«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يحيي بعد غد اليوم العالمي للمحيطات
نشر في البوابة يوم 06 - 06 - 2015

يحيي العالم بعد غد اليوم العالمي للمحيطات 2015 تحت شعار "محيطات صحية تعني كوكب صحيًا" ويهدف احتفال العام الحالي إلي تأكيد أن المحيطات مركز القلب من هذا الكوكب، وهي التي تربط توصل الناس ببعضهم بعضا في أرجاء المعموة وتنظم المناخ وتطعم ملايين الناس في كل عام، وتنتج الأوكسجين وتوفر موطن لتنوع هائل من الحياة البرية، فضلا عن كل ذلك، توفر أنواع من الأدوية لبني الإنسان وكثير غير ذلك. ولذا، ولضمان صحة مجتمعاتنا وأجيالنا المقبلة وأمنها، فإن من الضروري أن نتحمل مسؤوليتنا في العناية بالمحيطات كما أنها تعتني بنا. ولأسف تأثرت محيطات الكوكب وبحوره تأثرا كبيرا بنشاطات الإنسان مثل سوء الاستغلال والصيد الفوضوي والمحرم قانونا والصيد المدمر فضلا عن الممارسات غير المستدامة للزراعة المائية وتلويث البحار تدمير الموائل والأنواع والتغير المناخي وزيادة حموضة المحيطات.
وجاء أول اقتراح للاحتفال باليوم العالمي للمحيطات من قبل الحكومة الكندية في مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992. ومنذ عام 2002، ومنظمة مشروع المحيط، كانت تحتفل وتنسق فعاليات اليوم العالمي للمحيطات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشبكة العالمية للمحيطات، والرابطة العالمية لحدائق الحيوان وأحواض السمك، ورابطة حدائق الحيوان وأحواض السمك. وفي ديسمبر عام 2008، أعلنت منظمة الأُمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو " التابعة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 111/ 63 ، يوم 8 يونيو يوماً عالمياً للمحيطات، إعتباراً من عام 2009 ، والهدف من الاحتفال هو فرصة متاحة لزيادة الوعي العالمي بالتحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في ما يتصل بالمحيطات.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون -في رسالته بهذه المناسبة- إلي أن المحيطات عنصر أساسي من عناصر النظام البيئي للأرض، وسلامة المحيطات أمر بالغ الأهمية للحفاظ على سلامة الكوكب. فمن بين كل 5 أشخاص يعيش شخصان اثنان على مسافات قريبة نسبيا من الشواطئ، ويعتمد 3 من كل 7 أشخاص على الموارد البحرية والساحلية في معيشتهم، كما تنظم المحيطات المناخ وتعالج المغذيات من خلال الدورات الطبيعية، وتوفر طائفة واسعة من الخدمات، منها الموارد الطبيعية والغذاء والوظائف التي تفيد البلايين من الناس.
وأكد أنه بالنظر إلى الأهمية البالغة للمحيطات بالنسبة لصحة كوكبنا ولرخاء الإنسان، فهي عنصر أساسي في رؤيتنا الناشئة للتنمية المستدامة، بما في ذلك المجموعة الجديدة من أهداف التنمية المستدامة التي يجري الآن إعدادها للاسترشاد بها في كفاح العالم ضد الفقر على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة.
