سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أرض الموت.. وحدات "الغسيل الكلوي" تصيب المرضى ب"الإيدز" وفيروس "سي".. المرضى يواجهون الموت كل دقيقة.. المراكز لا تتبع الاشتراطات الصحية.. ومليار جنيه "بيزنس الغسيل"
ارتفع سعر جلسات الغسيل الكلوى لتصل الواحدة من 140 جنيها إلى 400 جنيه.. ونسبة الإصابة بالفشل الكلوي دون سن الخمسين سنة تصل ل 90 % في طريقي إلى محطة مترو المرج، سمعت صوتا ينادى في عناء وألم: «ساعدونى.. بنتى مصابة بالفشل الكلوى، وبتغسل 3 مرات في الأسبوع، محتاجة ثمن الحقنة». كانت العجوز التي تتسول ثمن علاج ابنتها تقصد حقنة «الأيبركس»، التي يبلغ ثمنها 150جنيهًا، مشهد المرأة العجوز التي تسأل الناس لإنقاذ حياة ابنتها المريضة كان البداية لكى نبحث عن معاناة مرضى الفشل الكلوى. استخدام محلول في الغسيل «ممنوع دوليًا» ويصيب ب«ضعف في عضلة القلب» و«هبوط بالدم» «الفلاتر» غير مطابقة للمواصفات وتنقل الدم الملوث المسبب للفيروسات تقرير: 55٪ من المرضى أصيبوا ب «فيروس سى»..و30٪ معدل الوفاة سنويًا جاءت المفاجآت «مفجعة»، أولاها عدم وجود إحصائية دقيقة عن أعداد المصابين بالمرض، فبيانات الوزرة - حسب التقارير الصادرة عنها - تشير إلى أن أعدادهم تصل إلى 60 ألف مصاب، بخلاف 77 ألفًا آخرين على قوائم الانتظار، بينما تشير تقارير صادرة عن الجمعية المصرية لأصدقاء مرضى الكلى بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أن عدد المترددين على جلسات الغسيل الكلوى في مصر يصل إلى 114 ألفًا و278 مريضًا يوميًا، هؤلاء يترددون على 309 مراكز «حكومية وخاصة»، فيما بلغ عدد مرضى الكلى في مصر 2 مليون و600 ألف تقريبًا. ليست الكارثة في هذا، إنما امتدت إلى تهديد صحة المتلقين لعلاج «الغسيل الكلوى» من عدم وجود الاشتراطات الصحية في وحدات الغسيل الحكومية والخاصة على السواء، ما يمثل سببًا مباشرًا في الإصابة بالفيروسات الكبدية أو نقص المناعة «الإيدز» كما أكدت المصادر التي تحدثنا معها أثناء عمليات الغسيل. وكما يقول تقرير الجمعية المصرية لأصدقاء مرضى الكلى فإن 83٪ من المراكز الخاصة والحكومية في مصر تستخدم محلول «الأسيتيت» في جلسات الغسيل لمعالجة الفشل الكلوى لرخص ثمنه، في حين أن الدراسات العلمية حذرت من استخدامه في العديد من بلدان العالم، حيث يؤدى إلى ضعف عضلة القلب، وهبوط في ضغط الدم، فيما تبتعد هذه المراكز عن استخدام المستحضر الآمن وهو «البيكربونايت»، لارتفاع تكلفته، حيث لا يستخدمه سوى نسبة 27 ٪ فقط منها. علاوة على أن الفلاتر المستخدمة تخالف الشروط والمواصفات المعمول بها، إذ أكدت التقارير الصادرة عن الجمعية العلمية للكلى أن نحو46 ٪ فقط من المراكز هي التي تقوم باستخدام الفلاتر ذات الحجم المضبوط 834 مل، أما بقية المراكز فتستخدم فلاتر ذات أحجام غير مطابقة للمواصفات والمقاييس العلمية حجمها 3.1 مم أو 8.6 ما يتسبب في نقل الدم الملوث الذي يصيب بالأمراض الخطيرة بداية من الالتهاب الكبدى الوبائى وصولا للإيدز، بالإضافة لقيام بعض المراكز باستخدام الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسيل بدون تعقيم