ليس مثل كلمة “,”الغلبان“,” للتعبير عن شخصية وظاهرة حمادة صابر، مبيض المحارة النازح من سوهاج مدفوعًا بالفقر، المستقر في المطرية باحثًا عن العمل والأمل، وصولاً إلى عتبات قصر الاتحادية، حيث العُري والسحل وأضواء الكاميرات التي صنعت منه بطلاً من زماننا، ودليلاً عمليًا على أن شيئًا لم يتغير بعد الثورة، فالقهر هو القهر، وكلمات “,”أمل دنقل“,” في قصيدته البديعة “,”كلمات سبارتكوس الأخيرة“,” تعلو ساخرة موجعة: لا تحلموا بعالم جديد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد. ملايين البشر شاهدوا “,”الغلبان حمادة“,” وهو يتعرض لأبشع أنواع الإذلال، والملايين أنفسهم شاهدوه وهو يشيد بالجلادين ويمنحهم حكم البراءة بعد أن اعترفوا بجريمتهم. الثوار والمتظاهرون هم من حاولوا الاعتداء عليه، وملائكة الشرطة هم من اندفعوا بشهامتهم المعهودة لإنقاذه والدفاع عنه. أليس أن الشرطة في خدمة الشعب؟!. المواطن المسحول جدير بالشفقة، ولا يستحق الإدانة، فما الذي يملكه هامشي فقير مثله إلا أن يرضخ ويطيع، ويرى في ابتسامة ضابط اعتذارًا يتيه به، ويقنع نفسه بالوصول إلى شاطئ العدالة التي لم يكن يحلم بها!. بين الكثير والكثير من الصفعات، والقليل النادر من الابتسامات الكاذبة الاضطرارية، يعيش حمادة وأمثاله. ما أكثر أعدائهم وجلاديهم، “,”الأغنياء والمخبرون وأصحاب العمل والدعاة المتجهمون المسلحون بغرائب الفتوى ومسلسلات التليفزيون الاستفزازية والمطاعم الراقية التي تقدم أصنافًا لا يسهل نطق أسمائها“,”. من الذي يلوم الضعيف المقهور لأنه يركع ويسجد للطغاة؟ ابحثوا عن النظام السياسي الاجتماعي الذي يرى في التعذيب فرض عين، وفي جهاز الشرطة أداة للردع والتعذيب، وفي الفقراء والمظلومين أذى ينبغي إزالته. ارفعوا أيديكم عن “,”حمادة صابر“,” وأشباهه من الغلابة الذين يعيشون يومًا بيوم، وأحلامهم المحدودة لا تتجاوز رغيف العيش وقدرًا من احترام الكرامة الإنسانية والحد الأدنى من العدالة الاجتماعية. “,”حمادة الغلبان“,” ليس كاذبًا أو طماعًا، فانصرفوا عنه إلى من قهروه وأذلوه، وابحثوا عن ثورة جديدة حقيقية تنتصر لعالم جديد بلا قياصرة.