وأوضح أن تغير المناخ تحد كبير يتهدد صحة المحيطات وإنتاجيتها، والعلم واضح في هذا الصدد: لقد تسبب الإنسان في تغيرات للنظام المناخي ذات صلة باحترار المحيطات. فمستويات مياه البحار آخذة في الارتفاع مع ما ينجم عن ذلك من آثار مدمرة على المجتمعات الضعيفة، لا سيما على من يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة النامية، كما تمتص المحيطات جزءا كبيرا من انبعاثات غازات الدفيئة، ومن ثم تتزايد درجة حمضيتها. وأما النظم الإيكولوجية للمحيطات ففي تدهور. والشعاب المرجانية التي تغذي الكثير من الأحياء البحرية عرضة للابيضاض بل وحتى للموت بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وأشار مون إن اليوم العالمي للمحيطات فرصة لنا لكي نوطد عزمنا على تقدير محيطاتنا ومواردها حق قدرها، وعلى حمايتها وإحيائها. وتسعى الحكومات هذا العام إلى اعتماد اتفاقات تاريخية عن تغير المناخ والقضاء على الفقر، ولكي تنجح في هذا المسعى يتعين أن تنظر في الدور الأساسي الذي تضطلع به محيطات العالم. والمحيطات وإن كانت مترامية الأطراف فإن لها قدرة محدودة على تحمل ما يسببه البشر من أضرار. وفي هذه السنة التي يمكن أن تكون سنة فاصلة، يجب أن نلتزم باستخدام هبات المحيطات استخداما سلميا وفي إطار من الإنصاف والاستدامة على مدى أجيال قادمة.
إن محيطات العالم درجة حرارتها والكيمياء الخاصة بها وتياراتها والحياة فيها هي التي تقف وراء النظم العالمية التي تجعل كوكب الأرض صالحاً للسكنى بالنسبة للبشرية. فمياه أمطارنا ومياه شربنا وطقسنا ومناخنا وسواحلنا وقدر كبير من غذائنا، بل وحتى الأكسجين الموجود في الهواء الذي نتنفسه، توفرها البحار وتنظمها جميعاً في نهاية المطاف. وقد كانت المحيطات والبحار على مر التاريخ قنوات حيوية للتجارة والنقل. وتمثل إدارة هذا المورد العالمي الجوهري بعناية سمة أساسية من سمات مستقبل مستدام.
وتغطي المحيطات ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، وتحتوي على 97 % من المياه الموجودة على سطح الأرض، وتمثل 99 % من حيز العيش على الكوكب بحسب الحجم. كما يعتمد أكثر من 3 بلايين شخص على التنوع البيولوجي البحري والساحلي فيما يتعلق بسبل معيشتهم، من بينهم كثيرون في البلدان النامية يمثل صيد الأسماك بالنسبة لهم نشاطاً رئيسياً. وتحتوي المحيطات على زهاء 200 ألف نوع محدد، ولكن الأعداد الفعلية قد تكون بالملايين ، وتمثل المحيطات أكبر مصدر في العالم للبروتين، بحيث يعتمد أكثر من 2.6 بليون شخص على المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين بالنسبة لهم.
ويعمل في مصائد الأسماك البحرية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أكثر من 200 مليون شخص. وعالمياً تقدر القيمة السوقية للموارد والصناعات البحرية والساحلية بمبلغ 3 تريليونات من الدولارات سنوياً أو نحو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، وتوفر النظم البحرية والساحلية نسبة تقدر بما يبلغ 63 % من خدمات النظم الإيكولوجية العالمية.
وتستوعب المحيطات نحو 30 % من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر، بحيث توفر حماية من تأثيرات الاحترار العالمي. وتعتبر نسبة تصل إلى 40 % من محيطات العالم 'متضررة بشدة' من الأنشطة البشرية، ومن بينها التلوث واستنفاد مصائد الأسماك وفقدان الموائل الساحلية من قبيل الشعاب المرجانية وأشجار المنغروف والحشائش البحرية، وكذلك من جراء الأنواع المائية الغازية. وتوفر الشعاب المرجانية خدمات ثمينة كثيرة، من أجل إدارة المخاطر الطبيعية (بقيمة تصل إلى 189 ألف دولار من دولارات الولايات المتحدة للهكتار الواحد كل سنة)، والسياحة (بقيمة تصل إلى مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة للهكتار الواحد كل سنة)، والمواد الوراثية والتنقيب عن الموارد البيولوجية (بقيمة تصل إلى 57 ألف دولار من دولارات الولايات المتحدة لكل هكتار كل سنة) ، ومصائد الأسماك (بقيمة تصل إلى 818 3 دولاراً من دولارات الولايات المتحدة لكل هكتار كل سنة).
