُشجع المؤسسات المختلفة كل فى مجاله على ذلك وفى إطار تعاون مشترك فيما بينها. ويسعى لحشد طاقة المجتمع كله لمحو الفكر المتطرف والمتفلت على حد سواء، ودعم قضايا العمل والإنتاج، والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد، والقضاء على البطالة، بما يفجر طاقات المجتمع وإبداعاته، والإفادة القصوى من وسائل الإعلام المختلفة، وتوظيف بعض الأعمال الفنية والإبداعية لنشر القيم النبيلة، وإنتاج أعمال تدعم القيم الأخلاقية والإنسانية الراقية، وبخاصة فى مجال ثقافة الطفل. مصادر داخل الأزهر أكدت أن جهود «جمعة» فى تطوير الخطاب الدينى لم تلق أى دعم من قبل الأزهر، وخاصة من قبل شيخه فبرغم استعانة وزير الأوقاف بعلماء من جامعة الأزهر وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية إلا أنه لم يحول أيا من ملاحظاته حول تجديد الخطاب الدينى إلى نتائج مثمرة. عضو بمجمع البحوث قال إن الدكتور أحمد الطيب يترقب جهود «جمعة» فى تجديد الخطاب، وأنه قال لأحد مستشاريه إنه على ثقة أن الوزير سيستمر فى الاهتمام ب«الشو الإعلامى» وترديد التصريحات الإعلامية التى تجلب له الأضواء دون الوصول إلى نتيجة عملية.