إن مشكلات مصر الاقتصادية،من فقر وبطالة ونقص فى الرعاية الصحية،وانهيار للتعليم،ومعاناة شاملة للمواطنين فى حياتهم اليومية عميقة،كما كانت الدولة عميقة،وتحتاج لحلول جذرية،شاملة،فلا يمكن التعامل مع مشكلات المواطنين فرادى،وان يقوم كل شخص يتظلم من مسألة أو ظلم وقع عليه،بالاتجاه إلى ديوان المظالم،فى تساؤل هام،والملايين الذين لا يستطيعون الوصول إلى هذا الديوان ؟ كيف تحل مشكلاتهم؟أن فكرة ديوان المظالم فكرة هامة وضرورية،لكنها ليست بديلة عن الإدارة الإستراتيجية للدولة،القائمة على التخطيط،وبناء مؤسسات قادرة على معرفة المشكلات،والعمل على حلها،فالمشكلات الأولى فى مصر ليست ببعيدة عن المعرفة،وكما فى الإدارة الإستراتيجية،أهم خطوة فى الطريق الصحيح للتخطيط هو معرفة المشكلة بدقة،وبالتالى التخطيط لحلها،وفقاً للإمكانيات،بأقل تكاليف وبتحقيق أكثر منافع ممكنة،فى أضيق وقت ممكن،فإننا أمام عدة مشكلات افرزها النظام السابق تعتبر أولويات وتحتاج للحل دون تأخير،أهمها البطالة والعمالة المؤقتة والمطالب الفئوية،فحتى الآن لم يتم وضع آلية معروفة،كيف سوف تقوم الحكومة بحل تلك المشكلة؟فحل مشكلات المواطنين فرادى بخصوص ذلك سوف يخلق نوعاً من الأفضلية لشخص على حساب أخر،فلابد ان يكون هناك طرقاً أفضل للتعامل مع تلك المشكلة،بأن يتم تثبيت العمالة المؤقتة بالدولة،على ثلاث سنوات طبقاً للأقدمية،على أن يكون ذلك واضحاً،ومعلوماً لكل المؤقتين،وان يعرف كل عامل مؤقت متى سوف يتم تثبيته ؟ ثم معالجة البطالة بخلق نوعاً من التضامن الاجتماعي لهؤلاء،على أن يتم توفير لكل عاطل يرغب فى العمل إعانة شهرية،يحصل عليها حتى يتم توظيفه،ويجب معالجة مشكلة المطالب الفئوية بحل شامل وليس بالقطعة،بإصدار قوانين وتشريعات تحقق العدالة فى الأجور،وتطبيق الحد الأقصى للأجور الذى بدأه الجنزورى،ثم اختفى ولم يسمع عنه أحدا،تحقيق تلك المطالب هام وضرورى وحاسم لكى يشعر المواطن بان هناك تغيير،وان الرئيس المنتخب والحكومة ،تسير وفقاً لما رسمته لها الثورة،ولا يكون الأمر بطيئاً أو غامضاً،فيحدث يأس لدى الشارع،ومن ثم يحدث انقلاب مرة أخرى،على الثورة بثورة جديدة . أن حل مشكلات المواطنين يحتاج لإدارة إستراتيجية واسعة،يقوم عليها متخصصين،كل فى تخصصه،يضع برنامج لكل مشكلة،وان يطرحها على الشعب،ليعرف سير حلول مشكلاته،أما ديوان المظالم فيستخدم فى الحالات الفردية،التى تتظلم من أمر،ولم يستطيع الإدارة المحلية أو المسؤولين حلها،فيلجأ الشخص إلى أعلى سلطة فى الدولة،ربما يكون لمشكلته حل.كما لا يعنيني أن أرى رئيس الوزراء فى المترو،أو يتابع المصريين فى الشارع،وإنما الأهم حل مشكلات البسطاء والفقراء والعاطلين . فعندما قرأت خبر حل مشكلة حفيد محمد نجيب عندما وصلت الى ديوان المظالم،وان الرئيس تدخل بنفسه لحلها،فان هذا شيئاً حسناً لأنه مواطن مصرى،لكننى لم أكن راضياً عن تلك الطريقة الاستثنائية،التى عانينا منها عقود،فلا يجب تمييز مصرى على أخر،فهل سوف يتدخل الرئيس فى حل مشكلة كل مواطن مصرى؟إذا كانت الإجابة بنعم فهناك الملايين مثل حفيد محمد نجيب لديهم مشكلات،بل ربما تكون مشكلات اكبر واشد معاناة وأكثر إلحاحا،أن دعم الشعب للرئيس واستمراره فى هذا الدعم،مرهوناً بما سوف يقدمه من حلول للمشاكل التى يعانى المواطنين وتوفير الخدمات،وهذا دور الحكومة القائمة،فإذا لم تفى،فان التغيير يصبح لازماً،كما كان لازماً عندما لم يتحمل ظلم النظام السابق،والفارق ان الشعب الآن أصبح أكثر تحرراً،ولم يعد يخاف القمع،أو الأساليب الأمنية،فهل يدرك رئيس الوزراء ان للرئيس وعود لابد أن تتحقق ؟
د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]