وتساهم الإعانات التي تقدم لصيد الأسماك في سرعة استنفاد أنواع سمكية كثيرة وتحول دون بذل جهود لإنقاذ وإعادة مصائد الأسماك العالمية وفرص العمل المتعلقة بها، مما يتسبب في خسائر بمبلغ قدره 50 بليون دولار من دولارات الولايات المتحدة كل سنة كانت مصائد الأسماك المحيطية يمكن أن تحققه.
ويشير تقرير صادر عن المفوضية العالمية للمحيطات الأهمية الاستثنائية لحماية البحار والمحيطات خصوصاً، الخدمات الحصرية لأعالي البحار أي المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية للدول التي تشكل أكثر من 70% من مجموع حجم البحار والمحيطات. وتشكل البحار والمحيطات النظم الإيكولوجية الأكبر في الكرة الأرضية، إذ تحتوي على أكثر من 1.3 مليار كيلومتر مكعب من المياه وتؤلف ما يزيد على 90 % من المجال الحيوي المخصص للعيش؛ لكنها الأكثر معاناة من سوء الفهم بين النظم الإيكولوجية.
وذكر التقرير الذي يوصي بضرورة أن تحدد الأمم المتحدة هدفاً تنموياً مستداماً للمحطيات، وأن يعين ممثل خاص للأمم المتحدة مختص بالمحيطات. ويوصي التقرير أيضاً بضرورة تعديل الاتفاقية الدولية لقانون البحار وتفعيلها، ما يعزز سبل الحماية والحفاظ على النظم الإيكولوجية في أعالي البحار ويضمن استدامتها، وبضرورة الحد من الصيد في أعالي البحر، تمهيداً لمنعه مطلقاً، إضافة إلى ضرورة تقليص الأفراد استخدامهم الشخصي للبلاستيك، وذلك من خلال تدخل مباشر للحكومات وحوافز للأفراد على الاتجاه لبدائل أخرى.
وأكد التقرير أن الاتفاق على اتفاقية دولية جديدة للتعويض على الخسائر والأضرار التي لحقت بالبحار والمحطيات جراء التنقيب عن الغاز والنفط باتت ضرورة ملحة، وإن شركات التنقيب عن الوقود الأحفوري يجب أن تخضع لاتفاقية دولية ملزمة.
ويشير التقرير إلى أن التصنيع والاستخدام الجائر لأعالي البحار يهدد الثروة الطبيعية للنظم الإيكولوجية في أعالي البحار والخدمات التي توفرها للناس. فأنشطة التعدين بحثاً عن معادن ومصادر جديدة للوقود الأحفوري تؤدي على الأرجح إلى زيادة الاستعمال الصناعي لأعالي البحار، كذلك فإنها تلحق مزيداً من الأضرار بنظمها الإيكولوجية. ومنظومة الحكم المعتمدة في إدارة أعالي البحار مفككة، حيث تركز مؤسسات دولية مختلفة على أنشطة صناعية محددة أو أماكن معينة أو حتى أجزاء مختلفة من النظام الإيكولوجي. وثمة أدلة متزايدة على أن خدمات النظم الإيكولوجية التي توفرها المحيطات هي ذات قيمة اجتماعية واقتصادية عالية. وكذلك تظهر أدلة واضحة على أن سوء إدارة الأنشطة البشرية يسبب تآكل الثروة الطبيعية والإنتاجية في النظم الإيكولوجية لأعالي البحار، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية سلبية.
