سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المطر في مصر: من إيزيس إلى "يا مطرة رُخّي رُخّي".. الفراعنة احتفلوا به في "وفاء النيل".. والمسلمون صلوا من أجل الاستسقاء.. الشعراء غنوا له والعلماء: يمتص المعادن وينقي الجو
تمر البلاد بموجة من الطقس السيئ، الذي يتخلله سقوط الأمطار والسيول بالعديد من المحافظات، ولطالما ارتبط سقوط الأمطار داخل مصر بالعديد من العادات والتقاليد، التي أصبحت تمثل موروثًا وفولكلورًا على مر التاريخ، وبشكل خاص داخل المدن الساحلية مثل الإسكندرية، وهو ما سجله المصريون القدماء وعرفنا فيما بعد أن سقوط الأمطار كان من ضمن أسباب حدوث فيضان النيل الذي كان ولا يزال المصدر الرئيسي بالنسبة للزراعة. فلكلور سقوط الأمطار: وفي الفلكلور والتاريخ المصري القديم، كان الفراعنة يزعمون أن سقوط الأمطار ناتج عن رضا الإله حابي عنهم، حيث كان فيضان النيل بوابتهم للعالم الآخر، كما اعتقد المصريون القدماء، أيضا أن سبب فيضان النيل كل عام هو دموع إيزيس "ربة القمر والأمومة"، حزنًا على وفاة زوجها أوزوريس إله الموتى والقاضي الأول في محكمة العدل بالعالم الآخر فيما يعرف باسم أسطورة إيزيس وأوزوريس، والتي تدور قصتها حول قصة الملك الطيب الخير أوزوريس الذي قتل على يد أخيه الشرير ست، نتيجة للغيرة والضغينة، وألقى بجسد أوزوريس في النيل، غير أن زوجته المخلصة إيزيس ظلت تبحث حتى عثرت عليه في أحراش الدلتا. وعن طريق السحر الذي كانت تمارسه إيزيس اصبحت حاملا، وأنجبت ابنها حورس الذي أصبح وريثًا لعرش والده وانتقم لأبيه أوزوريس الذي أصبح ملكا على أرباب العالم الآخر. خلال كل موسم لسقوط الأمطار يحتفل المصريون كعيد سنوي لمدة أسبوعين بدءًا من 15 أغسطس، فيما يعرف بعيد "وفاء النيل"، أي وصول المياه الكافية التي يعتمدون عليها في الزراعة، كما تحتفل بها أيضًا الكنيسة القبطية بإلقاء إصبع الشهيد في النهر. ومن الأغاني التي ابتدعها المصريين فرحة بسقوط الأمطار "يا مطرة رخي رخي" وهي من كلمة (رخ) الفرعونية، ومعناها "ينزل" كما يوجد أيضا أغنية من التراث كان الأطفال يرددونها مع موسم الأمطار، وتقول كلماتها "العنكبوت النونو طلع فوق السطح نزلت المطرة نزلته تحت، طلعت الشمس نشفت المطر والعنكبوت النونو طلع تاني فوق السطح". شكل المطر ملهمًا للكثير من الشعراء والمغنين، داخل الوطن العربي ولاسيما حينما لا تنزل الأمطار والتي يتغنى بها الصغار قبل الكبار ولا ننسى أغنية المطربة العربية الأصيلة "فيروز" حينما غنت "شتي يا دنيي تيزيد موسمنا ويحلا". منافع المطر في القرآن: ولا يخلو القرآن الكريم من ذكر منافع المطر حيث يقول الله تعالي "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" حيث إن ذكر المطر مرتبط بإحياء الأرض بعد موتها كما أنه من المعروف أيضا أن الماء أساس وشريان حياة باقي الكائنات الحية الأخري. وقد شرعت صلاة الاستسقاء من أجل نزول المطر، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم، خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس وصلى بهم ركعتين وقال: "اللهم اسقنا غيثًا مغيثا هنيئًا مريئًا غدقًا مجللًا طبقًا عامًا نافعًا غير ضار عاجلًا غير آجل تحيي به البلاد وتسقي به العباد"، كما أنه من الهدي النبوي الذي ينبغي اتباعه بعد نزوله "مُطرنا بفضل الله ورحمته" وعند شدة الأمطار والخوف منها كان يقول "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر"، كما أنه يستحب أن يصيب المطر شيئًا من البدن والمتاع، ففي حديث أنس رضي الله عنه قال: "أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه تعالى" رواه مسلم. وبسقوط الأمطار يستبشر الناس بقدوم موسم الخير في جميع ومختلف البلدان فائدتها في الزراعة ورعي الأغنام والحيوانات وتوليد الكهرباء بسبب ارتفاع نسبة المياه داخل السدود المختلفة مثل السد العالي والتي يتم منها توليد الكهرباء إضافة إلى أنه في الدول المتقدمة يستفاد من مياه الأمطار باعتبارها المورد الثاني من موارد المياه العذبة. وعلى الرغم من ابتهاج الكثيرين بنزول المطر لا سيما في المحافظات غير الساحلية، التي لا تسقط فيها الأمطار بشكل مستمر مثل القاهرة، إلا أن له وقع سيء في قلوب بعض الفئات الشعبية، التي تعيش داخل البلاد مثل الفقراء الذين لا يجدون ما يقيهم انخفاض درجة الحرارة والصيادين الذي تتسبب الرياح في ارتفاع الأمواج مما يعوقهم عن ممارسة عملهم بالبحر حيث إن ذلك الطقس خطير بالنسبة إليهم وإلى مراكبهم فيمتنعون عن الإبحار بالمراكب. الفوائد الصحية للأمطار أكد العلماء أن ماء المطر يجلب الخير ويعمل على تنقية الجلد من الأوساخ بنسبة أكبر من الماء العادي، نظرًا لأنه ناتج عن تبخر الماء من البحار وتكثفه على شكل غيوم، كما أكد الخبراء أيضًا أنه يعمل على تحسين الحالة النفسية والمزاجية، كما يعمل أيضًا على امتصاص المعادن والغازات والغبار فيطهر الجو.