ألقى الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، محاضرة بمسجد حامد النصر الله، خلال زيارته لدولة الكويت والتي بدأها الثلاثاء وتنتهى اليوم، حول شكر النعم قائلا: إننا حين نمعن النظر ونتأمل ما يجري في العالم من حولنا ندرك عِظم نعم الله علينا من نعم لا تعد ولا تحصىلا،مضيفًا: ولعل أول هذه النعم وأكملها وتمامها نعمة الإسلام التي منّ الله علينا بها وحملها إلينا خير خلقه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم – الذي أمرنا بالدعوة للخير والنهي عن المنكر وتقدير العلم وإجلال العلماء. وأشار شومان، إلى أن إبليس ( عليه لعنة الله ) اكتشف حقيقة شكر النعم التي امتن بها علينا المولى عز وجل، فقال: «ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين»، فالشكر هنا هو النعمة النادرة التي لا تعوّض، فلم يقل إبليس للحق سبحانه ولا تجد أكثرهم يصلون أو يحجون أو يتصدقون، ولكن قال ولا تجد أكثرهم شاكرين. وأوضح وكيل الأزهر في محاضرته، أن حقيقة الشكر هي إظهار النعمة للمُنعم عز وجل، فالله أنعم علينا، وطلب منا شكر هذه النعم، فكل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا تحتاج إلى شكره عز وجل عليها، فعن صهيب الرومي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له». وقال على بن أبي طالب - رضي الله عنه: «إن النعمة موصولة بالشّكر، والشّكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشّكر من العبد». وأكد وكيل الأزهر، أن النعمة تثبت بشكر المنعم عز وجل، وقد وعدنا سبحانه قائلا: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»، وكفران النعم وجحودها واتخاذها مطيّة للعصيان والتمرد على أوامر الله ونواهيه، سبب لمحق البركات وسلْب النعم وتبديلها بالنقم ونزول البلايا والابتلاءات، قال تعالى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ»، وقال تعالى: «وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ». وشدد شومان على ضرورة وعينا نحن المسلمين بما يحاق للأمة من الداخل والخارج لزعزعة استقرارها وتخلفها عن الركب الحضاري والعلمي وإشغال المسلمين بعضهم ببعض، فالمحاولات الحثيثة من الخارج والتي تلقى تأييدا ورواجا في الداخل من بعض المفتونين بها من ذوي الحماس الأحمق هي في حقيقتها محاولة لزحزحة الأمة عن مصدر قوتها وتمكينها، وذلك بغرس قيم فاسدة من الإفراط والتفريط والغلو في الدين وتكفير المسلمين وسفك دماء بعضهم بعضا ونشر الفوضى وزعزعة الأمن والعبث بالإنسانية جمعاء، فضلا عن نشر الإلحاد والفاحشة والاستهانة بمحارم الله والمجاهرة بما يغضب عز وجل، وكل ذلك هدم للدين وصد للناسِ عنه وكفر بالنعم. لذا وجب على العقلاء والعلماء من أمتنا أن يأخذوا على أيدي السفهاء والمخربين، لأن الضرر إذا وقع نال الجميع.