تفرقت دماء المعاقين في مصر بين الحكومة وأصحاب الأعمال، ففي الوقت الذي كان يفرض فيه القانون تشغيل 5% من المعاقين إذا زاد عدد العاملين علي 50 نجد أن قانون العمل الموحد غاب عنه ذلك النص، ولم يكن ذلك القانوني هو العائق الجديد فقد كان صاحب العمل قبل ذلك يكتفي بدفع غرامة مائة جنيه فقط مرة واحدة لتفادي تعيين أي معاق أو يكتفي باعطائه "صدقة" شهرية دون أن يقوم مقابلها بأي عمل. القضية خطيرة خاصة أنهم يمثلون 10% من السكان ويزداد عددهم بإضافة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفيما تقدمت الدول من حولنا في قضايا تأهيل وتشغيل المعاقين يؤكد المعنيون أن القضية في مصر تحتاج إلي عمل مكثف سواء لتعديل تراث ثقافي أو بناء منظومة متكاملة للاستفادة من امكانيات المعاقين في الأعمال الاقتصادية المؤهلين لها. أول محطة في محاولاتنا للإجابة علي هذه الأسئلة في وزارة الشئون الاجتماعية باعتبارها المسئولة عن تأهيل المعاقين والرقابة علي الجمعيات الخاصة العاملة في ذلك المجال، ويوضح لنا محمد توفيق محمود وكيل الوزارة ورئيس الإدارة المركزية والتنمية الاجتماعية ان مصر سبقت العالم عام 1975 بإصدار القانون رقم 39 الخاص برعاية وتأهيل المعاقين ونستطيع القول من الناحية القانونية إننا سبقنا الدول المتقدمة ولكن من الناحية العملية فهذا القانون لا يطبق بالشكل المطلوب، ويفسر ذلك بانتشار نسبة الأمية والموروث الثقافي حيث لازالت النظرة سلبية للمعاق وينطبق ذلك علي أصحاب العمل فأحياناً يتم إعطاؤه راتبه دون أن يعمل من باب الشفقة أو يكتفي بدفع الغرامة المطلوبة وعدم تشغيلهم. ويؤكد محمد توفيق أن الأوضاع حالياً أفضل من الأمس حيث زاد عدد المنظمات غير الحكومية التي تعمل في ذلك المجال وتشارك في خدمة المعاقين وإن كان المشوار أمامنا مازال طويلاً حتي نصل إلي المستوي المطلوب، مشيراً إلي أن قضية تشغيل المعاقين في الخارج أكثر تقدماً من مصر وهو ما يرجع بالدرجة الأولي إلي اختلاف نظرة المجتمع الغربي تجاه المعاق واعتباره مثله مثل الإنسان السوي تماماً وتقدير قدراته وكفاءته في العمل مؤكداً أن القوانين والتشريعات ليست العامل الأساسي الذي نستطيع أن نحكم به علي القضية فالإلزام الأدبي أقوي من الإلزام القانوني وبالطبع فيجب أن يلعب الإعلام دوراً إيجابياً من أجل تغيير هذه النظرة ولكن للأسف مازالت الدراما عندنا تكرس الصورة المشوهة للمعاق. أما بالنسبة لدور وزارة الشئون الاجتماعية فهي تقوم بتأهيل المعاق حسب قدراته ومستوي تعليمه لمهنة معينة وذلك بالتعاون مع وزارة القوي العاملة مع الوضع في الاعتبار احتياجات السوق بحيث يستطيع المعاقون شغل نسبة الخمسة بالمائة المقررة لهم ونحن نعترف بأننا لم نصل إلي هذه النسبة ولكن علينا أن نحاول الوفاء بها بقدر الإمكان، كما يؤكد أن قانون العمل الموحد لا يعد رجوعاً للوراء لأننا في مجتمع ظروفه متغيرة فنحن نحرر باقتصاد حر في ظل اتفاقية الجات ولابد أن نتماشي مع هذه السياسات. الخدمات الغائبة ومن جانبه يؤكد عبدالرحمن خير رئيس نقابة العاملين بالإنتاج الحربي وعضو الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يقول لقد تفرق دم المعاقين بين القبائل مشيراً إلي أنهم يمثلون حالياً نحو 10% من الشعب المصري ويصف ذلك بأنه يمثل محنة عامة يجب أن تجد الاهتمام من الجميع ونحن في الإنتاج الحربي نقدم خدمات للمعاقين غير موجودة في نقابات أخري كما توجد العديد من الجمعيات الأهلية التي تعمل في هذا المجال ولكنها في رأيي هي غير فاعلة علي الاطلاق لأن إمكاناتها محدودة وإذا انقطعت عنها المنح فعملها سيتوقف لذلك المجتمع الأهلي عندنا يمر بنوع من الإعاقة هو أيضاً وبالتحديد في قضية التشغيل. ويشير إلي أن تشغيل المعاقين لا يتعارض مع آليات السوق فبالرغم من وجود الرأسمالية في دول كثيرة من العالم وهيمنة القطاع الخاص فيها إلا أن قضية تشغيل المعاقين لم تتأثر علي نفس النحو الذي ظهر في مصر وقال إن ذلك يرجع إلي التخلف الفكري والتراث المتراكم لدينا وذلك علي عكس ما يحدث في الخارج. وفيما يتعلق بدور النقابات في مواجهة التراجع الموجود في قضية تشغيل المعاقين يؤكد عبدالرحمن خير أن النقابات ليست طرفاً في المسألة فإذا كان الأسوياء أنفسهم لا يجدون فرص عمل فما بالنا بالمعاقين وبالتالي لا تستطيع النقابة أن تلزم صاحب العمل بتشغيل المعاق فربما لا توجد المهنة المناسبة عنده كما أن هناك اتحاداً عاماً لرعاية المعاقين عليه أن يتولي هذه القضية.