سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسد في المصيدة.. "داعش" يسيطر على تدمر ويدق أبواب دمشق.. المدينة الأثرية الأعظم تحت رحمة التنظيم الإرهابي.. وإسرائيل تشيد.. واليونسكو يستغيث بمجلس الأمن
سقوط مدينة زنوبيا "تدمر" في يد تنظيم الدولة في العراق والشام "داعش"، ضربة إستراتيجية جديدة لنظام بشار الأسد تجعل بقاءه على المحك. فالتنظيم ركز كل ضرباته باتجاه بادية الشام بعدما نجح الجيش السوري الحر- الذراع العسكري لجماعة الإخوان والمدعوم من تركيا- في منع تنظيم الدولة في العراق والشام من السيطرة على مواقع تقع بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وأشادت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية بمواقف الجيش السوري الحر ودوره في حماية أمن إسرائيل بتصديه لتنظيم داعش ومنعه من الاقتراب من الحدود الإسرائيلية. وذكر إليكس فيشمان محرر الشئون العسكرية بالصحيفة، أنه كانت هناك محاولات عديدة من قبل تنظيم الدولة للسيطرة على مناطق باتجاه الحدود الإسرائيلية لكن هذه المحاولات فشلت بسبب تصدي الجيش الحر وجبهة النصرة لتنظيم داعش. وبسيطرة داعش على تدمر فإن نصف مساحة سوريا باتت تحت يد التنظيم، وترصد الأنظار الآن تحركات داعش باتجاه باقي بادية الشام. ويسيطر تنظيم الدولة الآن على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسوريا، كما أنه يسيطر ويتواجد في تسع محافظات سورية هي حمص والرقة ودير الزور والحسكة وحماة وحلب ودمشق وريف دمشق والسويداء، إضافة لوجود موالين له في محافظة درعا. كما أصبح يسيطر على الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا، وبقي خارج سيطرته كل من حقل شاعر الذي تسيطر عليهما قوات النظام في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي في ريف الحسكة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، إن سيطرة داعش على "تدمر" فتحت له الطريق على البادية السورية وصولا إلى الحدود العراقية، وإن كان النظام لا يزال يحتفظ في هذه المنطقة ببعض المواقع العسكرية، بينها ثلاثة مطارات عسكرية "س 1" و"س 2" ومطار تيفور العسكري، لكن جغرافيا، باتت نصف مساحة سوريا تقريبا تحت سيطرة التنظيم الجهادي. وإضافة إلى المخاوف الدولية التي يثيرها سيطرة التنظيم على مدينة تدمر الآثرية فإن مخاوف نظام الأسد باتت تتزايد وبقاؤه بات على المحك، فداعش أصبحت قادرة على خنق النظام من تدمر التي توجد بها حقوق الغاز التي تضيء دمشق ما يجعل حلم التنظيم الإرهابي بالسيطرة على العاصمة السورية واقعيا يعكس ذلك العمليات النوعية التي قامت بها داعش في دمشق، واستهدفت السفارة الروسية هناك. الأهمية الإستراتيجية لتدمر سيطرة داعش على تدمر يعد بمثابة مكسب إستراتيجي كبير للتنظيم الإرهابي فهي يقربهم من حلم الخلافة وقيام دولتهم في العراقوسوريا كما يمكن التنظيم من خنق نظام الاسد. فعلاوة على المكاسب العسكرية التي غنمها التنظيم الإرهابي والمتمثلة في منشآت الجيش بالمدينة ومعظمها منشآت حديثة فان المدينة تقع على طريق بري سريع يربط دمشقبمحافظات شرق سوريا التي يقع معظمها تحت سيطرة المعارضة السورية. كما أن سيطرة داعش على تدمر تمكنه من الربط بين مناطق يسيطر عليها في شمال سوريا ووسطها وشرقها، وتهديد مدينة