"كورنيش الإسكندرية إتباع.. ومش عارفين نشوف البحر"، بهذه الجملة عبر عدد من المواطنين السكندريين، بشأن عدم رؤيتهم لكورنيش البحر، بسبب كثرة الكافتيريات التي تم تأجيرها خلال الفترة الأخيرة، وأخرى قائمة بوضع اليد. أصبح كورنيش الإسكندرية "الحاضر المختفي"، بسبب بناء كافتيرات على الممشى بالقرب من أنفاق المشاة بمناطق كليوباترا، وسبورتنج، والإبراهيمية، كامب شيزار، وبنائها بالأخشاب والباكيات التي تخفي الشكل الجمالي للكورنيش. ويعاني المواطن البسيط من تقلص مساحة الكورنيش وتحويلها إلى كافتيرات فاخرة والجزء الأخر إلى نوادي بمنطقة سابا باشا، حيث المكان الوحيد الذي يلجأ له المواطن لكي يخفف عنه آلامه وهموم الحياة اليومية ويمنحه بعض المتعة والسعادة. تلك الكافتيرات التي أجرها هاني المسيري محافظ الإسكندرية، خلال المزايدات التي طرحت خلال أواخر شهر مارس الماضي، بمبالغ باهظة لمدة ثلاث سنوات مع زيادة 10% سنويًا. وطرحت المحافظة 16 شاطئاَ في مزادات علنية في يوم 22 مارس الماضي واستمر حتى 9 أبريل الماضي، وذلك على الشواطئ التي انتهت حق استغلالها والمحدد 3 سنوات، حيث تضم محافظة الإسكندرية 42 شاطئًا فضلًا عن الكازينوهات والممرات، والتي يتم توزعها على جميع أحياء المحافظة، وذلك ضمن خطة المحافظة لرؤيتها الاستثمارية المستقبلية. ورغم تصريحات المسئولين بشأن طرح الشواطئ للإيجار لا يهدف إلى تحويلها لقبلة للأغنياء فقط، إلا أن المواطنين يشعرون بتخوف كبير من فقدان المتنفس الوحيد لهم. أكد المواطن السكندري محمود عبد التواب، على "أن شكل كورنيش الإسكندرية أصبح غير حضاري، بعد انتشار الكافتيريات على ممشى الكورنيش بمشروبات باهظة الثمن". وأضاف: "أن كورنيش الإسكندرية الذي كان يتسع للجميع أصبح الآن يفرق بين الغني والفقير، الغني والمقتدر يجلس على الكافتيريات، والفقير يبحث عن مساحة بالكورنيش لكي يجلس عليها". وقالت هنية وهبة: "أثناء سيري بسيارتي على كورنيش بحر الإسكندرية، لاحظت خلال الفترة الماضية قيام عدد من الشواطئ ببناء أسوار خشبية وحديدية على الشاطئ". وأضافت: "أن تلك الأفعال تتم على مرأى ومسمع من الجميع، إضافة إلى الكافتيريات التي انتشرت على ممشى الكورنيش وبناء بوابات خشبية بشكل عشوائي". واتفق معها سمير محمود في الحديث، قائلًا: "هذه الظاهرة تمت ملاحظتها عقب ثورة 25 يناير وازدادت خلال السنة الماضية، ومع قدوم محافظ الإسكندرية الجديد انتشرت تلك الكافتيريات، وكأنه باع الكورنيش". وهاجم عدد من المواطنين هاني المسيري محافظ الإسكندرية، للسماح لهؤلاء الأشخاص ببناء الكافتيريات بهذه الطريقة العشوائية التي تشوه المظهر الحضاري للكورنيش- على حد وصفهم. ومن جانبه، قال رشاد عبد العال، المنسق العام للتيار الليبرالي المصري: "إن الإسكندرية تتعرض إلى تدمير ممنهج من قبل مافيا تأجير الشواطئ والكافيهات، من أجل تشويه المظهر الحضاري والتاريخي لها. وحذر "عبد العال"، خلال تصريح له، من الآثار السلبية والتداعيات الناجمة جراء عدم تمكين المواطنين من رؤية البحر نتيجة انتشار الأسلاك الشائكة والأكشاك الخشبية والأبنية الخرسانية الممتدة بطول الكورنيش والتي شوهت أجمل ما في الإسكندرية. وأشار إلى "أن تقاعس المسئولين السابقين والحاليين بالمحافظة يقف وراء تشويه مدينة الحضارة والتاريخ"، متسائلًا لمصلحة من يتم تدمير المدينة التاريخية التي تعد من أقدم مدن العالم؟. ويهيب التيار الليبرالي، بالرئيس عبد الفتاح السيسي، التدخل شخصيا لحماية الحقوق الطبيعية للمواطنين من الاعتداءات المستمرة على كورنيش الإسكندرية، وإعادته مثلما كان متنفسا طبيعيا يخفف من آلام وهموم المواطنين ويمنحهم بعض المتعة والسعادة. وفي سياق متصل، دشن عدد من شباب الإسكندرية، حملة على صفحة التواصل الاجتماعي بعنوان "أنقذوا كورنيش الإسكندرية"، ويصفون ما يحدث على كورنيش المحافظة ب "اغتصاب الكورنيش". وأضافت الحملة أنه لابد من مشاركة كل إسكندراني في الحملة من أجل إنقاذ كورنيش الإسكندرية والميناء الشرقي، وذلك ليس للنيل من شخص أو أجهزة سواء محلي أو على مستوى الدولة بل من أجل الحفاظ على مكوناته الحضارية والطبيعية والروحية.