ليتهم كانوا معنا في أثينا.. عاصمة بلاد الإغريق الساحرة. ومن أقصدهم بهذا التمني.. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، ومحمود محيي الدين وزير الاستثمار، وفايزة أبوالنجا وزير التعاون الدولي.. وزياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار.. وكل من تدخل في صلاحياته مسئولية تعزيز الاستثمار في مصر المحروسة، وخلق علاقات "صحية" بين اقتصادنا والاقتصادات الأخري، قائمة علي المنفعة المتبادلة، وخالية من الاملاءات والشروط الامبراطورية. أما المناسبة.. فهي مؤتمر عربي يوناني عن "مناخ الاستثمار ودور وسائل الإعلام في العالم العربي"، تم عقده يومي 6 و7 ديسمبر الحالي بالعاصمة اليونانية، وأشرفت علي تنظيمه ثلاث جهات: * معهد القيادة اليوناني Hellinic Leadership Institute، الذي أسسه عام 2001 أنطوني ليفانيوس، وهو شاب لامع الذكاء وموهوب ومثقف وأتوقع له مستقبلاً سياسياً مرموقاً في القريب العاجل، ومعهده بمثابة جمعية بحثية غير حكومية معنية أساساً بالبحوث المتخصصة في الرأي العام واستراتيجيات الاتصال. * ومؤسسة تعاون بلدان حوض البحر المتوسط، وهي مؤسسة غير هادفة للربح، تأسست عام ،1995 ولها نشاطات دولية عديدة، لكن تركيزها الأساسي ينصب علي الإسهام في تطوير التعاون بين بلدان البحر المتوسط وبلدان جنوب شرق أوروبا ودول البحر الأسود. * وجمعية التنمية الإنسانية والثقافية الأوروبية (H.E.D.A) التي أسستها عام 2002 انستاسيا ميلوبولو، وهي سيدة رائعة لا تكف عن المفاخرة بأنها "اسكندرانية" المولد والهوي، ومشاعرها المحبة لمصر ليست مجرد كلمات وإنما هي مشفوعة بأعمال كثيرة منها مساهمات قيمة في مكتبة الإسكندرية، ودير سانت كاترين بسيناء، ومساعدة أطفال الشوارع المصريين. هؤلاء "الفرسان الثلاثة" تعاونوا في تنظيم المؤتمر، وضمنوا له النجاح بجدية الإعداد والتحضير وحسن اختيار المتحدثين والمشاركين. افتتح المؤتمر وزير التنمية السياحية، ديميتريس افراموبولوس، بكلمة مهمة أكد فيها أن زيارة رئيس اليونان كرامنليس إلي مصر منذ بضعة أسابيع لم تكن مجرد زيارة عادية أو بروتوكولية، وإنما هي تدشين لمرحلة جديدة في العلاقات العربية اليونانية. وان الحكومة الحالية عازمة علي إحياء أفكار وسياسات مؤسسي الحزب الحاكم قسطنطين كارامنليس الذي أرسي عام 1974 دعائم خط سياسي يوناني واضح المعالم فيما يتعلق بالعالم العربي. وأنه بعد سنوات من تركيز السياسة الخارجية اليونانية علي بلاد البلقان والروابط الأوروبية آن الأوان لإعطاء اهتمام أكبر جنوباً صوب الضفة الأخري من البحر الأبيض المتوسط إلي العالم العربي، وفي القلب منه.. مصر بطبيعة الحال. ورغم ان كلمة الوزير اليوناني لم تكن إنشائية أو تقليدية، فإنني توقعت أن ينصرف معظم الحاضرين كالعادة في مثل هذه المؤتمرات بعد انصراف الوزير بمجرد إلقاء خطابه الافتتاحي. لكن خاب ظني.. فقد بقي الجميع في مقاعدهم، وبدأ نقاش جاد ومحترم ورفيع المستوي حول مسألتين أساسيتين: مناخ الاستثمار في العالم العربي (وبخاصة مصر) ودور الإعلام بهذا الصدد. عن المسألة الأولي تحدث الدكتور صالح جاد أحد قيادات شركة إنشاءات عالمية، عابرة للقارات، وقدم ورقة قيمة عن أوضاع العالم العربي، واستنتج منها أن فرص التجارة في جميع قطاعات الاقتصاد، بما فيها الخدمات، مفتوحة علي مصراعيها أمام الشركات والهيئات اليونانية. وأعرب عن اعتقاده بأن اليونان لديها من الخبرة والمؤهلات ما يجعلها تتأهب لزيادة حصتها من أنشطة البيزنس في العالم العربي. لكنه لفت النظر إلي ست ملاحظات: 1 هناك نقص فادح في تبادل المعلومات من جانب الطرفين، العرب واليونانيين فيما يتعلق بفرص الاستثمار هنا وهناك. كما لاتزال المعلومات من خلال الوكالات الحكومية المتخصصة والمنظمات غير الحكومية المعنية والسفارات والقنصليات ومنظمات القطاع الخاص ضعيفة وغير كافية. 2 كما ان تبادل الوفود الاقتصادية ووفود رجال الأعمال تحتاج إلي مزيد من التشجيع. 3 توفير اتفاقيات ثنائية كثيرة.. لكن التصديق عليها ثم تنفيذها لايزال بطيئاً ويفتقر إلي التطبيق. 4 قوانين الاستثمار في اليونان تحتاج إلي شرح وترويج. 5 التبادل الثقافي يحتاج إلي تعزيز وتطوير. 6 إحدي العقبات التي ظهرت في السنوات الأخيرة هي الاجراءات التي تقلص وتمنع انتقال الناس والموارد البشرية. فقد أصبحت اجراءات الحصول علي تأشيرة دخول للزوار، والسياح، مشكلة كبري تعوق هذه النشاطات الاقتصادية في اليونان، بينما اجراءات منح التأشيرات للمواطنين اليونانيين أكثر مرونة في معظم البلدان العربية.