مؤخراً أعلنت هيئة السكك الحديدية عن تقدم إحدي شركات القطاع الخاص بعرض لشراء قطارين من قطارات الهيئة وإدارتهما مقابل عائد سنوي تدفعه الشركة للهيئة. مصادر بالهيئة أكدت ل"العالم اليوم" أن العرض قيد الدراسة وأنه في حالة الموافقة عليه ستتم تجربته في الخطوط الفرعية. يذكر أن الدولة تدعم الهيئة بحوالي 750 مليون جنيه سنوياً، علماً بأن مديونية هذا المرفق الحيوي وصلت إلي 350 مليون جنيه، كما بلغ حجم الأجور السنوية للعاملين بالهيئة حوالي 500 مليون جنيه. وهذه الأرقام تشير ولو بشكل خفي إلي أن الخصخصة ستعرف طريقها للهيئة في القريب العاجل. الخدمات.. أولاً يقول المهندس جميل مسعد مستشار وزير قطاع الأعمال السابق وخبير شئون السكك الحديدية، من حيث المبدأ لسنا ضد خصخصة هيئة السكة الحديد، ولكن علينا أولاً أن نحدد من أين نبدأ، هل بخصخصة الخدمات؟ أم بتملك القطاع الخاص للقطارات وإدارتها بواسطته؟.. وما هو دور الدولة في هذه المرحلة؟.. ويضيف إن فرنسا وانجلترا تدعمان السكك الحديدية. وأري أن نركز أولاً علي خصخصة الخدمات، أسوة بما يفعله العالم كله.. فجميع الخدمات في العالم تم خصخصتها.. بما فيها تصنيع القطارات، وإذا أردنا أن نملك القطارات فيجب أن تكون الحصة الكبري في يد الدولة علي الأقل في الوقت الحالي. لأننا في مصر لم نتعود علي خصخصة المرافق العامة، فالصيانة وخدمات القطارات كلها مخصخصة. أما ترك الإدارة كاملة للقطاع الخاص فيؤدي إلي مشكلات كثيرة، لأن خصخصة الإدارة والحركة والإشارات أمر صعب إسناده للقطاع الخاص، وهو سابق لأوانه ولا يمكن البدء فيه إلا بعد خمس سنوات من بدء خصخصة الخدمات ويقول جميل مسعد: لماذا لا نبدأ بخصخصة هيئة النقل العام أولاً بدلاً من القطارات أو خدمات مترو الأنفاق، ثم بعد ذلك نبدأ بقطارات السكة الحديد. ويشير إلي عدم وجود شركة مصرية خاصة قادرة علي إدارة القطارات لأنه لم يسبق للقطاع الخاص الدخول في هذا المجال، لذا لابد من إسناد مثل هذه الأنشطة لشركات أجنبية لديها الخبرة الكافية في إدارة وتشغيل القطارات وتطوير الإشارات فهو نشاط يحتاج إلي استثمارات ضخمة. تحريك أسعار التذاكر أما د.حسن عبدالفضيل الخبير الاقتصادي فيري ان المستفيد الوحيد من خصخصة القطارات سيكون القطاع الخاص، خاصة في حالة نجاح التجربة حيث من المتوقع أن يتم تعميمها علي سائر القطارات وهنا يكون المواطن محدود الدخل هو الضحية لأن القطاع الخاص لن يرضي بأن يضع أمواله في مشروع فاشل، وبالتالي فسوف يلجأ إلي رفع أسعار التذاكر ولن تكون الحكومة قادرة علي السيطرة عليه لأنه سيكون هو المالك والمدير وهو الذي سيدفع المرتبات للموظفين. ويقول عبدالفضيل لماذا لا تلجأ الحكومة إلي تحريك أسعار التذاكر بنسبة بسيطة بدلاً من خصخصة القطارات؟ في إشارة إلي أن توجه الدولة نحو الاعتماد علي القطاع الخاص في إدارة وتملك قطارات خاصة بها نوادي انترنت هو رفاهية غير متاحة حتي في أكثر الدول تقدماً. تجربة جديدة ويري المهندس محمد عرفة رئيس هيئة السكك الحديدية السابق أن تملك القطاع الخاص للقطارات تجربة جديدة قابلة للنجاح أو الفشل، ولا يمكن الحكم عليها الآن. أما خصخصة الخدمات فهي تجربة بدأتها الهيئة منذ فترة طويلة حيث تركت إدارة عربات النوم لشركة خاصة ومازالت تعمل حتي الآن ويضيف أن الهيئة لو نفذت مشروع تمليك قطارين للقطاع الخاص فسوف يكون هذا وفقاً لضوابط ثابتة تضعها الهيئة سواء فيما يتعلق بأسلوب التشغيل والصيانة وأسعار الخدمة الجديدة. القانون لا يمنع أما المسئولون في هيئة السكة الحديد ووزارة النقل فلهم رأي آخر، حيث يؤكد الدكتور وليد وردة خبير السكك الحديدية بالمكتب الفني بوزارة النقل أنه لا يوجد قانون في مصر يمنع دخول القطاع الخاص في تشغيل القطارات، كما أنه يتماشي مع توجهات الدولة الرامية إلي إشراك القطاع الخاص في مشروعاتها العامة وإتاحة الفرصة له في توفير وظائف جديدة. ويري أن العالم كله يتجه نحو تحرير مرافقه العامة وتحرر من فكرة أن الدولة تملك كل شيء وهي تجربة تم تطبيقها في أمريكا واليابان حيث خصخصت الأخيرة أكثر من 50% من السكك الحديدية. ويضيف ان هناك معايير محددة سوف تضعها الدولة في المراحل الأولي من خصخصة هذا النشاط وأنها ستكون في هذه المرحلة تحت السيطرة الكاملة ولن يسمح للقطاع الخاص بوضع تعريفة للخدمات التي سيؤديها وعموماً فإن الأمر كله مازال تحت الدراسة من قبل المسئولين والمستثمرين علي السواء ولم يتم اتخاذ أي خطوة عملية في هذا الصدد لأن مثل هذه المشروعات تتطلب استثمارات ضخمة ويكفي أن نعرف أن تكلفة صيانة العربة الواحدة في السنة تصل إلي 60 ألف جنيه سنوياً وثمن الجرار الواحد حوالي 10 ملايين دولار.