وينظر التقرير في 15 خدمة مهمة توفرها النظم الإيكولوجية في أعالي البحار، من خدمات التموين (ثمار البحر؛ المواد الخام؛ الموارد الجينية؛ الموارد الطبية؛ موارد الزينة)، إلى خدمات التنظيم (تنقية الهواء؛ تنظيم المناخ؛ ضبط النفايات؛ التحكم البيولوجي)، وخدمات المواطن الطبيعية (صيانة دورة الحياة؛ حماية الجينات)، والخدمات الثقافية (الاستجمام والترفيه؛ المعلومات الجمالية؛ والمعلومات عن الثقافة والفن والتصميم ). وتدعم أعالي البحار الكائنات الحية المهمة اقتصادياً التي تسبح أو تهاجر أو تنجرف بعيداً عن الحدود الجغرافية لأعالي البحار، ما يجعل من الصعب إدراك مدى إسهام النظم الإيكولوجية لأعالي البحار في الخدمات التي تنتج في أعالي البحار، إنما تجري الإفادة منها في أماكن أخرى على بعد آلاف الكيلومترات أحياناً.
يضع التقرير تقويماً لقيمة هذه الخدمات، ويدرجها في سياق التكاليف المترتبة عن تحسين الحكم وإدارة الأنشطة البشرية في أعالي البحار، مع تركيز خاص على تحسين حماية الحياة البحرية. ويركز على إعطاء تقديرات عن القيمة الاقتصادية لخدمتين مهمتين توفرهما النظم الإيكولوجية في أعالي البحار: تخزين الكربون والمصايد.
ويعمل المحيط احتجاز وخزن أكثر من نصف ثاني أوكسيد الكربون الذي ينتجه حرق الوقود الأحفوري، وثلث المجموع الذي تنتجه البشرية، مما أدى إلى خفض معدلات ثاني أوكسيد الكربون في الجو، ويمكن أن يسهم في تبطيء التغييرات في درجة الحرارة العالمية وسواها من التداعيات المرتبطة بتغير المناخ. ويحصل ذلك من خلال عمليات فيزيائية وبيولوجية على السواء. وتشمل العمليات الفيزيائية تحلل ثاني أوكسيد الكربون في المحيط ونقله إلى أعماق المحيطات على امتداد مئات آلاف السنين ، أما العمليات البيولوجية فتشمل تثبيت الكربون عن طريق التخليق الضوئي في الطبقات السطحية للمحيط بواسطة العوالق النباتية التي تنفق وتغرق لاحقاً أو تستهلَك، فيبقى الكربون مثبتاً بعيداً من الجو.
وبحسب تقديرات التقرير، تثبت أعالي البحار 49%، أي نحو 23 مليار طن من أصل نحو 47 مليار طن من الكربون الذي تثبته العوالق النباتية. ويمكن تقدير كميات الكربون التي يجري احتجازها وتخزينها في الأعماق انطلاقاً من مقادير الكربون المثبت (صافي الإنتاج الأولي)، وكيفية استهلاكه أو تحليله من قبل الحيوانات والكائنات الحية الدقيقة أثناء انحداره في المياه. وانطلاقاً من تقدير كمية الكربون المخزنة تحت عمق الألف متر (0.276 مليار طن في السنة)، ومن إضافة الكربون المصدر من طريق آليات بيولوجية أخرى (النترجة ، ومضخة الكربونات، والكربون العضوي المذاب)، ومن احتساب جزء من المنحدر القاري خارج المناطق الاقتصادية الحصرية ، تشير تقديرات التقرير إلى أن الرقم الإجمالي لاحتجاز الكربون البيولوجي وتخزينه في أعالي البحار يبلغ 0.448 مليار طن من الكربون سنوياً.
كما يحلل التقرير التأثيرات الاقتصادية للمصايد في أعالي البحار، مع التركيز على درجة التشارك والتفاعل بين الأرصدة السمكية في أعالي البحار وداخل المناطق الاقتصادية الحصرية. وقد توصلت إلى أن 42% من أنواع الأسماك ذات الأهمية التجارية عالمياً التي شملها التحليل، يجري اصطيادها في أعالي البحار والمناطق الساحلية على السواء ، وأن أقل من نسبة 1% يجري اصطيادها حصرياً في أعالي البحار. أما الأرصدة السمكية الكثيرة الترحال وكذلك الأرصدة السمكية المتداخلة، أي التي نجدها في أعالي البحار والمناطق الاقتصادية الحصرية معاً، فتشكل 67% من مجموع المصيد العالمي ، و72 % من مجموع القيمة بعد التفريغ في المصايد التجارية العالمية.
