لا يملك من لديه بقايا عقل، أن يحكم بدقة على عديد من الأمور فى الوقت الراهن، هناك سيولة فى الآراء والتصريحات والأخبار والإشاعات .. الكل يتعصب لرأيه يدفع عنه بشدة .. نادراً ما نجد أن فلانا قد رجع عن رأيه إلا كرد فعل على أفعال أخرى. نجد الكثير من الفصائل السياسية تتشاجر طوال الوقت وتحدث الضجيج، ومن الممكن أن تلجأ إلى الكذب والإدعاء لتدعيم رأيها، والعجيب لم نرى أحداً يصدع بالحق بعد أن ثبت كذب إدعاءه، فلم نرى أى من الصحف التى أحدثت الضجيج مثلاً حول بيع الأخوان المسلمين لقناة السويس، قد رجعت عن كذبها، فمازالت مستمرة طالما أن الرئيس مرسى موجود فى سدة الحكم، بل أن المرشح السابق الهارب أحمد شفيق قد أدعى ذلك فى خطابه يوم أن قضت المحكمة الدستورية ببطلان قانون العزل، ومرت شهور دون حدوث ما يؤيد هذه المزاعم، ولأن هذا الإعلام يتعامل بانتقائية ممجوجة تحدث دون خجل، فهم يمشون على سطر ويتركون السطر الآخر، ولقد تغاضوا عن مزاعم الأستاذ هيكل حول قناة السويس التى أذاعها على قناة الجزيرة فى مارس 2008، وشاهدها الملايين فى الشرق والغرب (صوت وصورة)، والتى زعم فيها أن مصر أممت القناة فقط ، أما المرفق فيخضع لاتفاقية القسطنطينية، وهو كلام بالغ الخطورة لأنه يمس السيادة المصرية فى الصميم الأمر الذى جعل الدكتور على الغتيت يتصدى له ويفند مزاعمه التى جاءت بالتزامن مع مؤامرة دولية تجري الآن في الظلام، وتستهدف قناة السويس كهدف استعماري أصيل وكجزء من الحملة التي تستهدف استعادة النفوذ الاستعماري القديم في المستعمرات السابقة ويكفي أن نعلم أنه تم تكوين شركة في باريس من أحفاد "فرديناند دي ليسبس" تستهدف استعادة قناة السويس من المصريين أصحاب القناة والبلد، والمؤسف أن لهذه الشركة وكلاء مصريين في القاهرة يعملون لحسابها علنا، يقول الدكتور الغتيت: "ويؤسفني أن أقول أن ما ادعاه الأستاذ هيكل في قناة "الجزيرة" عار من الصحة ويفتح الطريق لعودة قناة السويس للأجانب، وللعلم فقد أثارني ما أعلنه هيكل علي مدار أربع حلقات في الجزيرة طيلة فبراير من تشكيك في أحقية مصر في قناة السويس ودفعني ذلك إلي إرسال خطاب رسمي إلي وضاح خنفر مدير عام قناة الجزيرة بتاريخ 12 مارس 2008، وأطالبه بعرض الرأي الآخر وإتاحة الفرصة لي للرد تليفزيونيا علي هيكل من نفس المنبر، خاصة وأن كلام هيكل شكل تشويشاً خطيراً علي السيادة المصرية علي قناة السويس وطالبت قناة الجزيرة بإتاحة الفرصة لي لتوضيح الوضع القانوني الصحيح لقناة السويس بعد تشويش هيكل، لكن لم أتلق رداً من قناة «الجزيرة»". وما زال الرجل يثير الشكوك مبقيا على ضلاله القديم. تغاضى عنه الإعلام كما تغاضى عن جرائم أولاده شركاء أولاد مبارك. بل أن هيكل نفسه لم يستنكر أفعال أولاده، وتغاضى الإعلام عن فساد نجيب ساويرس وقضية تهربه من الضرائب ودافع عنه هؤلاء، الذين يغدق عليهم الأموال الطائلة ، فى حين افترض من يدعى بأن "الديمقراطية هى الحل" ويتساءل هل تتعامل الحكومة مع خيرت الشاطر مثلما تعاملت مع ساويرس؟ وكان الأولى به أن يندد بفساد من ثبت عليه بالدليل القاطع فساده..دافع عنه لقاء سماح ساويرس للأسواني بالكتابة والظهور فى وسائل الإعلام التى يمتلكها.. أقاويل .. وأكاذيب.. كثيرة!! أثيرت فى وسائل الإعلام فى الفترة الانتقالية، وأحداث ثبت كذبها ولكن لم نجد أحد يصدح بالحق ويرجع إلى الصواب إلا نادراً، فى الماضى وجدنا الكثيرون يرجعون عن أفكارهم بعدما تبين لهم الحق، وواجهوا المجتمع بكل سهولة، واحترمهم الناس .. بدءً من الدكتور طه حسين، ومحمد حسين هيكل، والعقاد، وطارق البشرى، وعادل حسين، ومحمد جلال كشك، ومحمد عمارة، وغيرهم كثير، ويحضرنى فى هذا المقام ما كتبه الدكاترة زكى مبارك فى رسالته "الأخلاق عند الغزالى"، وفيها تحامل كثيراً عليه، مما حدا بالشيخ عبدالمجيد اللبان أن يحتج عليه، ويشتبك معه فى النقاش، وهو لم يكن فى اللجنة المناقشة للرسالة، وبعدها رجع زكى مبارك عن شططه، وكتب بعد بضع سنين تحت عنوان "إليك اعتذر أيها الغزالى"... هذا عصر كان المرء يفعل ما يعتنقه من أفكار والكل يحترم رغبته..الديمقرطية كانت مطبقة على أرض الواقع ..لم تكن كصنم العجوة، تؤكل عندما تكون فى غير صالحنا، كما يفعل مدعى الديمقراطية اليوم الذين انقلبوا على الديمقراطية، وانقلبوا على الأفكار التى بشروا بها كثيراً فى الماضى، ومن عجب أن استمع إلى أحدهم وهو الفنان حمدى أحمد، الذى نكن له كل التقدير لمواقفه، حتى صدمت بتصريحاته التى أيد فيها العنف وعده من قبيل الكفاح والنضال ضد الحاكم المستبد، ولما سأله المذيع، ولماذا لم تفعلوا هذا مع مبارك؟ فإنه كان هو الأولى بهذا النضال، لأنه مكث ثلاثة عقود فى الحكم وأخذ فرصته كاملة، وهذا يختلف مع خلفه الذى ورث تركة مثقلة بالفساد الذى يتجذر فى التربة المصرية، فلم يرد عليه برأى مقنع، ولما سأله المذيع وهل "المولوتوف" ومهاجمة القصور الرئاسية والمبانى العريقة من قبيل المقاومة؟ فرد عليه بالايجاب، وعزى أن لينين ورفاقه فعل ذلك فى نضاله ضد القياصرة. ألم أقل لكم أن هذا العصر وما يحدث فيه يصيب الحليم بالدهشة والعجب؟ [email protected]