«انتوا مش عارفين فرحتم المصريين أد إيه؟».. كانت مسك ختام فعاليات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، الذى أقيم فى مارس الماضى، المؤتمر الذى ترقبه المصريون بشغف، وتابعوه لحظة بلحظة، كانت الأخبار تخرج من داخل أروقة المؤتمر لتثلج قلوب المصريين جميعًا، باستثناء الفئة الضالة، التى لا هم لها سوى بث السموم والإحباط فى نفوسنا جميعًا. كانت أيام المؤتمر الثلاثة من أعظم الأيام التى مرت علينا، فتحت الفضائيات شاشاتها على «البحرى» لتغطية الفعاليات، واستضافة الوزراء والخبراء ورجال الأعمال، أعلنوا أن مصر الجديدة دخلت حيز التنفيذ، وسنجنى الثمار بمرور سنة أو سنتين، تفهمنا جميعًا ذلك، وظللنا نغوص فى أعماق خيالنا فى شكل الحياة عقب المدة المحددة، وأخذ الكثير بالسؤال عن العاصمة الجديدة «العالمية»، متى وكيف يمكن الانتقال للإقامة بها بعيدًا عن زحام القاهرة وتلوثها، كان الحلم طاغيًا. لكن كانت الصدمة بقدر الفرحة، تم إلغاء الموافقة المبدئية مع الشريك الإماراتى، وجارٍ البحث عن شريك آخر، ليبدأ فى دراسة المشروع وتقديم العطاء المناسب للحكومة المصرية، وهو ما فتح الطريق أمام التساؤلات عن موقف المشروعات الأخرى التى ملأت وتصدرت صفحات الصحف وشاشات الفضائيات. ما نعرفه أن هناك مشروعًا واحدًا فقط تم تفعيله، والانتهاء من كل تفاصيله، بل والتوقيع عليه، هو المشروع الخاص بشركة «سيمنس» الألمانية، التى تفاوض معها الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيًا أثناء المؤتمر الاقتصادى، وهو أيضًا الذى أنهى الاتفاق الرسمى وقت زيارته لدولة ألمانيا، لكن ما دون ذلك لا نعرف عنه شيئًا، لا حس ولا خبر. هل هناك مشروعات أخرى تم الانتهاء من دراساتها وعقودها، وبدأت مراحل التنفيذ ؟ أم أن ما تم الإعلان عنه ذهب مثل غيره إلى غير رجعة؟، لن أوجه حديثى هذا إلى الحكومة، فلم نعد نثق فى قدرتها على إنجاز المشروعات الضخمة وغير الضخمة، لا يوجد أمامنا سوى الرئيس، وللأسف قد يعتقد البعض ذلك من قبيل المبالغة فى تقديرنا للرئيس، لكن ما نعنيه أن هناك خطرًا يداهمنا، فمع تقديرى واحترامى للرئيس، فلا نريد أن تقف دولة ووطن على فرد مهما بلغ به الأمر من قدرات غير طبيعية. ربما فى وقت ما، كان على الرئيس متابعة التفاصيل الصغيرة، ووضع أسس ولوائح فى طريقة التعامل، لكن ليس عليه أن يتم كل شيء بنفسه، فمهما فعل فلن يستطيع بمفرده إنجاز المطلوب، وهو كم هائل وضخم، لا يقدر عليه بشر بمفرده، ليس بكلامى، بل كلامه هو منذ أن أعلن ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية، طلب من الجميع التكاتف والعمل سويًا. ربما كان الرئيس مخطئًا حين رفع سقف الأحلام لدى الشعب المصرى، حينما ظن أن من يعملون معه يملكون نفس إصراره، نفس طموحاته، ربما يكون الجميع قد اصطدم بقوانين تمنعهم من الانطلاق، قوانين كبلتهم على نحو لم يتوقعوه، فتحول اهتمامهم من إنجاز المشروعات إلى تغيير قوانين تلزم معها تشكيل لجان وموافقات وحوار مجتمعى، قوانين تأخذ من الوقت الكثير لتغييرها، قوانين أصابت الهمم بالإحباط. ربما كانت همة المصريين بعافية، كان احباطهم أقوى من عزيمتهم، لم يساعدوا بالقدر المطلوب منهم، ربما غلّب رجال أعمالهم مصالحهم الشخصية فوق مصالح الوطن، ربما وربما وربما... عفوًا سيادة الرئيس.. لكننا نريد معرفة مصير مشروعات المؤتمر الاقتصادى، نريد أن نعرف مساهمة رجال الأعمال المصريين فى الاقتصاد، كم مصنعًا أقيم ؟ كم وظيفة تم توفيرها ؟ حجم الاستثمارات الأجنبية التى أقيمت حتى الآن؟. فمعرفة ذلك ترفع معنويات المواطنين، سيواجهون الشائعات بكل قوة، ويستقبلون افتتاح قناة السويس بطاقة إيجابية، تمكنهم من مواصلة المشوار. سيادة الرئيس.. أسمع منذ فترة كلامًا سمعناه من قبل، حول رجال الرئيس، ما يتردد أن من هم حول الرئيس يحدون من انطلاقته، ويقفون حائلًا بينه وبين تحقيق الإنجازات، يطلعونه على مايريدون، ويتجاهلون ما يشاءون. ربما يكون ما يتردد ليس له أساس من الواقع، لكن يبقى المهم والأهم أن يدرك الجميع بلا استثناء، أن إخفاء معلومة عن الرئيس جريمة كبرى، عقوبتها تردع بصدق من يفكر أو حتى يتخيل حجب معلومة وإن كانت بحسن نية.