ويتوقّع التقرير أن يسهم إغلاق أعالي البحار بالكامل أمام الصيد في توليد مزيد من المنافع الاقتصادية الصافية، بالمقارنة مع الوضع الحالي. فعبر حماية الرأسمال الطبيعي للأرصدة السمكية في أعالي البحار من شأن الدول الساحلية أن تستمر في الإفادة من المصايد التي تعتمد على أعالي البحار، إنما يمكن اصطياد أسماكها في المناطق الاقتصادية الحصرية. ومن المتعارف عليه على نطاق واسع أن تنوع الحياة الذي ينعكس في الخصائص الإيكولوجية للكائنات الحية في قاع البحار والعمود المائي يؤدي دوراً جوهرياً في صيانة خدمات التنظيم. والسبب هو أن تنوع الكائنات الحية يسهم في ضبط العمليات الأساسية على غرار الترسيب، ودورات المواد الغذائية والغاز، وتكوين المواطن. وأن أحد المؤشرات على حدوث تغيير في التحكم البيولوجي نجده في الطفرة التي تشهدها أنواع معينة (مثلاً قنديل البحر أو الطحالب).
فعلى سبيل المثال، يعتقد أن صيد الأسماك المفرط قادر في بعض الظروف على تغيير هيكليات النظم الإيكولوجية، بحيث لا يعود بإمكان الضوابط البيولوجية إعادة تكوين شبكات غذائية سليمة. وخدمتا المواطن اللتان يرجح أنهما مهمتان في أعالي البحار، "صيانة دورة الحياة وحماية الجينات" ترتبطان عن كثب بالعمليات الإيكولوجية الأساسية. ويمكن أن تؤدي التغييرات في أي من الخصائص الإيكولوجية المحورية إلى تبديل قدرة الموطن على دعم الحياة. من هذه الاختلالات في التوازن التغييرات في الأنماط التناسلية وتطور أنواع يافعة مهاجرة. على سبيل المثال، قد يسبب التراجع في إنتاجية المواطن التي تستخدمها الحيوانات المهاجرة للتكاثر أو حماية صغارها، إرغام هذه الأنواع على عبور مسافات أطول لإيجاد مواقع بديلة مناسبة.
وتحدث الأنشطة البشرية تغييرات في عافية النظم الإيكولوجية ، حيث يلحق التلوث، وانتقال الأنواع الغازية، والتدمير المباشر للمواطن في حالة الاستخراج من قاع البحر أضراراً إيكولوجية ، وتؤثر سلباً في قيمة خدمات النظم الإيكولوجية في أعالي البحار. ومن شأن تأثيرات تغير المناخ ، ولا سيما ارتفاع درجات حرارة المحيطات، وتراجع معدل الأوكسجين وزيادة التحمض، أن تحدث تبدلاً في عافية خدمات النظم الإيكولوجية وقيمتها. وقد تسبب الأنشطة البشرية التي تحدث في أعالي البحار تداعيات اقتصادية إيجابية وسلبية على السواء.
وقد تكون بعض الأنشطة المربحة مادياً مستقلة عن عافية النظم الإيكولوجية، مثل الشحن واستخراج الموارد المعدنية من قاع البحار. ويمكن أن تلحق هذه الأنشطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة أضراراً بالحياة البحرية والنظم الإيكولوجية. وتعتمد أنواع أخرى من الأنشطة مباشرةً على عافية النظم الإيكولوجية، بيد أن الإدارة السيئة لهذه الأنشطة تسبب الأضرار. مثلاً، يؤدي صيد الأسماك المفرط من خلال خفض إنتاجية الأرصدة السمكية وقدرتها على المقاومة مباشرة في قدرة أعالي البحار على إنتاج ثمار البحر.
