" التعليم المفتوح"، أزمة جديدة ألقت بظلالها على ملف التعليم الجامعي المصري، ليصل تأثيرها إلى فئات المجتمع ككل، خاصة في ظل ما أثارته من جدل بين الأوساط النقابية، التي وجدت في هذا النوع من التعليم " بوابة خلفية " للحصول على عضوية النقابات المهنية، مما أثر بالسب على الخدمات التي تقدمها تلك النقابات لأعضائها، خاصة في ظل تزايد أعداد الخريجين من طلبة التعليم المفتوح بالكليات المختلة. البداية كانت في عام 2008 حينما أصدر المجلس الأعلى للجامعات قرارًا بمعادلة شهادات التعليم المفتوح بالشهادات الأكاديمية للجامعات، ليساوي بين الطلبة الحاصلين على الدبلومات الفنية، ونظرائهم الحاصلين على الثانوية العامة بتقديرات مرتفعة، الأمر الذي دفع البعض إلى انتقاد القرار باعتباره أهدر قيمة الشهادات الأكاديمية، خاصة وأن الهدف من إنشاء نظام التعليم المفتوح هو تجويد سوق العمل وليس التأهيل له. النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين صبت نيران غضبها على ذلك النوع من التعليم الأكاديمي، رافضة في الوقت ذاته استمرار تلك المنظومة التي ترى فيها إفساد لنقابة المحامين، وذلك بعد أن أعلن سامح عاشور، نقيب المحامين، رفضه بشكل قاطع انضمام طلبة التعليم المفتوح من الحاصلين على الدبلومات الفنية لصفوف المحامين، واقتصار الأمر على الطلبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة. من جانبه أكد خالد أبو كريشة، عضو مجلس نقابة المحامين، ومقرر لجنة الحريات، أن تعديل قانون المحاماة هو السبيل الوحيد للخروج من تلك الأزمة، مشددًا على أن التعديلات التي تم اقتراحها مؤخرًا لا تهدف أبدًا إلى وضع قيود على القيد بنقابة المحامين، ولكن الأمر الواقع فرض على مجلس النقابة ذلك، خاصة وأن دور النقابة هو حماية المهنة ولفظ من ليسوا من أبنائها وتقديم الرعاية الاجتماعية الصحية لأعضائها. وأوضح "أبو كريشة"، أن السبب الرئيسي الذي دفع مجلس النقابة لاتخاذ القرار يعد فشلًا لكل المحاولات الرامية لتنقية جداول النقابة، بسبب الأعداد الكبيرة التي تدخل النقابة، فمثلًا وصل بنا الحال لشطب 20 ألف مقيد بالجداول وهذا يمثل جزءا صغيرًا جدًا من الملفات التي تم فحصها ولكن عدد المقيدين في نفس السنة وصل 200 ألف. وطالب عضو مجلس نقابة المحامين، الحكومة بضرورة إعادة النظر في سياسة التوسع في الجامعات المفتوحة وكليات الشريعة والقانون، معربًا عن رفضه للانتقادات الموجه لمجلس نقابة المحامين في ذلك الشأن خاصة وأن النقابة هي المسئولة عن وضع ضوابط القيد والقبول بجداولها. في سياق متصل، أكد محمد يحيى، عضو المكتب التنفيذي للجنة حريات المحامين، أن تدفق تلك الأعداد الكبيرة من طلبة التعليم المفتوح لجداول نقابة المحامين سيؤثر بطبيعة الحال على الخدمات المقدمة للأعضاء، مستشهدًا في حديثة بحملة تنقية الجداول التي أطلقها مجلس النقابة من أجل تقليل أعداد المقيدين بالجداول، ومن ثم زيادة الخدمات المقدمة للأعضاء الأساسين. وتسأل يحيى: إذا كان المجلس الأعلى للجامعات يرى أن ذلك النوع من التعليم جيد ويفرز خريجين أكفاء فلماذا يمنع الاستعانة بهم في هيئة التدريس بالجامعات؟"، لافتًا إلى أن ذلك يبرهن على أن أساتذة الجامعات أنفسهم يرون أن هؤلاء الخريجين لا يصلحون لسوق العمل، فكيف للنقابات المهنة أن تقبل قيدهم ليصبحوا جزءًا من أبنائها. نقابة الصحفيين برئاسة يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، لم تصمت كثيرًا على تلك الأزمة لتفتح هذا الملف الشائك، معلنة رفضها لانضمام طلبة التعليم المفتوح من الحاصلين على دبلومات فنية لجداولها، مشددة على ضرورة أن يقتصر الأمر على الحاصلين على شهادة الثانوية العامة فقط. فمن جانبه، أشار أبو السعود محمد، عضو لجنة القيد بنقابة الصحفيين، إلى أن مجلس النقابة ناقش خلال الفترة الماضية تلك القضية مع بعض أساتذة ورؤساء الجامعات، مشيرًا إلى أنه تم التطرق خلال تلك المناقشات إلى بحث سبل عملية تحسين وتطوير مستوى خريجي التعليم المفتوح خاصة كليات الإعلام. وحول نية مجلس النقابة في اتخاذ قرار بمنع قيد طلبة التعليم الفتوح، موضحًا أنه لا توجد حتى الآن قرارات من المجلس بمنع قيد خريجي كليات التعليم المفتوح، ولم يُحدد على جدول أعمال المجلس هذا الموضوع، مؤكدًا أنه في حال اتخاذ أي قرار بهذا الشأن سيقتصر على منع قيد الخريجين الحاصلين على دبلومات فنية، مع السماح بقيد الحاصلين على ثانوية عامة. في سياق متصل، أكدت لجنة متابعة الأداء النقابي بنقابة الصحفيين، أن أزمة قبول قيد طلبة التعليم المفتوح بجداول النقابة تحتاج إلى وقفة جادة، مشيرة إلى أن معظم هؤلاء يتسربون للقيد من خلال العمل بالواسطة أو دفع مبالغ لبعض الصحف وتعويضها من البدل. وأوضحت اللجنة في بيان لها، أن استمرار ذلك الأمر أدى إلى امتلاء جداول النقابة بالتمرجيات والباعة الجائلين وغيرهم (مع التحفظ بوجود عدد قليل منهم متميز عن عشرات الصحفيين المقيدين بالنقابة بل والعاملين بالصحف الكبرى)، مشددة على أن آليات القيد بجداول النقابة بشكل عام تتطلب وقفة جادة. وأشار البيان إلى أن الآلاف اتجهوا لكليات الإعلام بالتعليم المفتوح بعدما قررت كل النقابات ومنها "المحامين والتجاريين" عدم قيد خريجى التعليم المفتوح، تمهيدًا لقيدهم بنقابة الصحفيين. الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالي، بدوره اعترف بوجود مشكلة داخل منظومة التعليم المفتوح، لافتًا إلى أنه تم تشكيل لجنة من قبل المجلس الأعلى للجامعات لبحث تطوير التعليم المفتوح، وليس إلغاءه، مشيرًا إلى أنه تلقى دراسة الدكتور أمين لطفى، رئيس جامعة بنى سويف ورئيس لجنة تطوير التعليم المفتوح، عرض خلالها تشخيص كامل للمشكلات والأزمات التي يعاني منها نظام التعليم المفتوح. وأكد عبدالخالق، أن الدراسة رصدت من خلال تواصلها مع النقابات المهنية وجود عدم رضى عن منظومة التعليم المفتوح، خاصة وأنها خرجت عن مسارها الطبيعي، لافتًا إلى أنه الهدف خلال الفترة القادمة إعادة تلك المنظومة لمسارها الطبيعي.