"الإنسان ليس ملاكاً.. و ليس شيطاناً.. إنه يجمع بين فضائل الملائكة و رذائل الشياطين".. من الكلامات الخالدة للأديب الكبير عبدالحميد جودة السحار المولود في الرابع والعشرين من فبراير عام 1913 بالقاهرة، وقال عن ميلاده "لم تكن هذه أول مرة تضع فيها أمي، فقد وضعت من قبل أنثى ماتت صغيرة، ثم وضعت بعدها أربعة ذكور سقط أحدهم من الشباك، بينما كانت ابنة عمي تحمله وتُلاعبه فمات، كنت ذكرا ولم أكن أنثى كما كانت تتمنى أمي، و كان أبي ابن خالة أمي، وقد سما إخوتي بأسماء أخوالي ما عدا أمين الذي سقط من الشباك، وسمُيت عبد الحميد تيمُناً باسم خالي الرابع". عقب نجاحه في الإبتدائية عام 1927 قرر السحار الالتحاق بمدرسة فؤاد الأول الثانوية ، وكان مُهتماً بالاقتصاد السياسي، والمذاهب الإقتصادية، فكتب مقال بعث به إلى جريدة الأهرام، فتم نشره، أعقبها بترجمة بعض مقالات لكُتاب إنجليز، وتم نشرها عام 1937م، مما شجعه على ترجمة مقال بعث به إلى جريدة "المقطم" فتم نشره في الصفحة الأولى مع مقالات كريم ثابت وفارس نمر. "كانت الحياة سهلة ميسورة، فما كنُا نستشعر خوفاً من المستقبل، وما كنا نلمس حقد طبقة على طبقة، كُنا نشتري عشر بيضات بقرش صاغ، وكُنا نشتري بنص القرش ما نحتاج إليه من خضر، وأما مكونات السلاطة فقد كنا نحصل عليها بلا مقابل من الخضري لأننا من زبائنه".. في عام 1936، وعندما كان في الثالثة والعشرين من عمره تزوج عبد الحميد السحار من ابنة عمه برغبة من جدته وموافقة أبيه، وفي أول مايو 1937 عندما كان يستعد لامتحان البكالوريا توفي والده ورسب، وأعاد الامتحان في الدور الثاني، ونجح ليتم تعيينه في السلاح الجوي الملكي كاتباً بالدرجة الثامنة، بمرتب قدره ثمانية جنيهات ونصف. بدأ السحار سيرته الأدبية بكتابة القصة القصيرة من خلال مجلتين بارزتين هما "الرسالة" و"الثقافة" التي كان يصدرها أحمد أمين، واتجه إلى القصص التاريخية، فكتب قصته الأولي "أحمس بطل الاستقلال"، ثم كتب روايته التاريخية الثانية "أميرة قرطبة"، وعشق التاريخ والسّير الإسلامية، فكتب "أبو ذر الغفاري"، "بلال مؤذن الرسول"، سعد بن أبي وقاص "، و "محمد رسول الله والذين معه" والذي صدر في 20 جزءًا وعرض في التليفزيون، ونال من خلاله شهرة واسعة. قدّم السحار للسينما عِدة أفلام مهمة منها "نور الإسلام"، الذي كتب له السيناريو والحوار بالاشتراك مع المخرج صلاح أبوسيف، "درب المهابيل"، " ألمظ وعبده الحامولي"، "مراتي مدير عام"، "أم العروسة"، و "الحفيد" وكان كذلك ممن ساهموا في إنشاء لجنة النشر للجامعيين، والتي يرجع إليها الفضل في نشر أوائل أعمال نجيب محفوظ، وتولى رئاسة تحرير مجلة السينما عام 1973. توفي عبد الحميد جودة السحار في الثاني والعشرين من يناير عام 1974، تاركاً رصيداً أدبياً وسنيمائياً لا يزال الجميع يتمتع به حتى اليوم.