أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية " الدائرة الأولى بالبحيرة " برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على حق العلاج المجانى للفقراء وغير القادرين خاصة الأطفال المصابين بورم سرطانى بالمخ ومرض التصلبات المتعددة والتهاب متناثر بالأعصاب و المصابين بالفشل الكلوى ، وقالت إن حق الفقراء خاصة الأطفال فى العلاج المجانى ليس منحة من الحكومة بموجب سلطتها التقديرية، وإنما هو حق مستمد مباشرة من الدستور والقانون وهو ليس تفضلا من الحكومة عليهم ولا يجوز لها الإحجام تنصلا منها إليهم. وأصدرت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة ثمانية، أحكام بإلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى فيما تضمنه من الامتناع عن صرف تكاليف الانتقال لثمانية أطفال ومرافقيهم بواقع خمسين جنيهاً عن كل جلسة غسيل كلوى من منزل كل منهم حتى مقر المستشفى التى يعالجون فيها البالغ مقدارها ثلاث جلسات أسبوعيا باجمالى 600 جنيه شهريا، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها منحهم تلك التكاليف وألزمت رئيس التأمين الصحى المصروفات. كما أصدرت المحكمة حكمين آخرين برفض الإشكالين المقامين من رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى ضد حكمين صادرين بعلاج طفلين فقيرين مدى الحياة مصابين بأمراض نادرة خطيرة، وغرمت المحكمة رئيس التأمين الصحى مبلغ 1600 جنيه بواقع 800 فى كل أشكال لتعطيله تنفيذ الحكمين . وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد خفاجى حكمين آخرين بإلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالامتناع عن صرف عقار avastin لأحد الأطفال والمريض بورم سرطانى بالمخ، وكذلك إلغاء قراره السلبى بالامتناع عن صرف عقار بيتافيرون لتلميذة مريضة بمرض تصلبات متعددة والتهاب متناثر بالأعصاب وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزامه بصرف تلك الأدوية للطفلين المذكورين والزمته المصروفات . وقالت المحكمة فى الأحكام الثمانية الأولى أنه طبقا للقانون رقم 99 لسنة 1992 فى شأن التأمين الصحى على الطلاب فأن الهيئة العامة للتأمين الصحى ملتزمة - بحكم القانون - بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية لطلاب المدارس فى حالتى المرض والحوادث أيا كانت المرحلة التعليمية وحددها تحديدا فى أطفال رياض الأطفال ومراحل التعليم الأساسى و التعليم الثانوى العام والفنى والمدارس الفنية نظام الخمس السنوات والمدارس الثانوية التجريبية التحضيرية للمعلمين والمدارس الخاصة من مختلف المراحل والنوعيات وطلاب المعاهد الأزهرية، والزم الدولة بأن يكون نظام التأمين على الطلاب إلزاميا فى جميع المراحل التعليمية المذكورة وإلزمها كذلك بتقديم الرعاية الصحية بنوعيها الخدمات الصحية الوقائية والخدمات العلاجية والتأهيلية بكافة صورها وعلى قمتها صرف الأدوية اللازمة للعلاج.. ويكون علاج الطالب ورعايته طبيا طول مدة انتفاعه إلى أن يشفى أو تستقر حالته , والحاصل أن المشرع الدستورى أوجب على الدولة كفالة التأمين الصحى لجميع المواطنين بها بما يستتبعه ذلك من توفير سبل العلاج حسبما تقتضيه حالة المريض ، وقد نظم القانون كيفية أداء هذه الخدمة لطلاب المدارس ، وهذا الالتزام لا مناص من تحقيقه ولا سبيل لفك يد الدولة منه ، إذ أن تلبية طلب التلميذ المريض بالعلاج أمر يفرضه القانون ويبرره الواقع وتمليه قواعد الضمير الانسانى ، والقول بغير ذلك من شأنه تعريض حياة التلاميذ المرضى للخطر وهى جريمة مؤثمة عقابيا مما يتوجب على الدولة وأجهزتها المختصة النأى عنه . واضافت المحكمة ان التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية يمثلان ركنا جوهريا للمقومات الاساسية التى يقوم عليها اى نظام ديمقراطى ، ذلك أن التزام الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى يعمق رابطة الولاء السياسى والانتماء بين المواطن ووطنه، مما يعود بالاستقرار على الوطن , وان الدولة ممثلة فى الهيئة العامة للتأمين الصحى ملزمة برعاية المؤمن عليهم رعاية صحية وعلاجية كاملة بما فى ذلك صرف الدواء وهذا الالتزام لا ينفك عنها إلا بشفائهم او بثبوت عجزهم وذلك فى مقابل ما يدفعونه من اشتراكات التأمين الصحى ومن ثم وجب على الدولة القيام بهذا الالتزام دون أن يكون ذلك تفضلا منها عليهم ولا يجوز لها الإحجام تنصلا منها اليهم، فحق الإنسان فى الحياة يعلو على كافة الحقوق .