كان سلفادور دالي، واحدًا من أهم فناني القرن العشرين، وأحد أعلام المدرسة السريالية، والذي تميزت أعماله بالجموح والجنون، وكانت تصدم المُشاهد بموضوعها وتشكيلاتها وغرابتها، ولكنه فنانًا استثنائيًا في إبداعه وجنونه. ولد سلفادور دالي في جرندة بإسبانيا، قرب الحدود الفرنسية وأُطلق عليه سلفادور اسم شقيقه الذي كان قد توفي قبل ولادته بثلاث سنوات، لأسرة ثرية؛ وكان والداه يوفران له كل مطالبه، وعُرف عنه سلوكه الطائش، مثل رفسه رأس شقيقته "آنا ماريا" التي كانت تصغره بثلاث سنوات، أو تعذيب هرّة حتى الموت، بل وكان يُعذب نفسه أيضًا، حيث كان يرتمي على السلالم ويتدحرج أمام نظر الآخرين. كان رامون بيشوت، أحد جيران العائلة هو من ساعد دالي في دخوله إلى عالم الرسم وهو في السابعة من عمره عندما رسم أولى لوحاته، واستطاع الفتى كذلك في مدرسته أن يلفت النظر إلى رسومه التي تنبأت له بمستقبل بارع، ما دفع عائلته وأساتذته إلى حثّه على دخول أكاديمية الفنون الجميلة في مدريد؛ وكان خلال الأشهر الأولى من التحاقه بأكاديمية الفنون الجميلة يتصرف كتلميذ نموذجي، مبتعدًا عن المجتمع المحيط به؛ وكان يذهب إلى متحف البرادو كل يوم الأحد، ويمضي ساعات طويلة أمام لوحات المشاهير أمثال فيلاثكيث، جويا، وسورباران فرانشسكو، وعندما كان يعود إلى الأكاديمية كان يرسم رسومًا تكعيبية للمواضيع التي شاهدها في هذه اللوحات.