شهدت الفترة الأخيرة بمختلف قرى ومراكز أسيوط عودة ظاهرة التنقيب عن الآثار من جديد، وذلك رغم اختفائها خلال الفترة الماضية، بعد القبضة الأمنية التي تشهدها المحافظة، وفي الوقت الذي يخضع فيه العشرات للتحقيقات أمام المحاكم المختلفة بتلك التهمة، لا زالت أن الظاهرة موجودة، عن طريق عصابات التنقيب المستمرة في أعمالها بعيدًا عن أعين رجال الشرطة. ورصدت "البوابة نيوز" الأماكن التي ينشط فيها التنقيب عن الآثار بالمحافظة، وهي جبل أسيوط الغربي، وبالتحديد عند مدينة الغنايم وقرية البلايزة بأبو تيج، بعد أن أصبح الجبل في تلك الأماكن عبارة عن حفر نتيجة التنقيب، وبعض المنازل المحيطة بالمناطق الأثرية القديمة مثل الوكالات الأثرية بمنطقة القيسارية غرب مدينة أسيوط، ودير تاسا، وآثار البداري، والتي ترجع أثريتها إلى ما قبل التاريخ، وبعض المواطنين الذين استغلوا منازلهم القديمة للتنقيب عن الآثار في مراكز القوصية وديروط، في الوقت الذي أصبحت المنازل مهددة بالسقوط. وأوضح "أ. م."، مواطن من مركز الغنايم، وأحد العمال الذين يشاركون في التنقيب يوميًا، أن التنقيب أصبح الآن يتم عن طريق مجموعات من المواطنين يصعدون الجبل الغربي ليلًا بعيدا عن أعين الشرطة، ويقومون بعمليات التنقيب في أماكن اختارها بعض المشايخ والمشعوذون الذين يأتون من بلاد السودان ووجه قبلي، ويحددون الأماكن مدعين أن ذلك بمساعدة الجن، ويحاولون إقناع المواطنين بذلك، وخصوصًا الأثرياء منهم، وتحديد عمق الحفرة المراد التنقيب بداخلها، مشيرًا إلى أن الأوقات التي يتم الصعود فيها للجبل تبدأ من بعد المغرب وحتى مطلع الفجر، وعن كيفية الحفر، يتم استخدام مولدات كهربائية صغيرة وبعض أنواع المتفجرات التي لا تحدث صوتًا عاليًا. وأضاف "م. ب."، أنه فوجئ ذات يوم وهو متواجد في مسكنه بهبوط في وسط المنزل، وعند التحري عن سبب الهبوط تبين أن السبب أن عصابات التنقيب عن الآثار وبمشاركة جيرانه استطاعوا أن يحفروا ما يشبه الشوارع الصغيرة أسفل المنزل ولمسافات بعيدة تشبه الأنفاق، حتى الوصول إلى الأماكن المراد الوصول إليها، دون معرفة صاحب المنزل الأساسي، وهذا يهدد بعض المنازل بالانهيار، مشيرًا إلى أن وهم الثراء السريع هو الذي يدفع الشباب العاطل إلى استخدام تلك الأساليب غير المشروعة، إضافة إلى غياب الرقابة من قبل الأجهزة الأمنية وشرطة الآثار، مؤكدًا أن هناك ضباط مباحث يرون التنقيب يوميًا دون أن يتدخلوا. وفي نفس الوقت، حصدت لعنة التنقيب عن الآثار أرواح الكثير من العمال الذين استخدمهم الأثرياء في عمليات التنقيب بعد وهمهم بدفع أموال كثيرة، وكان آخرها مصرع شخصين وإصابة ثالث أثناء قيامهم بحفر بئر في أحد منازل قرية دير بصرة التابعة لمركز الفتح بأسيوط، بحثًا عن الآثار، ما أدي إلى وفاة كل من ف. ف. ك.، 37 عامًا، ج. س. ش.، 30 عامًا، وإصابة ف. ك. ع.، 70 عامًا، بعد انهيار البئر أثناء التنقيب عن الآثار. وعن الجهود الأمنية في ضبط تلك المحاولات، لا يمر يوم إلا وتقوم القوات بالمحافظة بالقبض على أشخاص يقومون بعمليات التنقيب عن الآثار، وبحوزتهم معدات التنقيب، سواء في منازلهم أو في مناطق أثرية. وقال مصدر أمني، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، اليوم الإثنين، إن ظاهرة التنقيب عن الآثار مستمرة، رغم أن مديرية الأمن تمكنت من ضبط العشرات خلال الفترة الماضية، ومعظمهم يكون رهينة عمليات النصب من المشعوذين وعصابات التنقيب، موضحًا أن آخر تلك الوقائع القبض على ضابط شرطة و3 آخرين من أصدقائه أثناء عرضهم بيع عدد من القطع الأثرية صغيرة الحجم على أحد التجار في مدينة أسيوط.