يجب ألا يتراءي للبعض أن ادارة بوش ستهدأ وتسارع بوقف حملتها الشرسة علي سوريا حتي لو سحبت سوريا آخر جندي لها في لبنان فالمشكلة في الأساس ليست في التواجد السوري في لبنان فقط وانما المشكلة تمتد أيضا الي ما يحدث في العراق، ومحاولة امريكا الهروب إلي الأمام بتحميل طرف آخر مسئولية الورطة التي تعانيها في دولة الرشيد وكأن أمريكا كانت تبحث عن مشجب تعلق عليه مأزقها في العراق! حملة ضغط.. لقد جاء الاهتمام بالوجود السوري في لبنان في اطار حملة عامة للضغط علي بشار الأسد. وعليه من غير المنتظر أن يتوقف الضغط علي دمشق حتي لو تم الانسحاب الكامل وفقا للأجل الذي حددته أمريكا وهو أن يتم قبل عقد الانتخابات في لبنان في مايو المقبل. ولعل ما أشار إليه الرئيس الأسد في خطابه في الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب السوري السبت الماضي يشي بأن الضغط المكثف علي سوريا انما جاء في اطار سيناريو معد سلفا للمنطقة بدأ بالعراق الذي جعلته أمريكا نقطة الانطلاق نحو دول المنطقة لاحداث التغيير المطلوب وتجزئة الدول وايجاد كيانات طائفية مثل كيان الاكراد في العراق وكيان الدروز في لبنان. التحرش بسوريا؟ ولا أدل علي ذلك من أن الضغط علي سوريا والتحرش بها بدأ بعد الحرب علي العراق الدولة التي فتحت أمريكا بواسطتها الباب علي دول المنطقة لتحقيق أهدافها وعلي رأسها تنفيذ مشروعات التفتيت والتجزئة لاضعاف الجميع فبدأت بالعراق ثم مالثبت أن يممت وجهها صوب سوريا، فرأينا قانون محاسبة سوريا الذي أقر من الكونجرس وصادق عليه بوش وبمقتضاه جري الحديث عن فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية. وتبع ذلك استصدار القرار 1559 والذي لم يكن له آية علاقة بتمديد الرئاسة "لإميل لحود" بدليل ما كشف بوش عنه النقاب في حديث له من أن "شيراك" هو الذي طلب منه في يونيو الماضي استصدار قرار يتم بمقتضاه سحب القوات السورية من لبنان وكأنه مخطط استعماري جديد بالنسبة للمنطقة وكان المحرك له في هذه المرة "شيراك" الذي يبدو أنه آفاق بعد معارضته للحرب بالعراق ورأي أن الفرصة سانحة لفرنسا لكي يكون لها حصة من الكعكة أي أن الطموح الفرنسي تركز حول ايجاد مراكز استعمارية له أسوة بأمريكا التي باتت لها قوة متمركزة في العراق ولذا فإن الحادث اليوم يمثل عودة إلي الاستعمار القديم فكريا وماديا. ملف السلام... عرض الرئيس السوري في خطابه الي ملف السلام مع اسرائيل ولربما أراد بذلك تسليط الضوء علي ان التحدي الرئيسي هو اسرائيل التي تقف وراء كل ما يحدث في لبنان اليوم، فالقرار 1559 يخدم اسرائيل في المقام الأول، فعوضاً عن انسحاب القوات السورية من لبنان فإن القرار يتضمن نزع اسلحة حزب الله وأمر كهذا من شأنه ان يخلق مشكلة كبري في لبنان. ولا شك أن القضاء علي المقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله هو رغبة اسرائيلية عارمة، فاسرائيل لا تنسي أن حزب الله هو الذي أخرجها من جنوب لبنان في 24 مايو 2000 وأن وجوده يشكل عقبة لها ولأمنها ويعيق انتشار القوات اللبنانية علي طول الحدود معها. جدول للانسحاب.. أثبت الرئيس بشار بخطابه أن سوريا تمتلك المرونة الكافية والارادة للتحرك واتخاذ قرار سحب القوات من لبنان بالكامل الي منطقة البقاع ومن ثم الي منطقة الحدود السورية اللبنانية. ولذا يكون قد طبق اتفاق الطائف الذي وقع 1989 وأخذ في الاعتبار قرار 1559 الذي أقر في سبتمبر من العام الماضي وتعامل معه بايجابية في البند الخاص بسحب القوات من لبنان. الحملة مستمرة.. من المنتظر أن يعود "تود لارسون" مبعوث "أنان" الي سوريا خلال أيام لمتابعة الحوار الذي كان قد بدأه في زيارتين قام بهما لسوريا احداهما قبل نهاية العام الماضي والثانية في شهر يناير الماضي وهي الزيارة التي أبدي في أعقابها تفهمه للرؤية السورية والتي بدأ علي اثرها تصعيد ادارة بوش للضغوط وحملة التهديد والوعيد لسوريا وهي الحملة التي ينتظر لها أن تستمر وما من شك في أن تطبيق القرار 1559 بحذافيره سيخلق مشكلات متعددة لاسيما أنه يمثل تكريسا لتدخل اطراف دولية بالاضافة الي أنه خال من أية آلية خلافا لاتفاق الطائف الذي يتضمن آلية للتنفيذ.