البرلمان الإفريقي يناقش خطة لمكافحة الفساد ووقف نزيف نهب أموال القارة

دعا ثابو إمبيكى رئيس جنوب إفريقيا السابق ورئيس لجنة التدفقات المالية غير الشرعية في الاتحاد الأفريقي ..، المجالس التشريعية والنيابية على مستوى دول القارة والبرلمان الأفريقي إلى التحرك سريعا من أجل التصدي لظاهرة التدفقات المالية غير الشرعية لخارج أفريقيا باعتبارها نزيفا يبدد قدرات القارة و مواردها ومعوقا عن تحقيق التنمية المستدامة لشعوبها .
وقال إمبيكى في جلسة خاصة عقدها البرلمان الأفريقى اليوم الخميس ضمن اجتماعاته السنوية في ميدراند بجنوب أفريقيا إن 50 مليار دولار مريكي على اقل تقدير تتسرب إلى خارج أفريقيا سنويا في صورة تدفقات نقدية غير شرعية في وقت تحتاج فيه دول القارة إلى تمويلات قدرها 50 مليار دولار سنويا لتنفيذ مشروعات البنية التحتية تستدين منها 30 مليارا كل عام للإنفاق على هذه المشروعات ويتواجد على ارضها ملايين الفقراء والجائعين والمرضى .
وقال إمبيكى انه خلال عام 2012 قرر وزراء المالية و الاقتصاد الأفارقة خلال اجتماعات اللجنة الاقتصادية اعتبار مشكلة التدفقات غير الشرعية للأموال الأفريقية تهديدا مباشرا لنمو القارة وقرروا تشكيل لجنة لدراسة سبل التصدي لتلك المشكلة واسندوا رئاستها إلى رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو امبيكى الذي عرض اليوم تقرير اللجنة على نواب البرلمان الأفريقى و ما انتهت إليه من توصيات و حقائق .
و قدم امبيكى لنواب البرلمان الأفريقى خطة عمل لمكافحة نزيف التدفقات النقدية غير الشرعة في أفريقيا تقوم على / التتبع و المنع و الاسترداد Track it, Stop it, Get it / .
فعلى صعيد التتبع .. ترمى هذه الخطة إلى إنشاء أجهزة للاستخبارات الوطنية للشئون المالية والاقتصادية في بلدان أفريقيا التي لا تمتلك هذا النوع من الأجهزة الأمنية و أن تعمل تلك الأجهزة بتعاون وثيق مع أجهزة مكافحة الفساد و غسل الأموال و الجمارك ، و إنشاء وحدات للتبع المالي للتحويلات في بنوك القارة الأفريقية الوطنية وبنوكها المركزية للحركات المالية و عمل التنسيق اللازم بين أجهزة الجمارك الأفريقية و كذلك عمل منتدى لهيئات الجمارك الأفريقية على اعتبار أن الازدواج الضريبي يقف كأحد العوامل الدافعة للبعض من رجال الأعمال لتحريك أرباحهم النقدية إلى خارج الدول التي يستثمرون فيها بطرق غير شرعية تفاديا لتكرار دفع ضرائب كانوا قد دفعوها في بلدانهم الأصلية ، والعمل على ضبط أسعار التحويل النقدي بين بلدان القارة وتعميم الرقابة على الأداءات المالية للشركات المتعددة الجنسية ، وكذلك دعا امبيكى إلى دعم شفافية العقود ذات الطابع الدولي في أفريقيا المبرمة من خلال البنك وصندوق النقد الدوليان و مؤسسات التمويل الدولية و الجهات المانحة والبنك الأفريقى للتنمية و محاربة ما قد ينتج عن الهيئات الحكومية الأفريقية من فساد إزاء تنفيذ تلك العقود .
وعلى صعيد المنع والاسترداد .. تقوم الخطة على رفع كفاءة جهزة مكافحة الفساد الأفريقية وقدرتها على امتلاك و جمع المعلومات و تدريب كواردها وتسليح تلك الأجهزة بالتكنولوجيا المتقدمة التي تمكنها من أداء مهامها وتحقيق التكامل الفعال مع أجهزة العالم المناظرة في خارج أفريقيا للعمل على استرداد الأمول الأفريقية المهربة إلى خارج القارة ، واعترف إمبيكى بان التحدي الأصعب يأتي في مرحلة الاسترداد حيث يفتقر العالم إلى آلية ذات طابع دولي لرد أية أموال مهربة يتم اكتشافها قبل أن تتحصن في البلدان التي تم تهريبها إليها ، ودعا إمبيكى البرلمانيين الأفارقة إلى تكثيف الاتصالات مع نظرائهم على مستوى العالم لإثارة هذه القضية والعمل على إنشاء آلية أفريقية لاسترداد أموال القارة المنهوبة أو تلك المهربة إلى خارج القارة بطرق غير شرعية و العمل في الوقت ذاته على الصعيد العالمي لإقامة آلية استرداد الأموال الأفريقية المهربة إلى الخارج ، وقال إمبيكى إن الأفارقة وحدهم هم من سيعيدون أموالهم المنهوبة و المهربة إلى خارج القارة وعليهم المضي قدما في هذا الأمر وعدم انتظار قيام من وصلت اليهم هذه الأموال بردها .
وكشف إمبيكى في كلمته أمام نواب البرلمان الأفريقى عن أهمية العمل على دعم شفافية الصفقات المالية و التعاقدات في دولهم وقال إن من بين المشكلات التي تسببت في نزيف هروب أموال أفريقيا إلى خارج القارة عدم وجود تنسيق دولي من خلال آليات محددة لمنع ذلك واقترح تشكيل آلية أفريقية لدعم شفافية الصفقات المالية تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة و أن يكون لتلك الآلية الأفريقية على مستوى القارة أجهزة وطنية موازية لضمان شفافية الصفقات المالية في كل بلد أفريقى إلى جانب أجهزة مكافحة الرشوة و الفساد الذي يتسبب في استخدام بعض المسئولين لسلطاتهم لتسهيل تحريك أمول أفريقيا إلى خارج القارة .
وكشف إمبيكى عن تسبب صفقات الشركات الكبرى و المتعددة الجنسية في 60 بالمائة من حركة التدفقات غير الشرعية للأموال في أفريقيا وتسبب الفساد في نسبة 10 في المائة منها فيما تتسبب الجرائم التقليدية في 30 بالمائة من حجم المشكلة ، وعليه أوصى التقرير بدعم شفافية الصفقات المالية و مراقبة ذلك كخطوة أولى لمواجهة التدفقات المالية غير الشرعية ووقف نزيفها في أفريقيا .
و من المقرر أن ينعقد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في يوليو القادم مؤتمر التمويل من اجل التنمية في أفريقيا سيكون محور أعماله مناقشة مشكلة التدفقات غير الشرعية للأموال الأفريقية إلى خارج القارة وسبل وقف نزيفها وسيكون ذلك المؤتمر امتدادا لمؤتمر أفريقى سابق استضافته العاصمة الإثيوبية في عام 2002 حول التنمية في أفريقيا ألتى لا تجد تمويلا بينما تتسرب أموال القارة إلى خارجها عبر مسارات غير قانونية.