زعيم التنظيم أراد استغلال الربيع العربى للسيطرة على الشرق الأوسط المخابرات الأمريكية فشلت في تقييم خطر «أسامة».. وبريطانيا تفاوضت معه سرًا كشفت وثائق سرية، لزعيم تنظيم «القاعدة» السابق، أسامة بن لادن، أن التنظيم كان يخطط لنشر الفوضى في الدول العربية، بالتزامن مع ما عرف باسم «الربيع العربى»، وأن «بن لادن» كان يضع مصر هدفًا رئيسًا للصعود فيها، والاتصال بالتيارات الإسلامية هناك، وإقامة معاقل قوية للقاعدة، عقب انهيار الدولة وسقوط النظام. ووفقًا لثمانى وثائق سرية، عثرت عليها القوات الأمريكية، في معقل بن لادن، أثناء الهجوم عليه وقتله، بمنطقة أبوت آباد، الواقعة على بعد 120 كيلو مترا عن العاصمة الباكستانيةإسلام أباد، فجر الإثنين 2 مايو 2011، فإن إستراتيجية بن لادن كان تقتضى التحرك بقوة في مصر، وبقية الدول العربية، من أجل استغلال الثورات، وسقوط الأنظمة، لتقيم القاعدة حكمها هناك. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، تقريرًا عن تلك الوثائق، جاء فيها، أن بن لادن وضع إستراتيجية، تقتضى التفاوض على هدنة في باكستان، واتصل عبر وسيط مع رئيس المخابرات الباكستانية في ذلك الوقت، حميد جول، من أجل مهادنة التنظيمات التي تحارب «القاعدة»، حتى يركز على تنفيذ خطته التي سماها «توازن الرعب». ويعود تاريخ الوثائق التي رفعت الحظر عنها المخابرات الأمريكية، إلى إبريل 2011، أي قبل شهر واحد فقط من مقتل بن لادن، وكان يركز بصورة كبيرة على الشرق الأوسط، وتعزيز مكانة تنظيم القاعدة في مصر، ودول أخرى مثل ليبيا وسوريا، من خلال الاتصال بالجماعات المتطرفة والمتشددة هناك، بعد سقوط تلك الأنظمة. واستخدمت الولاياتالمتحدة تلك الوثائق في إدانة الباكستانى، عابد نصير، والذي كان يحاكم بتهمة التخطيط لهجمات إرهابية في الولاياتالمتحدة، لكونه أحد أعضاء «القاعدة»، وكان يتواصل مع بن لادن، ويخططان معًا لعمل إرهابى ضخم، مستغلا حالة الفوضى التي نجمت عن الثورات العربية. وأدانت محكمة أمريكية «نصير»، في مارس الماضى، لدوره في مؤامرة مزعومة لتنظيم «القاعدة»، لتفجير مترو الأنفاق في نيويورك، والتي كشفت عنها وثائق «بن لادن»، التي توضح أن تنظيم القاعدة استوعب الفرص الجديدة التي جاءته من الانتفاضات العربية، وأنه تحرك لاستغلالها. وحاول «بن لادن»، خلق جيل جديد من الإرهابيين، بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة، وأرسل رسالة إلى نائبه، عطية عبد الرحمن، يطالبه بالاهتمام بمتابعة تغير المناخ والذي قد يؤثر على مكانة الصومال كمنطقة تجنيد رئيسية للقاعدة وتدريب لعناصره أيضا، واقترح إرسال عناصر القاعدة إلى الجامعات في دول المنطقة لإتقان التقنيات المتطورة التي يمكن أن تستفيد منها الجماعة الإرهابية. يشار إلى أن عطية عبد الرحمن، الرجل الثانى في القاعدة بباكستان، ليبى الجنسية، من عائلة المصراتى، وكان من أقرب المقربين ل«بن لادن»، وكان يقطن في باكستان منذ الثمانينيات، وكان في أواخر الثلاثينيات من عمره، وكان قائد العمليات العسكرية في التنظيم، قبل أن يصبح نائبًا لأيمن الظواهرى، الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، بعد اغتيال أسامة بن لادن، وقتل «عطية» في منطقة وزيرستان القبلية بباكستان، في 22 أغسطس 2011. وتعكس تلك الوثائق خيبة وفشل المخابرات الأمريكية، في تقييم قدرات «القاعدة»، في ذلك الوقت، إذ اعتقد الخبراء الأمريكيون أن التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأنه أصبح ضعيفًا وغير منظم، في حين كان بن لادن يرسم إستراتيجية جديدة للتنظيم، جعلته أكثر قوة، ومهدت الطريق لظهور تنظيم «داعش» الإرهابى. وكان بن لادن في رسالته لنائبه، يؤمن بأن الموقف يتجه لصالحهم في مطلع 2011، على الرغم من استهدافهم بهجمات مكثفة من طائرات أمريكية بدون طيار. ورد «عبد الرحمن» عليه قائلا: «نحن حاليًا نتعقب الثورات العربية، والتغيرات التي تحدث في الدول العربية، خاصة تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا». وأضاف: «بشكل عام، نحن نعتقد أن هذه التغييرات ستجتاح كل المنطقة». وطلب منه «عبد الرحمن» أن يبعث رسالة تأييد ودعم للمتظاهرين في تلك الدول، يعلن فيها تضامنه مع المحتجين، وأخبره بأن عناصر التنظيم وصلت إلى ليبيا بالفعل، وأنها تعمل على إسقاط نظام القذافى وتقاتل هناك، وأن التنظيمات الجهادية في المنطقة ستتعاون مع التنظيم أيضًا هذه التنظيمات هي التي نفذت عملية قتل السفير الأمريكى في بنغازى، كريس ستيفنز. وبينما كان بن لادن يسعى للاستفادة من الانتفاضات العربية، فإنه كان يفكر في هدنة محلية مع باكستان، وبين الفصائل المتناحرة في شمال أفريقيا، فعقد هدنة مع السلطات الباكستانية للتوقف عن استهداف القاعدة، وكانت هناك قنوات اتصال بينه وبين المخابرات الباكستانية، فأرسل لهم رسالة مفادها: «أنتم أصبحتم جزءًا من المعركة، عندما اخترتم الأمريكان، لكن إذا تركتمونا وشئوننا، فإننا سنترككم أنتم وحدكم». وعلق بن لادن، على رسالة نائبه «عبدالرحمن» قائلا: إننا نريد تحييد من استطعنا «خلال حربنا مع عدونا الأكبر، أمريكا». وردت المخابرات الباكستانية بالموافقة على الهدنة، وأكد رئيس المخابرات وقتها- حميد جول، بأنه يضغط على المخابرات الأمريكية للتفاوض على هدنة مع «القاعدة»، مثلما عقدت هدنة مع حركة «طالبان». وكانت هناك مفاوضات سرية بين القاعدة والقوات البريطانية، حول هدنة أيضًا، والتأكيد على انسحاب القوات البريطانية، على ألا تشن القاعدة هجمات عليها، أو هجمات في لندن. وحاولت المخابرات البريطانية الاتصال بنشطاء ليبيين، للعب دور الوساطة بينها وبين بن لادن، ومعرفة ما يفكر فيه تنظيم القاعدة، لكن بريطانيا نفت تلك المزاعم، وقالت إنها لم تطلب أبدا التفاوض مع بن لادن. النسخة الورقية