لا توجد قاعدة معلوماتية للمُترجمات في العالم العربي يجب تقوية العلاقة بين مراكز الترجمة والمؤسسات الدبلوماسية لا بد أن تتوجه مراكز الترجمة نحو التخصص سلسلة الجوائز الآن انفتحت على لغات أخرى تُعاني حركة الترجمة العربية العديد من المُشكلات والأزمات، أهمها عدم حصر كل ما تمت ترجمته، الاهتمام بحركة الترجمة نفسها، والمترجمين أنفسهم، والتخصص؛ وكذلك جذب جمهور القراء نحو المترجمات الجديدة. حول الترجمة العربية، ومُشكلاتها، ومحاولات النهضة بها، تتحدث الروائية والمترجمة سهير المصادفة ل"البوابة نيوز"، طارحة العديد من النقاط التي تتناول وضع الترجمة والمنظومة الثقافية في مصر والعالم العربي. - حركة الترجمة في العالم العربي في ضعف مُستمر.. لماذا؟ هُناك العديد من النقاط التي تؤخر حركة الترجمة العربية؛ ولكي تنهض عملية الترجمة يجب في البداية عمل ببلوجرافيا وحصر شامل لإنجازات العالم العربي في الكتابة منذ أوائل القرن العشرين وحتى الآن، بهدف ترتيب المكتبة العربية وإعادة تنقيح وطبع الكتب التي نفذت، وشراء حقوق الملكية الفكرية لمَن يستحق من الرواد. -إذن.. لا توجد قاعدة معلوماتية حتى الآن بالنسبة للترجمة؟ نعم، وإذا كان العالم العربي يعجز حتى الآن عن تكوين بنك معلومات للترجمة، فكيف له أن ينطلق نحو آفاقٍ أرحب ونحو معرفةٍ إحصائيةٍ دقيقة بما تفتقده مكتبته العربية من أعمدة المكتبة الغربية، وإذا كان العالم العربي يفتقر إلى وضع ونشر خطط محددة لنشر كنوز وأعمدة المكتبة الغربية لتكون قدوة على درب التنسيق الذي تفتقر إليه المؤسسات المعنية بالترجمة والذي أدى إلى مزيد من العشوائية وتبديد جهود المترجمين والذين هم في الأصل قلة قليلة في العالم العربى، فكيف ستنتظم للمترجمين آليات عملية الترجمة؟!. - ولماذا لم يحدث؟ هذا العمل المؤسسي الضخم اقترحته منذ سنواتٍ، مثلًا لتقوم به الهيئة المصرية العامة للكتاب وتم تعطيله كالعادة قبل الثورة؛ يجب أيضًا تحديد أهداف واضحة وتوجهات محُددة الملامح يتم الاتفاق عليها الآن، مثل أن يكون الهدف الأول والمحوري هو الوصول إلى معدل ترجمة أكبر في العالم العربي، يُسهم إسهاما ملحوظا وفارقا في رفع معدل الترجمة المخُجل أمام دول صغيرة في المنطقة مثل إسرائيل، وسيؤدي هذا بالضرورة إلى سد ثغرات معرفية كثيرة في المكتبة العربية في جميع المجالات. - وما الذي يتطلبه تحقيق هذا الهدف؟ سيتطلب ذلك تحقيق بعض الأهداف الفرعية مثل تكوين شبكة علاقات دبلوماسية تخص مراكز الترجمة مع المؤسسات الدولية التي يمُكنها دعم عمليات الترجمة ماديًا ومعنويًا، وذلك من خلال معارضها الدولية المختلفة في الخارج. - ماذا عن المترجمين أنفسهم؟ أيضًا سيكون من أهداف عملية النهضة بالترجمة مساعدة ظهور مترجمين شبان أكفاء جُدد، ولن يُكلفها هذا سوى توفير دعم كبار المترجمين لمساندتهم ومراجعة أعمالهم، فنظرة واحدة على مستقبل الترجمة تدعو للفزع، خصوصًا وكل خريجي كليات الألسن واللغات المختلفة يهربون إلى السياحة مفضلين دخلها المضمون، أو بصراحة شديدة أنهم لم يجدوا مَن يأخذ بأيديهم من مُترجمينا الكبار. - هل سيؤدي هذا لتحسين عملية انتقاء الكتب التي تترجم؟ يجب أيضًا وضع معايير صارمة ومحددة في اختيار الكتب وترجمتها، مثل أن تتم الترجمة عن اللغات الأصلية، وأن تتعدد اللغات المُترجم عنها، خصوصًا وأنه بعمل مسح أولى في مراكز الترجمة نجد أن هذه اللغات لم تتجاوز العشرين لغة بعد ما يُقارب القرن من مزاولة نشر الأعمال المترجمة، كذلك الالتزام بالحفاظ على التوازن بين المعارف المختلفة والعلوم لسد النقص الشديد في المكتبة العربية، والتوجه إلى ترجمة أعمدة المكتبات الأجنبية في شتى الفنون والعلوم وكذلك الموسوعات التي لم تُترجم بعد. - هل سيؤدي هذا إلى رفع كفاءة مراكز الترجمة؟ لا بد أن تتوجه مراكز الترجمة نحو التخصص لكى تكون لكل سلسلة شخصيتها المستقلة، فمثلًا استطاعت سلسلة الجوائز التي كانت حلمًا بالنسبة لي، والتي تعنى بترجمة ونشر الأعمال الأدبية من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية وأعتقد أنها تساهم في رأب صدع الترجمة في العالم العربي، ونحتاج إلى عشرات المشروعات والسلاسل المُماثلة حتى ننهض بالترجمة، شريطة أن تتميز كل سلسلة أو مشروع للترجمة بشخصية متميزة، فالآن يعرف القارئ العربي أنه سيقرأ من خلال سلسلة الجوائز عملًا أدبيًا مُتفقًا على جودته من لجان تحكيم لجوائز عالمية راسخة في العالم كله، ابتداء من جائزة نوبل وحتى أصغر جائزة محلية في بلدانها مثل جائزة "كين" الأفريقية؛ ولكن السمة المميزة لهذه الجوائز أنها حققت سمعة طيبة على مدى عقود من الزمان؛ علاوة على أن وجود شخصية لكل مشروع للترجمة سيؤدي بالضرورة إلى المزيد من التنسيق والارتقاء بمعدل الترجمة، كما أن سلسلة الجوائز الآن انفتحت على لغات أخرى مثل الصينية واليابانية واليونانية، وما زالت تحاول فتح جسور للمزيد من اللغات. - كيف يُمكن زيادة انتشار هذه المُترجمات وسط القراء؟ بالتأكيد تحتاج عملية الترجمة إلى المُساندة الإعلامية، فليس من الطبيعي مثلًا أن تتجاهل المجلات والجرائد القومية إصدارات ترجمات مهمة وتكتفي بالإعلان مدفوع الأجر عنها، بينما على كل الجهات على الصعيد القومي دعم عملية النهوض بالترجمة؛ أيضًا الاهتمام بالتوزيع، فما زال توزيع الكتب يخضع لدورات بطيئة بسبب سوء توزيع الكتاب، وتطوير وسائل التوزيع من الممكن أن يؤدي إلى تحويل مشروعات الترجمة من مجرد عبء على ميزانيتها إلى مشاريع استثمارية، مما سيؤدي بالضرورة إلى رفع معدل الترجمة الذي سيظل هدفًا محوريًا. - كل هذا يتطلب وجود إستراتيجية ثقافية واضحة؟ منذ حركة نهضة الترجمة الأولى التي انتبه لها محمد على، لم تشهد البلاد إستراتيجيات ثقافية بشكلٍ عامٍ، وإستراتيجية للنهوض بالترجمة بشكلٍ خاصٍ، أرى أنه بدون وضع استرتيجية محددة تأخذ بعين الاعتبار كل ما سبق مع مُتابعة التنفيذ وتحديد المراحل سيظل الأمر يُشبه بقية المؤتمرات والحوارت والمحافل التي لم تُسفر عن نتائج حقيقية ملموسة في ازدياد معدل الترجمة نفسه والارتقاء بعملية الترجمة بشكل عام كمًا وكيفًا. - كيف ترين وضع المُبدع المصري وسط زخم الأسماء في الأدب العالمي؟ تونس لديها 330 مؤتمرا وفعالية ثقافية على مدى العام، رغم أنها ليس لديها حجم مبدعي مصر، والفارق أن مصر بكل ما فيها من مؤسسات غير متواجدة داخل المشهد الثقافي العالمي، فالغريب لا يوجد مشروع في وزارة الثقافة يُعرّف مبدعي مصر على مستوى عالمي، فلا يوجد ببلوجراف واحد لأي مبدع مصري يضم أعماله ومشوار حياته الإبداعي مترجم إلى عدة لغات، يعرف العالم على هذا المبدع، ويقدمه بالمستوى اللائق، ومن ثم المهتمين بالثفاقة في الغرب يعرفوا جيدًا أن هناك ثمة مبدع، وغالبًا ما يُقرأ للكُتّاب المصريين في الغرب بشكل منفرد، وخارج عن المنظومة الثقافية العامة التي من المفترض أن تُقّدم الكتاب بالشكل الدال على منظومة ثقافية مصرية. - هل تم طرح اقتراحات لهذه المنظومة؟ قدمت الكثير من المشاريع الثقافية لوزارة الثقافة آخرها مشروع يعرف الكتاب بأكثر من 15 لغة، يقدم المشروع كيفية تعرف المبدعين إلى العالم، وقدمت مشاريع أخرى لنهضة الترجمة وتطوير النشر، وأرى أن على وزارة الثقافة الدور الأكبر في تلك القضية من كونها المسئول الأول، ومازلنا نحتاج إلى آلاف المشاريع المؤسسية الثقافية بمشاركة المؤسسات الخاصة، ومن ثم إذا كان يوجد عندنا ملتقى ينشط التواصل بين المبدعين العرب فيحسب لنا، لأنه بطبيعة الحال يلفت نظر الدارسين والنقاد حول الإبداع العربي.