مما يعرض حياة المريض للخطر. المرضى وقعوا ضحية ل«بيزنس المراكز الخاصة للغسيل» التي وصلت قيمته لنحو مليار جنيه في الخفاء، حيث ارتفع سعر جلسات الغسيل الكلوى لتصل الواحدة من 140 جنيها إلى 400 جنيه، إضافة إلى الإهمال الطبى، وطول قائمة الانتظار للعلاج على نفقة الدولة التي أصدرت نحو 43 ألفا 256 طلبا، من أصل 112 ألف طلب قدم لها في 2014. والمفاجأة الكارثية هي أن نسبة تتراوح ما بين 25٪ إلى 55٪ من الذين يقومون بالغسيل الكلوى أصيبوا بفيروس سى، وأن معدلات الإصابة بالعدوى تنخفض في المراكز الحكومية، لأنهم يقومون بتجميع المرضى حسب حالاتهم المرضية، بينما ترتفع في الخاصة لقلة عدد أجهزة غسيل الكلى فيها، وقبولها المرضى دون تصنيف يبعد المرضى القابلين لعدوى آخرين عن غيرهم، حيث أصبح الغسيل الكلوى المصدر الأول في الإصابة بالالتهاب الكبدى الوبائى. كما كشف التقرير أن 30٪من مرضى الفشل الكلوى في مصر يموتون سنويا، في حين أن النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض لا تتجاوز ال7٪، وفقا لآخر إحصائية للجمعية المصرية للكلى ومنظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن نسبة الإصابة بالفشل الكلوى دون سن الخمسين سنة تصل ل 90٪ فيما تنحصر الإصابة في الدول الأوربية فيما بين سن ال 70 و80 عاما. الدكتور محسن شلبى خبير الأدوية، أرجع الأمر إلى تردى الأوضاع الصحية في مصر وعدم اهتمام المصريين بالانتظام في الكورسات العلاجية المقررة، التي قد تكون لظروف خارجة عن إرادتهم بسبب عدم قدرتهم المالية، أو عدم توفر العلاج أصلًا في المستشفيات، مضيفا: فلاتر الموت قد تكون من الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض مزمنة خاصة أن بعض المستشفيات الحكومية تستخدمها أكثر من مرة أو تتعاقد على المستخدم منها في المستشفيات الخاصة، كما أن مرضى الفشل الكلوى يحتاجون لنسب عالية من الحديد لتعويض الكم الهائل الذين يفقدونه أثناء عمليات الغسيل، وكانت بعض المستشفيات تعطيهم منتجات إما مكملات غذائية لا فائدة منها مثل (الفرافير) الذي ثبت أنه غير مطابق للمواصفات في المنشور رقم 11 للإدارة المركزية للصيدلة وأنه لا يحتوى على نسب الحديد المذكورة وهى 27 ملجم حديد. فيما يقول الدكتور صابر غنيم، مساعد وزير الصحة للعلاج الحر: نقوم بالتفتيش على كل المنتجات الطبية الخاصة بما فيها وحدات الغسيل الكلوى، وهناك مواصفات فنية لابد من التزام هذه المؤسسات بها، وكشف عن المخالفات التي تقع فيها العديد من المراكز بالمخالفة للقرار الوزارى رقم 141لسنة 2009والقراررقم 518لسنة 2011، الذي ينص على أن تكون الماكينات جديدة، فتكون الأجهزة قديمة ووحدات معالجة المياه غير سليمة وعدم تحليل المياه لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات أو وعدم وجود إخصائى في المركز أو وجود شروط مكافحة العدوى مثل «الجوانتى» وفصل المخلفات وعقد المحرقة وترخيص تداول النفايات، بالإضافة لخلو المراكز من دفاتر التحاليل الفيروسية «سى أو بى». وأضاف غنيم: الفلاتر لا يجوز استخدامها إلا مرة واحدة، وبعض المراكز لا يوجد بها جهاز تعقيم بالأشعة الفوق بنفسجية، كما