"سيافاش".. شاب إيراني خريج جامعة طهران، يقضي فترة التجنيد الإجباري ليضيع ساعات في النهار.. ثم ينطلق متحررا من كافة القيود الاجتماعية في دولة إسلامية: شوارع الضواحي الهادية، حيث يركن الشباب سياراتهم مع صديقاتهم في عتمة الغسق.. والشقق التي تقيم حفلات مشتركة، تقدم فيه المخدرات والكحول! إنه الوجه الاَخر للعاصمة طهران! في السنوات الأخيرة أصبحت الحريات الاجتماعية هي بارومتر القياس السياسي في إيران. تنبأ فقهاء الثورة بأن يتخذ المحافظون إجراءات صارمة ضد ممارسة تلك الحريات، خاصة في أعقاب سيطرتهم علي البرلمان فبراير العام الماضي.. نشطت تشكيلات الشرطة السرية للأخلاق والاَداب تهاجم شقق الحفلات المختلطة.. حاولوا تشريع زي موحد للبنات والنساء لا يرتفع فوق الكعب، والقبض والمحاكمة إن ارتفع! والتحقير بشأن كل من تزحلق نظارة الشمس فوق الشعر الحرير! ومصادرة المحمول الذي انتشرت أجهزته كالحمي عبر المدن الشاطئية لبحر قزوين! هذه الهجمة الضارية واجهها الشباب الإيراني بمقاومة أكثر ضراوة.. ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الإيرانية يونية المقبل بادر المحافظون إلي اتخاذ تغيير أساسي في التكتيك، يقوم علي التجمل واستثمار عدم الرضا العام لفشل الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وذلك بتقديم صفقة واضحة من الوعود الشعبية: بالحرية.. بالانفتاح.. بسيادة حكم القانون! لكن المحافظين رأوا كذلك أن المرونة الاجتماعية هي الثمن الذي ينبغي أن يدفعوه لتحقيق الفوز السياسي.. يضيء هذه النقطة رجل الأعمال والمحلل السياسي سيد ليلاز بكلماته للكريستيان ساينس مونيتور: المبالغة في الضغط علي القيود الاجتماعية عنصر من ثلاثة عناصر سوف تؤدي إلي هز الاستقرار في إيران.. ومعه انهيار في أسعار البترول.. واتخاذ خطوات خاطئة في النزاع حول البرنامج النووي! ويضيف: سنين من رفع الاَمال في التغيير، ثم الهبوط بها، طردت ثلثي الشعب الإيراني ممن هم تحت سن ال 30.. خارج الساحة السياسية! ويكمل سيافاش الجامعي المجند، بناء سياق النظر: النظام يسمح للناس أن يفعلوا ما يشاءون.. جيش الشعب عاد إلي ثكناته.. والنصر المحقق للرئيس خاتمي يتركز في أن معظم الحريات التي حققها في عهده يتعذر الاَن بأي حال إلغاؤها irreversible! ويواصل المحلل السياسي سيد ليلاز غزل خيوط السياق: الناس في إيران قد لا يحبون نظام الملالي.. لكنهم لا يكرهونه.. إنهم في بلدهم، ينتظرون مواجهة جديدة حول الاقتصاد أو الثقافة.. لكنهم لا يقبلون بالحكم الشمولي، والنظام راض بذلك! الاسترخاء.. يروج للبغاء! ملاحظة لماحة لمعيدة بكلية الحقوق جامعة طهران: المحافظون يفرشون الشارع الانتخابي بمعادلة أريبة، منتهي الحرية.. غاية التراضي.. أيدي الشباب تتعانق.. انكشف الحجاب وظهر الشعر وبان.. والبيان: الإصلاحيون لن يعطوك أكثر.. ولن يحلوا مشاكلك! يتحمس شباب طهران لوجود ضغط من الخارج.. خاصة واشنطن.. يقولون: ما دامت هناك بندقية أجنبية موجهة إلي رؤوسنا، فنحن في أمان من مضايقات النظام.. الحكومة تحتاج