حمص، وقطع أحد الشرايين الرئيسية لتنقل القوات السورية بين المحافظات، كما أن البادية السورية، التي تتوسطها تدمر، تملك حدودًا طويلة مع محافظة الأنبار العراقية، التي كان قد سيطر التنظيم التكفيري على "عاصمتها" الرمادي قبل أيام، إضافة إلى أن تدمر والمناطق المحيطة بها تملك مخزونًا هائلًا من النفط والغاز ويوجد بها حقلي الهيل واراك وهما من أهم الحقول التي تزود المدن التي يسيطر عليها النظام بالكهرباء. انهيار مفاجئ أثار سقوط تدمر التساؤلات عن الانسحاب السريع لقوات الجيش السوري الموالي للنظام والمليشيات المتحالفة معه من المدينة. ووصف ناصر الثائر عضو تنسيقية الثورة في مدينة تدمر سقوط المدينة بأنها عملية استلام وتسليم واضح بين النظام وتنظيم داعش. وقال الثائر في تصريحات صحفية الخميس، إن التنظيم سهّل انسحاب قوات النظام ولم يستهدفها، مشيرا إلى أن قوات النظام نقلت سجناء تدمر سيء الصيت معها إلى دمشق. وأضاف الثائر: "لقد سيطر تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل على مدينة تدمر وريفها كقرية السخنة والعامرية، وكانت خسائر النظام قليلة جدًا، وحدثت اشتباكات خفيفة بين قوات النظام وتنظيم الدولة، وبعدها انسحبت قوات النظام فورًا من جميع نقاط تمركزها في المدينة إلى فرع الأمن العسكري، ومن ثم إلى مناجم الفوسفات الشرقية، ومطار التيفور، وتحت سيطرة قوات النظام الآن مناجم الفوسفات الشرقية تبعد 60 كم عن تدمر على طريق دمشق تدمر". وأكّد الثائر أن خسائر قوات النظام "كانت قليلة" خلال الاشتباكات بين الطرفين والتي استمرت عدة أيام وقال "هناك القليل جدًا من الضحايا، وأعدادهم لا تتجاوز الخمسين في المدينة". سجناء تدمر وعن مصير سجناء سجن تدمر الشهير والأفرع الأمنية بالمدينة، قال "لقد تم تحرير جميع السجناء من سجن تدمر، وقامت قوات النظام أمس قبل انسحابها بيوم بترحيل قسم كبير منهم إلى دمشق، ولم يبق سوى أعداد كبيرة من المحكومين بجرائم بسيطة، كذلك تم تحرير السجناء من فرع الأمن العسكري الذي يحمل الرقم (221). ونفى الثائر أن يكون هناك أسرى من قوات النظام بيد تنظيم الدولة الإسلامية، وأوضح "لا يوجد أسرى من قوات النظام أبدًا، فالتنظيم قام بفتح الطريق لهم للانسحاب، والموضوع يدل على أنه قضية استلام وتسليم واضحة جدًا". جريمة حرب وتُعد تدمر أحد المراكز الثقافية للعالم القديم وتمتلئ بالأثار الخلابة بما فيها معبد بيل الذي بني في القرن الأول الميلاد، أما تنظيم داعش فهو يعتبر الحفاظ على الآثار التاريخية ضربا من ضروب عبادة الأصنام وسبق وأن قام بتدمير معابد والآثار التاريخية وكذلك المواقع الآشورية القديمة في نينوى بالعراق، بعد احتلاله للمحافظة العام الماضي. وأبدت منظمة اليونسكو مخاوفها من سيطرة داعش على مدينة تدمر معتبرة ذلك خسارة كبيرة للبشرية، ووصفت ايرينا بوكوفا، تدمير مدينة تدمر الاثرية بأنه جريمة حرب. وأكدت بوكوفا أن تدمر هي موقع استثنائي من التراث العالمي في الصحراء، وأن تدمير المدينة التاريخية ليس فقط جريمة حرب ولكن أيضا خسارة كبيرة للبشرية، حسب تصريحاتها. وكررت المديرة العامة لليونسكو دعوتها لمجلس الأمن للإشراف على عملية حماية لهذه المدينة، وقالت "نحن بحاجة إلى مجلس الأمن، وجميع القادة السياسيين والزعماء الدينيين لمنع هذا التدمير".