قد يغضب البعض من عنوان مقالى هذا، قد يلعن ويشتم، وربما يدعو الله أن يحشرنى في زمرة الكافرين في جهنم، لكن الثابت والأكيد أننى لن أجد أحدا يرد على تساؤلاتى، ولن أجد عالما يقنعنى بوجهة نظره.. ليس لأننى أمتلك الحجة عليه، ولكن لأن هذا ما اعتادوا عليه، ووجدوا آباءهم عليه. الأزهر مثله كمثل كل مؤسسات الدولة المتفشية بها الأمراض المزمنة، فقد قوته وهيبته، فقد علمه وزعامته، تركها طوعا وليس كرها، عندما تقوقع بداخله وآثر السلامة، وترك الساحة للجهلة والمتشددين والتكفيريين، ليتصدوا للفتوى، وليسلبوا عقول البسطاء. رفع شعار الإسلام الوسطى في مكاتب مسئوليه، وترك التطرف يسيطر على تلاميذه ومناهجه، اتخذ من التلقين منهجا لطلابه، وحرم التفكير والاجتهاد وإعمال العقل عليهم، ما يقوله المشايخ لا يرد، وعلى طالب العلم الالتزام، قاموا بتخريج عشرات الآلاف من الطلبة (حافظين مش فاهمين)، غير مدركين أن العالم يتغير، والتطور يبتعد عنهم كما السماء والأرض. لم نطلب منهم ترك مفاهيم الإسلام، لم نطلب منهم تغيير ثوابت العقيدة، كنا ننتظر منهم إقناعنا وإقناع غيرنا بما هو شاذ عن المنطق، كان بإمكانهم أن يتركوا مكاتبهم، ويذهبوا إلى الناس في بيوتهم، ليقدموا لهم ما يشبع رغباتهم، من يخاطب عقولهم، لكنهم اكتفوا بمشاهدة الجهلة في شاشات الفضائيات، يلقون بفتاويهم التافهة في عقول الناس. أقنعونا أن رسولنا الكريم صلاة الله عليه وسلامه، هو المعصوم من الخطأ، وأن دونه من البشر لهم أخطاؤهم وسقطاتهم، وعندما صدقنا بحديثهم هذا، وبدأ البعض في البحث في التاريخ، ووجد جدلا عن الأئمة أو الصحابة، فكتب وقال، قامت الدنيا ولم تقعد، لا أتحدث عن إسلام البحيرى تحديدا، فهو نموذج جاء من قبله الكثير، وسيأتى من بعده العديد، طالما استمر الأزهر في منهجه وتفكيره. أعرف العشرات من خريجى الأزهر، هم بعيدون كل البعد عن الصورة الموجودة في عقولنا، نراهم ليس لهم علاقة لا بالأزهر ولا بالدين، مسطحون فكريا، لا يفقهون مما درسوه شيئا، والأهم أن أخلاقهم تصدم من يعرف أنهم خريجو الأزهر، فإذا كان هؤلاء يرسمون صورة الأزهر بين الناس، فكيف تطلب منهم الوثوق في الأزهر وفى رجاله؟ قديما كان الآباء يجاهدون لدخول أبنائهم الأزهر، كان الدارس أو الطالب له قيمته بين الناس، أما الآن فأصبح دخوله مثل غيره، مثله مثل غيره من المدارس، فقط من أجل الشهادة والتعليم، لا من أجل طلب العلم، وتخريج العلماء، وهو ما يجب علينا إعادته، فطالب الأزهر يجب أن تكون له مواصفات خاصة، أخلاقية وعقلية ونفسية، لأن خريج الأزهر هو سفير لأقدم مؤسسة إسلامية في التاريخ، هو سفير للإسلام والمسلمين، يمتلك البلاغة والعلم، ليرد على أي تساؤل يمكن أن يواجهه بالحجة والمنطق والإقناع، يبتعد عن ترسيخ فكرة الحرام والعذاب، ويبدلها بالأجر والثواب. كان على الأزهر ولا مما زال مهمة تصحيح كتابة التاريخ الإسلامي، كان عليه أن يهتم بكل كتاب ظهر أو يظهر، ليتم فحصه وتمحيصه، فإما أن يستفيد منه، أو يرد عليه بالحجة والمنطق، وأن يتصدى له في وقته وفى حينه. وإن كان الأزهر عليه اللوم الأكبر في ظهور دعاة الفتنة منذ سنوات، فإن الحكومات المتعاقبة تشارك أيضا فيما وصلنا إليه، كان عليها أن تهىء المناخ المناسب لتطلق يد المشيخة في عملها، لا أن تكبلها بقوانين وقرارات تحد من قدرتها على بسط نفوذها، وإيصال مفاهيمها للجميع. ولا أعرف إن كان لدى الحكومة أو الأزهر وحدة للبحث والتقصى، لتخبرنا كم عدد الذين أعلنوا إلحادهم في السنوات العشر الماضية؟ أو سبب ابتعادهم عن الدين؟ على الأقل ليبدأوا تصحيح المفاهيم. إن المهمة الملقاة على عاتق الأزهر كبيرة وضخمة، ولن يستطيع بمفرده أن يؤديها، وستأخذ وقتا أطول بكثير مما نتخيل، يجب البدء فورا في تغيير استيراتيجية التلقين في المعاهد الابتدائية، يجب أن يتكاتف الجميع ويقف في ظهر الأزهر ليقوم بدوره في ظل مؤامرات وفتن تضربه في كل وقت وفى كل لحظة، وإلا فلنقرأ الفاتحة عليه وعلى مشايخه، فعلينا أن نختار الآن وليس غدا، إما نقف وراء الأزهر جميعا، أو أن نقتله أو نطرحه أرضا.