كل يوم يمر فى هذه الأيام الغميقة العاتمة..يتضح لنا أننا نعيش بين براثن قوى الشر التى جعلت من الشعب المصرى مطية يركبونها لتحقيق مصالحهم. لقد كان عهد مبارك يخفى كل هذه العيوب والمساوئ التى نغوص فيها الآن.. فقد كنا نشعر بالقهر والفساد والتخلف ولكن دون ان نقف على كل الحقائق المحيطة بنا. فأرجعنا كل شئ الى مبارك ونجليه وحكومته وقبضته الامنية.. واستثنينا الباقيين من معادلة الفساد التى تسبح فيها مصر. فالفساد لم يترك شئ إلا وطاله..قضاء ونيابة وشرطة وجيش وهيئة إدارية ومؤسسات بكاملها..حتى منظمات المجتمع المدنى التى تسعى لحفظ الحقوق والبحث عنها..أصبحت بوتيكات تجرى خلف من يدعمها ويمولها لتصبح سبوبة بدلا من البحث عن الحقوق الضائعة. فالحياة فى مصر كانت وما زالت فرصة و صراعا من اجل الحصول على واسطة تتيح وظيفة باى شكل..حتى لو كانت على حساب من يستحقونها. فوكلاء النيابة مثلا..حصلوا على مناصبهم وهم لا يستحقونها..فليس المهم ان تكون من أصحاب الكفاءة العالية أو التقديرات المرتفعة..بل يكفى فقط ان تكون ذى صلة باحد المستشارين او برئيس نادى القضاة أو احد رجال مجلس القضاء الاعلى. وبذلك يبدأ وكيل النيابة عمله ويده ملوثة بالفساد..ومن السخرية بعد ذلك ان نطلب منه ان يكون عدلا معتدلا يحكم بعد ذلك بالعدل بين الناس. وبما ان المبادئ لا تتجزأ..وبما ان الذى بنى على باطل هو باطل..كيف لنا ان نثق فى قاضى بدأ عهده بفساد. هذا الفساد نراه الان فى جهاز القضاء..ولعل اخر ما شاهدناه هو حكم بطلان تعيين النائب العام طلعت ابراهيم. وبعيدا عن كونى متفقا مع تعينه ام لا..لابد ان نضع فى الاعتبار ان القضاء اذا سيس فانه لم يعد مؤتمنا على حياة البشر ومصالحهم..فكيف للنائب العام الذى تم استفتاء الشعب على وجوده اربع سنوات وقد اعطاه الدستور قوة تتجاوز القضاء والقانون ان يتم اقصائه عن منصبه..ثم يقولون حكم واجب التنفيذ ووجب احترام القضاء. وسؤالى هو كيف نحترم القضاء والقضاء نفسه لا يحترم الدستور الذى استفتى عليه الشعب الذى هو مصدر السلطات..والذى يدفع من قوته رواتب هؤلاء القضاة الذين يسيسون الاحكام ويحاربون الشعب ومصالحه. لا شك اننا نحتاج الى ثورة تصحيح قريبا لنصحح بها مسار الثورة التى لم تطهر الشعب من فساده ومن الواسطة والمحسوبية. [email protected]