أن أغلب المراكز لا تلتزم بالمساحة الفعلية لجهاز الغسيل الكلوى وهى 6 أمتار وضرورة التعاقد مع أقرب غرفة عناية مركزة لتفادى الخطورة على حياة المريض، فضلا عن أن عدد وحدات الغسيل الكلوى الخاصة لا تتجاوز ال 192 والحكومية لا تتعدى262 عبر أقل من 2000 جهاز ما يضطر أصحاب المراكز لتشغيل الماكينات 3 فترات متواصلة يوميا، مع عدم الالتزام بفترة ال40 دقيقة فترة التعقيم المطلوبة بين كل عملية غسيل وأخرى. بينما يقول «الدكتور حسن العزاوى» مدير إدارة الكلى الصناعية بالقطاع العلاجى بوزارة الصحة: مخالفات مراكز الغسيل الكلوى تحدث لعدم اكتمال السجلات أو كفاءة وتدريب الفريق الطبى وعدم وجود أساليب مكافحة انتشار العدوى، ونفى العزازى تكرار استخدام الفلاتر أكثر من مرة في وحدات الغسيل الحكومية، لما تمثله من خطورة على حياة المريض وتعريضه من حالة سالبة لأخرى موجبة للإصابة بالفيروسات والعدوى وقد تحدث تجلطات في الفلتر نفسه وتتوقف الجلسة أصلا. أما بالنسبة ل«الأستيت» واستخدامه في مراكز الغسيل الكلوى رغم كونه محرما دوليا لأضراره على المريض فيقول العزاوى: نظرا لوجود رصيد في المستشفيات في بعض المديريات تم مخاطبتهم بعدم استخدام «الأستيت» لمنع استعماله عالميا وتوفير البديل من كبسولة «البيكربونات». علاوة على ذلك خلو عدد من المراكز «الحكومية والخاصة» للاشتراطات الصحية ومنها أن تكون مساحة السرير والجهاز 6×6 متر وهذه المساحات غير موجودة سواء في المراكز الحكومية «ذات المبانى القديمة» والخاصة لأنه يبحث عن أقل تكاليف، كما أنه لم يتم إنشاء وحدات غسيل كلوى في مصر إلا مع بداية التسعينيات. وحول «غياب التعقيم» قال: من الضرورى تبديل «الشفتات» بين الجلسات ولابد من تعقيم الماكينة لمدة ما بين «30إلى 40» دقيقة لتتمكن إدارة الوحدة من التعقيم، لكنه مع السرعة في المراكز الخاصة لا تترك هذه الفترة للتعقيم. ونوه العزاوى عن «سبوبة» رجال الأعمال التي اقتحمت الحقل الطبى ودخلت في عمل مراكز خاصة للغسيل الكلوى، رغم أن وزارة الصحة تشترط في الترخيص ضرورة وجود مشرف طبى «إخصائى كلى أو باطنة» لكن بعض رجال الأعمال يستعينون بأسماء بعض أساتذة الطب لتسهيل التراخيص والتسجيل في النقابة، وبعدها يشرف عليها طبيب مقيم وخاصة في الأماكن النائية التي تقع تحت بئر السلم. وأضاف أن مرض الغسيل الكلوى يعالج بقرار على نفقة الدولة يصل ل18 ألف جنيه مقسمة على فترتين بقرار 9 آلاف كل 6 شهور، وتصل الجلسة في القطاع الحكومى ل140 جنيها، ولكن للأسف لم يطبق القرار في القطاع الخاص، خاصة أن مستهلكات الجلسة لا تتعدى ال 120 جنيها ولكن المراكز الخاصة تستغل تصريح وزارة الصحة بأن يعالج بالقرار بها لتصل الجلسة ل400 جنيه. وأضاف أنه يتردد على إدارة الكلى بالوزارة قرابة ال22 ألف مريض، ومتوسط جلسات الغسيل الكلوى للمريض 13جلسة شهريا بواقع 165 جلسة سنويا، ولدينا قرابة ال280 مركزا بها 5500ماكينة تخدم 33ألف مريض في الغسيل الكلوى، لكن ينقصنا الجودة والتدريب والتطوير ولسنا بحاجة للمزيد منها لأنها حولت العلاج لسبوبة لحصد الأرباح سواء من أموال الناس أو قرارات الحكومة. من النسخة الورقية