كارثة بكل المقاييس لم تكن الأولى من نوعها، وهي حالات طبيعية للنظام العشوائي والفوضى الادارية التي ابتلينا بها، ونتيجة طبيعية أيضا لعقول مغيبة ونفوس يملأها الحقد وقد تجلت أيضا هذه الصفات كرد فعل على الحادث: فمن ناقم على الحكومة وعلى الرئيس يحملهم المسئولية كاملة بصورة تجعلك تفقد عقلك؛ إلى مدافع عنهم يعفيهم من المسئولية . والحقيقة أن الرئيس والحكومة تتحمل وزر هذه الكارثة؛ ولكن ليست بالصورة المطروحة الأن التي لا تخلو من قلة وعي أو متاجرة بدماء هؤلاء الأطفال . فهل يتصور أن يستغل إنسان هذه الكارثة ليطالب الرئيس مثلا باعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ! أو عودة مجلس الشعب ! وهل يُتصور أن يُتهم مرسي وحكومته بأنهم سبب هذه الكارثة لأن نظام السكة الحديد في مصر نظام فوضوي ! وأننا دولة متخلفة من دول العالم الثالث ! كلنا نعلم أن الرئيس والحكومة لم تضع هذا النظام، ولم تخطط لهذه الادارة الفوضوية، وأنها ورثتها من نظام المخلوع الذي لم يترك شيئا إلا فسده؛ فكيف نحاسب الرئيس والحكومة على عشوائية ونظام فاسد لم يكن لهم يد فيه ! كيف نحاسب الرئيس على إهمال، هذا الاهمال سمة أغلب الشعب المصري فعامل المزلقان لم يكن حالة فردية؛ بل أن جُلّ من يشجب ويستنكر الأن أكثر إهمالا في عمله من هذا العامل. كنت أتمنى أن يرتقي الناس وكذلك المعارضةالسياسية للحكومة حتى نستطيع فعلا أن نقوّمها ونقضي على الفساد؛ فالمعارضة الحاقدة يواجهها في المقابل (مبرراتية)، وتتكون حالة من الاستقطاب السياسي ليس هذا وقته ولا يليق بالحدث الجلل الذي أصابنا جميعا . الرئيس والحكومة تتحمل مسئولية الحادث؟ نعم؛ ولكن هذه المسئولية من منطلق التباطؤ في تطهير مؤسسات الدولة، ووضع نظم إدارية جديدة، وإقصاء الفاسدين والمفسدين والمقصرين نعم ياسيادة الرئيس تتحمل مسئولية هذه الأرواح البريئة ليس لأن نظامك من قتلهم؛ ولكن لسماحك بنظام المخلوع أن يقتلهم وتتحمل ما سيحدث من كوارث أخرى في المدارس والمطارات والعقارات المخالفة والنقل والزراعة والإعلام والقضاء والشرطة، فكلنا يعلم أن كل هذه المؤسسات يملأها الفساد وتملأها الفوضى؛ لذا فالكوارث مطروحة كنتيجة طبيعية لهذه الفوضى؛ ولكنك تتحمل مسئوليتها لأن حكومتك إلى الأن تركتها على ماهي عليه. وكذلك المعارضة تتحمل مسئوليتها في دفع الرئيس إلى الأصلاح، وتطالبه بالتطهير؛ لنتخلص من النظم البائدة المتخلفة؛ لكي نتفادى مستقبلا هذه المصائب؛ ولكن كعادة المعارضة استغلوا المصاب العظيم وأدخلوه معركة السياسة وبدأت القصة تأخد منحنى آخر بدلا من (كيف نحاسب المقصر وكيف نتجنب هذه الحوادث في المستقبل) إلى الإخوان (كخة والرئيس الاخواني وحش ومفرقش كتير عن مبارك) والسؤال هنا الى متى ستظل الحكومة والمعارضة على هذا الحال ! متى ستعمل المعارضة من أجل مصر ورفعتها وتترك التنافس السياسي إلى وقته ! ومتى سيتخلص الرئيس والحكومة من الخوف والارهاب الذي تمارسه المعارضه ويبدأ في التطهير الحقيقي ياسيادة الرئيس لا تلتفت الى من يرهبك من تطهير القضاء باسم استقلال القضاء. لا تلتفت إلى من يرهبك من تطهير الشرطة باسم أخونة المؤسسات. لا تلتفت إلى من يرهبك من تطهير الإعلام باسم حرية الرأي. فكل من جعلت لإرهابه قيمة وتباطأت في الإصلاح واقتلاع جذور الفساد من أجلهم هم من يقفون لك الأن بالمرصاد، ويعلقوا لك المشانق، ويطالبونك بالحساب، ليس على تباطؤك فقط ؛بل يحملونك فاتورة حساب نظام مبارك.