تاريخ العرض: 1999 إنتاج: قطاع الإنتاج- التليفزيون المصرى إخراج: أنعام محمد على تأليف: محفوظ عبد الرحمن تمثيل: صابرين، حسن حسنى، كمال أبو رية، أحمد راتب، سميرة عبدالعزيز فتح مسلسل «أم كلثوم» الذى عرض فى رمضان عام 1999 الباب واسعا أمام فيضان من مسلسلات سير الفنانين والسياسيين والشخصيات العامة، التى تواصل إنتاجها بغزارة وانتظام منذ ذلك الحين. المسلسل الذى أخرجته أنعام محمد على هو نموذج واضح على الطريقة التى تقدم بها سير المشاهير عادة، والتى يتم من خلالها التعامل مع الشخصية الرئيسية كملاك هابط من السماء، منزه عن أى عيب أو نقيصة، ولم يرتكب خطأ واحدا فى حياته. وكثيرا ما يمتد هذا التقديس غير الطبيعى إلى أسرة الشخصية الرئيسية وأصدقائها والمقربين منها، إلا إذا كان هناك نية مقصودة لتشويه أحدهم أو إلقاء أخطاء البطل على شخص آخر. أم كلثوم هى أكثر الشخصيات الفنية شعبية وتبجيلا من قبل الجمهور العربى، لا شك فى هذا، وقد تصارع على القيام بشخصيتها عدد من كبار النجمات من بينهن نبيلة عبيد وإلهام شاهين، ولكن الدور ذهب إلى الممثلة صابرين، التى نجحت فى تقديم الشخصية فى مراحل عمرها المختلفة. السيناريو الذى كتبه محفوظ عبد الرحمن تقص حياة سيدة الغناء العربى منذ طفولتها المبكرة وحتى وفاتها، وهى حياة حافلة بالإنجازات والتواريخ العامة والشخصيات المرموقة من فنانين وسياسيين وإعلاميين. وقد تتبع العمل الخط الزمنى المستقيم فى سرد محطاتها الفنية والأحداث الشخصية والعامة بشكل توثيقى أكثر منه درامى، لأن المسلسل بنظرته إلى حياة «الست» جعل منها شخصية أحادية نبيلة عظيمة منذ لحظة مولدها وحتى وفاتها، بدون أى تناقضات أو نواقص أو مشاكل تجعل منها شخصية درامية. صحيح أن هناك أحداثا درامية كثيرة فى المسلسل، مثل خلافاتها مع زملائها، وقصص زواجها وطلاقها، والأحداث العامة من علاقتها بالملك ثم ثورة يوليو وهزيمة يونيو وموت عبد الناصر...إلى آخره، إلا أن التعامل مع هذه الأحداث، الخاصة قبل العامة، يتم بشكل تقريرى، الهدف الوحيد منه هو رصد رد فعل الشخصية الرئيسية، والذى يتسم دائما بالحكمة والأخلاق الرفيعة. حقق مسلسل «أم كلثوم» نجاحا جماهيريا هائلا لعدة أسباب: أولها طبعا الشخصية التى يدور عنها، والتى يرغب الكثيرون فى معرفة سيرتها. ثانيا حالة الحنين إلى الماضى التى سادت المجتمع المصرى، وربما العالم كله، مع نهاية الألفية الثانية وبداية الثالثة، ولحالة الحنين هذه أسباب وتفسيرات كثيرة ليس هذا أوانها، ولكن المصريين بالتأكيد كانت، ولم تزل، تنتابهم حالة حنين إلى زمن «الأبيض والأسود». ثالثا ما نعتبره عيبا فى المسلسل اعتبره معظم المشاهدين ميزة كبيرة، فقد وافق هواهم ورغبتهم أن يجدوا شخصية مثالية محاطة بهالة الأولياء الصالحين يتخذون منها مثلا أعلى، ودليلا ملموسا على عظمة هذا الماضى، مقارنة بالحاضر الفاسد الذى فقد فيه الناس أخلاقهم وحياءهم. استطاعت المخرجة أنعام محمد على، وهى فنانة تصدق موضوعات أعمالها وتؤمن بما تفعله، أن تنقل إلى المشاهدين صورة أم كلثوم العظيمة، العاقلة، التى تعانى فى كبرياء، وتتغلب على أى ألم أو مصيبة بقوة.. وأيضا أم كلثوم خفيفة الظل، محبوبة الرجال والنساء، صديقة العظماء والرؤساء، الفلاحة الأصيلة، الوطنية، التى تفعل كل شيء فى حياتها من أجل مجد وطنها. جميل أن توجد هذه المثل العليا، حتى لو كانت فوق قدرة البشر، ولو فكرنا فى الأمر على أنه مسلسل خيالى، مثل المسلسلات والأفلام الممتلئة بالأبطال الخارقين الذين يتوحد معهم الناس، فمن المؤكد أن المشاهدين توحدوا مع أم كلثوم لأنهم يحتاجون بالفعل إلى سوبرمان.. أو سوبرومان.