الدولة «مفككة» وغضب الشباب من الأوضاع «مقبول» أمام «السيسي» مهمة عاجلة ل«إنقاذ الاقتصاد» الوضع الثقافي «رديء للغاية».. و«المشيخة» أصدرت قرار إقالة جابر عصفور الحجاب «علامة تجارية» للتيار الإسلامي وزير التعليم يتعاون مع «السلفيين» ل«تطوير المناهج» وهم ضد التطوير أصلًا «الإخوان وداعش وبوكو حرام» جماعة «واحدة».. والقوى المدنية «ضعيفة» حمّل الدكتور طارق حجى، المفكر الليبرالى، الرئيس عبدالفتاح السيسى، مسئولية تصحيح الخطاب الدينى والمناهج التعليمية، مشيرًا إلى أن «السيسى» تسلم الدولة في يونيو 2013 «مفككة»، وهى حاليًا في «مرحلة انتقالية». وقال «حجى»، في حوار ل«البوابة»، إن جماعة «الإخوان» تسببت في حدوث «شقاق سياسي» بين أطياف الشعب المصرى، مضيفًا أن الجماعة حركة سياسية تنظيماتها ترجع إلى العصور الوسطى، وجزء من نسيجها ومعتقداتها يعتمد على العنف، حتى إن روج البعض بأنها نبذت العنف. ■ بداية.. ما تفسيرك لانتشار «جماعات العنف الديني» بعد ثورات «الربيع العربي»؟ الرئيس التونسى الأسبق «بورقيبة» كانت له مقولة عظيمة جدًا: «في البلدان العربية نظامان الأول فوق الأرض والآخر تحت الأرض»، «فوق الأرض» يتمثل في «الحاكم»، و«تحت الأرض» متمثل في «الإسلاميين»، فالقوى الوحيدة المنظمة في الوطن العربى بعد الحكام المستبدين متمثلة في «التيار الإسلامي»، كما أن هؤلاء الحكام كانوا قد قضوا تمامًا على جميع قوى المعارضة المدنية وهمشوها وأضعفوها، فلم يكن هناك بديل للاستبداد إلا «الشيطان الساكن تحت الأرض». ■ في ضوء ما يحدث في مصر الآن.. ماذا عن الصراع المتواصل بين النظام القائم الآن، ومن وراءه الشعب وجماعة الإخوان المسلمين؟ جماعة «الإخوان» تسببت في حدوث «شقاق سياسي» بين أطياف الشعب المصرى، وليس صراعًا مذهبيًا أو دينيًا، فمن لا يعتقد أن هؤلاء الإرهابيين «سياسيين» أكثر منهم «مسلمين» «شخص ساذج»، ف«الجماعة» حركة سياسية تنظيماتها ترجع إلى العصور الوسطى، وجزء من نسيجها ومعتقداتها يعتمد على العنف، حتى وإن روج البعض بأنها نبذت العنف. ■ ماذا عن علاقة التيار الإسلامى بالولايات المتحدة الأمريكية؟ التيار الإسلامى فتح حوارا مع القوة العالمية العظمى «أمريكا» في عام 2003، من خلال وعدهم بأنهم الوحيدون القادرون على السيطرة على الشارع العربى تحت «لواء الدين»، كما أن هناك العديد من الوثائق التي تؤكد الحوار الأمريكى - الإخوانى في الفترة ما بين 2003 و2011، حتى أن المخابرات المصرية لديها بعض تسجيلات لاجتماعات بين الأمريكان وقطر والرخوان والأتراك مجتمعين في أنقرة. كما أن أمريكا في 2001 أخذت لطمة قوية على وجهها وتهديدا من القوى الإسلامية بأنها قادرة على ضربها، فكان أمام «الكونجرس» خياران إما شن حرب عالمية على الإسلام، أو احتواء تنظيماته، وكان قراراهم هو الحل الأخير، كما أن بعض المصريين ساعدوهم في ذلك، فمثلا الدكتور سعد الدين إبراهيم كان يلقى محاضرات في البيت الأبيض عام 2001، وقال فيها نصًا: «الإخوان قوى معتدلة نبذت العنف وتستطيع السيطرة على الشارع المصرى أكثر من غيرها». ■ هل التيار الإسلامى جزء واحد أم ينقسم إلى فصائل عدة من وجهة نظرك؟ من خلال منهج علمى ربما لا يكون هناك رابط تنظيمى بين جماعة الإخوان المسلمين و«بوكو حرام» و«داعش»، غير أن وحدة الأدبيات ووحدة الهدف تجعلهم شيئا واحدا، فأنا أرى أن الإسلام السياسي عبارة عن شجرة ساقها «الإخوان» وفروعها تتمثل في جميع التنظيمات الإسلامية باختلاف توجهاتها في كل دول العالم، حتى من ضمن هذه التنظيمات حركة «حماس» التي تغير اسمها عام 1966 من «الإخوان المسلمين - فرع غزة» إلى اسمها الحالى، وبالبحث في السير الذاتية لقادة حماس نجدهم جميعًا خريجى جامعة الأزهر فرع غزة، و«حماس» جزء لا ينفصل عن «إخوان مصر»، والدليل على ذلك أن «مبارك» حاول أن يُجلس «الإسرائيليين» مع «حماس» خلال عشرين عاما لكن فشل، بينما استطاع «مرسي» في 28 ديسمبر عام 2012، أن يعقد اتفاقية بين الجهتين، كما أن «هنية» و«الزهار» و«مشعل» عندما كانوا يزورون مصر لا يتجهون لمقابلة «مرسي» رغم أنه رئيس الجمهورية وقتها، لكنهم يتجهون مباشرة إلى «المرشد العام»، فإخوان مصر حاولوا أن يعجلوا باتفاق بين إخوان غزة وإسرائيل، ليثبتوا لأمريكا أنهم أقدر من «مبارك»، قائلين للبيت الأبيض «حتى الشيطان اللى اسمه حماس اللى مطلع عينكوا هنجيبوا تحت رجل إسرائيل»، وبذلك ليس بالضرورة أن تكون «حماس» و«الجماعة» تنظيم واحد على الورق، لكن الأهم أنهما تنظيم واحد بالفعل. ■ إذا تحدثنا عن الشأن الداخلى.. ما رأيك في أداء القوى الليبرالية الموجودة على الساحة السياسية؟ أعتقد أن حسابات بعض ممثلى «الليبرالية» في كثير من الأحيان تكون خاطئة، فهم غير محددين لهدفهم من تبنى الفكر «الليبرالي»، فالليبرالية ومؤيدوها يسعون إلى دولة مدنية يكون فيها الدين «شيء شخصى»، إضافة إلى السعى للحفاظ على حقوق الناس في التعبير وفى الاعتقاد، وهذه الأمور لن تتحقق بما يفعله بعض «الليبراليين» من خلال ظهورهم في مناظرات دينية، أو الترويج لحملات «خاوية». ■ وكيف يتحقق ذلك؟ مبدئيًا لا بد من الالتفات إلى مناهج التعليم في مؤسسة «الأزهر» ومحاولة تصحيحها، و«غربلتها» من المواد التي المحرضة على العنف والعنصرية وعدم قبول الآخر، ورفض كل من «التعددية الدينية» و«الدولة المدنية»، خاصة أن بعض الكتب الأزهرية تحتوى على نصوص من العار أن تدرس لطلبة، ونقوم بنفس الشيء في التعليم «المدني»، هكذا سوف نحقق غايتنا في دولة مدنية. وعلينا باستخدام التكنولوجيا العصرية أيضًا من أجل «عصرنة» الخلافات الجدلية، وإيجاد حلول سريعة وحاسمة لبعض الأمور الدينية المختلف عليها، فمثلًا في عام 1980 لو حدث خلاف على حديث رواه «البخاري»، كان يذهب الباحث للتأكد إلى دار الكتب والبحث في مئات الكتب الخاصة ب«البخارى» وربما في النهاية لا يصل إلى نتيجة، لكن في عصرنا الوضع اختلف لأن المواقع البحثية ستظهر كل الكتب والأبحاث التي نشرت عن هذا الحديث، إذًا تصحيح المفاهيم أصبح أسهل كثيرًا. ■ ماذا عن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى؟ تجديد الخطاب الدينى وتطوير المناهج من أهم وأبرز مسئوليات الرئيس، ومن يقول إن هذا يخالف مطالب الدولة المدنية فهذا يفرض تساؤلا منطقيا «هي فين أصلًا الدولة المدنية؟»، والشباب الغاضب عنده حق يرفض الدولة الحالية ويعتبرها بعيدة كل البعد عن المدنية، لكن أيضًا لا بد أن يعلم الشباب أن الدولة التي تسلمها «السيسى» في يونيو 2013 كانت مفككة، وهى حاليًا في مرحلة انتقالية، ولكى ننتهى من هذه المرحلة ف«السيسى» أمامه مهمتان، الأولى عاجلة وهى «الإصلاح الاقتصادي»، وآجلة وهى تطوير التعليم وتنقيته من مواد التخلف الدينى. ■ لكن كيف يتقبل المواطنون فكرة تنقية النصوص الفقهية؟ ما يسمى حاليًا «إسلام» هو في معظمه «تراث» نتاج للقرن الثانى الهجرى، لأن معظم المادة الموجودة بين يدينا حاليًا لم يتم تجميعها في عصر الرسول ولا في عهد الصحابة، فالبخارى على سبيل المثال جاء بعد الرسول ب180 عاما، فلنفرض أن هذا «التراث» بالفعل مادة عظيمة لكن لوقته وزمنه وليس لعصرنا الحالى، فلا يمكن أن نستمر متمسكين به، وهذا يطابق ما قاله «السيسى» مطالبًا بأن نخرج التراث الدينى من «الفريزر». ■ ماذا عن الوضع الثقافى في مصر؟ الوضع رديء للغاية وخير دليل على ذلك إقالة وزير الثقافة السابق جابر عصفور الذي يعد من القامات الثقافية، لكن عندما رفض تدخل «الأزهر» في عمله قائلًا: «أنا بس اللى أحدد الأفلام التي تمنع من العرض في السينما أو لا» وتحدى «المشيخة» بإتاحة عرض فيلم «نوح»، لم يقف الأمر عند ذلك فبعد إقالته جاء وزير ثقافة ولاؤه الوحيد ل«الأزهر»، وما حدث يعكس رسالة سيئة للغاية تحذر أي وزير من الصدام مع «الأزهر» وضرورة الالتزام بمرجعيته. ■ وبالنسبة إلى وضع التعليم؟ يكفى أن وزير التربية والتعليم الحالى «يضيع وقته» مع السلفيين، ويجلس معهم لبحث تطوير التعليم، لكى نقيم وضع التعليم في مصر، فالوزير يسعى ل«التطوير» مع «السلفيين» رغم أن هذه الجملة من الناحية الفلسفية خاطئة، ف«السلفية» ضد «التطوير»، كما أن الوزير نفسه عندما حاول الاستفادة من التجارب الدولية في مجالات التعليم، قرر أن يرسل بعثات ل«باكستان»، وهذا لا يتجاوز كونه «هزار سخيف»، لأن كل من يقرأ عن تطوير المناهج والتعليم يعرف جيدًا أن أفضل نظامين دوليين متواجدين في «سنغافورة»و«فنلندا»، كما أن مناهج التعليم بها مواد مريضة، فمثلًا مناهج اللغة العربية يتم تدريسها للمسلمين والمسيحيين بآيات من القرآن غالبًا ما تكون محرضة ضد «الأقباط». ■ ننتقل إلى ملف آخر.. ما السبب في انتقاداتك الأخيرة الموجهة إلى المملكة العربية السعودية؟ الهجوم الحالى على المؤسسة الإعلامية السعودية بسبب قيام أحد الصحفيين السعوديين بالإساءة إلى مصر، والتطاول على الرئيس «السيسى» ووصفه ب«عديم الخبرة السياسية»، كما أننى منذ سنين وأنا انتقد المؤسسة الدينية السعودية، السعودية لها مطلق الحرية بأن تضع شعارا دينيًا على علمها، وحرة في تنبى الفكر الوهابى فهذا شأنها، لكن ما يثير غضبى أن السعودية على مدى التاريخ، فيما عدا عهد الملك «عبدالله»، كانت مناصرة للإخوان. وبعض الشواهد تؤكد أن النظام السعودى يستهدف وقوع صلح بين القيادة السياسية المصرية و«الإخوان»، وهى مسألة مرفوضة رفضا تاما بالنسبة المواطنين المصريين. ■ كيف تقرأ ما يحدث في اليمن؟ ما يحدث في اليمن رغبة أمريكية بوقوع صراع سُنى شيعى مسلح، بدأ من العراق، ومر بسوريا، ووصل اليمن مؤخرًا، إضافة إلى بث روح الصراع في نفوس بعض الأقليات الشيعية في مناطق مثل شرق السعودية والبحرين، وأنا أرى أن الإشكالية السنية الشيعية تحل من خلال المفاوضات وليس السلاح. ■ هل الوضع في مصر مؤهل إلى صراع «سنى - شيعى»؟ لا على الإطلاق، «مصر» أكبر كثيرًا من أي صراعات مذهبية، فنسيجها أقوى بكثير من أنسجة الدول الحديثة، حيث إن معظم الدول العربية نسيجها حديث، ومن بين الأسباب التي تقف ضد الصراع «السُنى - الشيعي» في مصر، أن معظم سُنة مصر في الأصل «شيعة»، فالسُنة المصرية تحتفل بالموالد، ولأهل البيت في قلوبهم محبة شديدة، ويترددون على المقامات، وهذا يرجع لوجود الدولة الفاطمية في مصر، فالأزهر نفسه في الأصل مؤسسة «شيعية»، حيث تم تشييده خلال الدولة الفاطمية. كان من الأولى نجاح مخطط التفكيك الذي استهدف نسيج المصريين من خلال بث الفتنة بين المسلمين والأقباط، لكن هذا المخطط فشل، وأتضح أن «الإخوان» هم الوحيدون المستفيدون منه، حيث إن بعض القيادات الإخوانية اتهمت «الأقباط» بأنهم يعملون لصالح المخطط الأمريكى، لكن اتضح أن الإخوان «راميين نفسهم في حجر أمريكا». ■ أخيرًا.. ما رأيك في دعوات خلع الحجاب؟ عصام العريان سهل هذه النقطة عندما قال «صار الإخوان على طريق الوصول للسلطة منذ ارتدت المرأة المصرية الحجاب»، فالحجاب ظاهرة دينية في جزء منها لكنها اجتماعية سياسية اقتصادية ثقافية طبقية في جزء آخر، ف«الحجاب» هو العلامة التجارية للإسلام السياسي. النسخة الورقية