تسني لي منذ أيام قليلة ان اشهد ملامح التجربة التونسية في التغيير والاصلاح والتحديث عندما دُعيت لحضور فاعليات ذكري السابع من نوفمبر 87 تاريخ تولي الرئيس بن علي مقاليد الحكم في تونس.. الطفرة حدثت خلال السبعة عشر عاماً. لقد آتت تجربة الاصلاح أكلها بفضل مقاربة تنموية شاملة امتزجت فيها الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. التجربة اندفعت نحو تحقيق مشروع المجتمع الحديث الذي يجمع بين النهوض بالحاضر وضمان المستقبل ومواكبة القرن الحادي والعشرين ولقد اكدت التجربة امكانية بلورة نموذج تنموي ناجح يعكس الهوية الوطنية الي جانب الحرص علي استيعاب الحداثة والتطوير في العالم اليوم. المعرفة والتنمية علي هامش الاحتفال عقدت الندوة الدولية السادسة عشرة التي نظمها الحزب الحاكم -حزب التجمع الدستوري الديمقراطي- تحت عنوان "المعرفة والتنمية في العالم" حيث طرحت موضوعات تتعلق بالتنمية ومنها الاستثمار وتنمية القدرات البشرية والفجوة الرقمية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسبيل لتضامن معرفي يدعم الاستقرار الدولي. تنشط تونس في تعميق التواصل بين الدول في مجال مجتمع المعلومات ولهذا بادرت سنة 1998 بالدعوة الي تنظيم قمة عالمية نحو مجتمع المعلومات للحد من آثار الفجوة الرقمية التي تهدد بالفصل بين عالم متقدم وعالم فقير ولبحث السبل الكفيلة باستثمار تكنولوجيا الاتصال ولقد تم الاخذ بهذا الاقتراح وجري تنظيم هذه القمة تحت اشراف الاممالمتحدة علي مرحلتين.. الأولي استضافتها سويسرا العام الماضي والثانية ستعد تونس لاستضافتها خلال العام القادم، والتي ستتطرق الي مسألة تمويل سد الفجوة الرقمية في محاولة لإرساء التضامن لتوحيد الجهود الدولية الهادفة الي القضاء علي الفجوة الرقمية وانعكاساتها السلبية علي مختلف اوجه التنمية وكل هذا يصب في ارساء مجتمع المعلومات ضمانا لاندماج تونس ضمن الخريطة العالمية. مقاومة الفقر لقد دعت تونس ايضا الي التضامن بين الدول لمجابهة أسباب الفقر وانعدام الأمن والاستقرار والقضاء علي التطرف، وجميعها عوائق تستنزف الموارد البشرية والطبيعية والمادية لأية دولة نامية بل وتقف حجر عثرة ضد استثمار المعرفة وكسب التنمية وفي هذا الإطار دعت تونس الي انشاء ما يسمي بالصندوق العالمي لمقاومة الفقر والذي يمكن توظيفه في خدمة التنمية في كل مجالاتها الاقتصادية والسياسية والمعرفية والتكنولوجية. الاستثمار في التعليم تجربة تونس الرائدة انعكست علي التعليم الذي اعتمد علي المجانية وعلي كونه اجباريا وظهر كعامل مهم لابراز الهوية والتعامل مع الآخر بندية. ويكفي القول بان الشباب الجامعي اليوم يمثل ثلث شباب تونس بعد أن كان يمثل 6% منذ عقد ونصف وستقترب النسبة لتصبح 50% سنة 2009 ليبلغ نفس معدل الاتحاد الأوروبي أما الأمية فقد انخفضت لتصبح 17% وانحصرت في كبار السن. الخيار الأورومتوسطي ركزت التجربة التونسية علي التحولات العميقة التي تلازم ظهورها مع ظاهرة العولمة وما أفرزته من ثورات تكنولوجية ومعرفية غير مسبوقة أدت إلي ظهور مفاهيم جديدة وتكتلات دولية الأمر الذي أثر علي التوازنات الجيواستراتيجية عالميا واقليميا فلقد تأثرت تونس بهذه التحولات وانعكس هذا في الخيارات التي تبنتها ومنها الخيار المتوسطي والأورومتوسطي والذي كان بمثابة المحور الرئيسي في توجهات سياستها ومن ثم نادت بالتواصل بين الجنوب والشمال وبالحوار المعروف ب5+5 والذي احتضنت قمته في ديسمبر الماضي ويحسب لتونس أنها كانت أول دولة في جنوب المتوسط يبرم معها الاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة سنة 1995. وما من شك في أن هذا التجمع يتيح لها فرصا جديدة للتعاون والتبادل الاقتصادي والثقافي. برنامج اقتصاد طموح التجربة التونسية كانت فاعلة تضمنت برنامجا يتسم بالطموح والواقعية حيث بلغت نسبة النمو اكثر من 5% مع رفع الأجور والتي تمثل الآن ثلث معدل الاجور في اوروبا ولكنها تشكل ثلاثة اضعاف الاجور المتداولة في دول اخري ولقد راعت التجربة الارتقاء بالمواطن التونسي من خلال زيادة الدخل الفردي وتحسين انتاجية اليد العاملة ونوعية الاستثمار اما نسبة العجز في الميزانية فتقلصت الي 1% بعد ان كانت 10% ويكفي ان نسبة الفقر وصلت الي 4% وهو رقم رائع وما من شك في ان الطبقة الوسطي قد استفادت من معدلات النمو وحظيت بمكاسب عندما مدت الجسور للمواطن وغدا 80% من التونسيين يملكون منازلهم. المرأة والشراكة مع الرجل مع التجربة التونسية لم تعد هناك فجوة بين المرأة والرجل، فلقد تهيأ للمرأة الحضور الفعلي في كل المجالات فمشاركتها البرلمانية تشكل 25% بعد ان كانت 10% سنة 99 وثلث مرشحي الحزب الحاكم من النساء، 27% من القضاة نساء، ومدرسات الجامعة تمثل نسبتهن 40% كما ان هناك المرأة التي تعمل محافظا والتي تعمل في النيابة العامة ويكفي ان الدستور التونسي لا يمنع مطلقا من