دعما، مقابل مزيد من الحرية! حالة الاسترخاء في الأجواء الإيرانية زادت من عناوين البغاء، والعناوين علي أرقام المحمول، مع صورة مثيرة يمكن تنزيلها علي شاشة الانترنت الصغيرة.. سواء للزبون، أو لشرطة الاَداب والأخلاق.. وكل من حكم عليهن خرجن من السجون ببصمات تعذيب علي أجسادهن لا يمحوها الزمن! أسوأ المشاهد وأخبثها تم عرضها في حفلات سمر جنسي مختلط Mixed Sex Frdlicking في فبراير الماضي يوم عاشوراء.. انتهكوا قدسية يوم اغتيال الإمام الحسين بحفنة من الصبية والصبايا صغار السن Hoodlums مارسوا الجنس علنا في الطريق العام.. وروت الصحيفة الإيرانية المتشددة "جمهوري إسلامي" المشاهد التي يندي لها جبين كل مسلم وكل صاحب دين.. روت كذلك مشهد شرطة الاَداب والأخلاق وهي تنقض علي الملاعين في أحد أحياء الأثرياء شمال طهران! ومثلما يلاحق المتشددون مثل هذا البغاء السافر يلاحقون كذلك ما يعتبرونه بغاء مستترا.. الخريف الماضي منعت شرطة مطار طهران سيدة صغيرة السن من السفر إلي لندن لعدم ارتدائها جوربا طويلا رغم معطفها الأسود الذي يغطي الكعبين! تساءلت بدهشة: ليس هناك نص في القراَن يوجب علي المرأة ارتداء جورب طويل! أجابتها شرطية بالمطار: عليك أن تعلني أسفك أمام المحكمة.. وفي المحكمة خيروها بين أن تدفع 150 دولارا غرامة و100 جلدة أو عقوبة الحبس مدة شهرين.. وجاءت الأم لتدفع لها الكفالة.. واعترفت: رغم ثرائنا لكننا لا نملك ما يكفي لشراء جوارب طويلة.. ثم إننا من أنصار الثورة المخلصين Basijifamily إلا أن المرافعة الطويلة لم تشفع! ينحدر.. إلي أعلي! منحدرات ديزين للتزحلق علي الجليد قرب طهران.. أليريزا محفوظيان 25 سنة مهندس ديكور كل الناس يتزحلقون علي المنحدر إلي أسفل.. إلا هو، ينحدر بفعل فكره الثاقب، إلي أعلي! محفوظيان له تجربة حزبية عميقة، أوجدت منه في سنوات قليلة سياسيا حذرا شديد الوعي Circumspect! انصت إليه: إن علينا أن نتحقق من أننا نعيش في بلد إسلامي.. وعلينا أن نقبل بأن القيادات تملك أدواتها لدفعنا إلي الأمام.. وأنا أعي تماما أن هذه هي طريقتهم لفرض السلطة! في حياة محفوظيان نقطة تحول درامية فجرت مستقبله ورؤاه.. في عام 1995 قبضوا عليه في حفلة عائلية، وشيطان الخمر رب العائلة.. عاقبوه بالجلد 75 جلدة بمجرد لسع الجلد، لكنه ظل عاما كاملا غضبان أسفا.. وأصدقاؤه يزينون له الهجرة إلي الخارج، علي أن يصور ظهره الذي مزقته ضربات السوط كمستند لطلب اللجوء السياسي! لسعات السوط.. ضربة إفلاس مالي أصابت الأسرة.. مشاكل قلب أحب ولم ينل.. طاردته جميعها إلي أمريكا ليصبح أصغر إيراني يحصل علي شهادة في القفز بالمظلة! أعادته المظلة إلي صوابه..وأعادته إلي طهران، ليكتشف ميلادا جديدا لعشق الوطن! محفوظيان يقول الاَن: شباب إيران الذي يرفض حتي الاعتراف بالدور الحاسم الذي يقوم به المتشددون في المجتمع الإيراني للأسوأ أو للأفضل رفض تمردا تنقصه التجربة والاستناد إلي الحقيقة! .. ومع ذلك، دعني ألمس أوتار العقل وأقل: ليس كل المحافظين بهذا السوء.. ولا كل الإصلاحيين أسوياء!