ومن شأن التداعيات الأخرى للصيد على غرار المصيد العرضي، وتدمير النظم الإيكولوجية، والاضطرابات الفيزيائية (مثل ظهور أعمدة ترسيب بسبب استخدام المناشل القاعية)، أن تؤدي إلى حدوث تراجع في أرصدة أنواع أخرى من ثمار البحر؛ وتؤثر في صيانة دورة الحياة، والتحكم البيولوجي ، والموارد الجينية والطبية، وحتى تنظيم المناخ.
وخلص التقرير إلى أن أعالي البحار تدعم ما لا يقل عن 15 فئة كبرى من خدمات النظم الإيكولوجية التي يعرف بأنها مهمة للرفاه البشري ، ولهذه الخدمات قيمة اقتصادية مثبتة. صحيح أن البيانات المتوافرة حالياً لا تتيح سوى تخمين القيمة العائدة لعدد قليل منها، إلا أن اثنتين من هذه الخدمات - احتجاز الكربون وتخزينه، والمصايد التجارية - توفر للمجتمع قيمةً تصل إلى 10 مليارات الدولارات سنوياً. ويعتقد أن خدمات النظم الإيكولوجية البحرية في أعالي البحار تولد قيمة أقل بكثير من قدرتها الفعلية، وذلك بسبب الأنشطة البشرية غير الخاضعة للرقابة التي تدار بطريقة سيئة، مما يؤدي إلى إلحاق الأضرار بتلك النظم. ومن شأن تحسين إدارة أعالي البحار أن يؤدي إلى وضع حد للتراجع في قيمة خدمات النظم الإيكولوجية في أعالي البحار، وتحسين قدرة هذه النظم على المقاومة، وحتى زيادة القيمة الإجمالية لهذه النظم وللخدمات التي توفّرها.
وبحسب تقديرات التقرير، النظم الإيكولوجية في أعالي البحار مسؤولة عن نحو نصف الإنتاجية البيولوجية للمحيطات العالمية أي أكثر بكثير مما كان يعتقد سابقاً. فيما يلفت التقرير إلى أن علوم عزل الكربون في أعالي البحار لا تزال قيد التطوير، وتشير تقديراتها إلى أن نحو نصف مليار طن من الكربون أي ما يساوي أكثر من 1.5 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون، تحتجزها الكائنات الحية في أعالي البحار وتخزنها سنوياً. وتراوح قيمة تخزين الكربون من قبل المكون الحي في النظم الإيكولوجية لأعالي البحار بين 74 ملياراً و 222 مليار دولار سنوياً. وتثبت أعالي البحار 49% أي نحو 23 مليار طن من أصل نحو 47 مليار طن من الكربون الذي تثبته العوالق النباتية. ويصطاد سنوياً نحو 10 ملايين طن من الأسماك في أعالي البحار، مما يولد بدوره قيمة إجمالية بعد التفريغ تفوق 16 مليار دولار في السنة.
كما يخلص التقرير إلى أنه نظراً إلى أن نسبة المصيد العالمي المأخوذة حصراً من أعالي البحار لا تتجاوز 1 % ، من المنطقي اقتصادياً واجتماعياً وإيكولوجياً إغلاق أعالي البحار أمام الصيد، لأن ذلك يتيح توليد مزيد من الأرباح الاقتصادية الصافية والمحصول الصافي في المناطق الاقتصادية الحصرية ، ويسهم في الحفاظ على المحيطات عبر تعزيز استدامتها وقدرتها على المقاومة. وثمة أدلة دامغة، ولو كانت غير مكتملة على أن القيمة الاقتصادية للنظم الإيكولوجية في أعالي البحار والخدمات ذات الصلة كبيرة جداً. وتولد هذه النظم الإيكولوجية قيماً سوقية وقيماً غير متداولة في السوق، لكنها تسهم أيضاً في الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للإنسان. ويصطدم تحسين الإدارة البيئية لأعالي البحار بالعراقيل بسبب النزعة المزمنة في تقدير المنافع الاقتصادية التي يمكن تحقيقها في حال تعزيز عافية النظم الإيكولوجية في أعالي البحار بأقل من قيمتها الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.