منذ أن تم التشكيل الوزاري الأخير حاملاً مسئوليات جساماً وآمالاً إصلاحية كبيرة الجوانب عديدة في حياتنا، بات من المؤكد اهتمام الوزارة بتهيئة مناخ الاستثمار بصورة جدية وليس بالشعارات، وقد بدا للجميع أن مناخ الاستثمار خلال السنوات القليلة الماضية كان مناخاً طارداً وليس جاذباً حيث شهدت ساحة الاستثمار انحساراً ملموساً للاستثمارات العربية والأجنبية بل والمصرية أيضاً، وجاءت الحكومة الجديدة وأبرزت في صدر برنامجها تعهداً بالعمل علي تهيئة المناخ بصورة فاعلة وبدأ المسئولون عن الاستثمار في الإدلاء بتصريحات سريعة ومتتالية، كلها تحمل آمالاً ووعوداً وتغييرات في تشكيلات العمل للجهات المختلفة المرتبطة بالاستثمار، وتبشير بآفاق واسعة لتهيئة هذا المناخ. لكني أري أن هذه التصريحات كانت تمثل رد فعل في محاولة لتحسين صورة الاستثمار دون التعرف علي مشكلات المستثمرين من خلال مناقشتهم والاستماع إلي آرائهم وحل مشكلاتهم الكبيرة مع إدارات ووزارات ومحافظات كثيرة، وهي أمور لابد منها لإعطاء المستثمر دفعة نحو الاستمرار في المشروعات بل والتوسع فيها، إن إقناع المستثمر بأن المناخ أصبح مهيأ لا يمكن أن يتم بهذه السرعة في غضون شهور قليلة ولكن المستثمر يجب أن يشعر بنفسه بأن المناخ قد تهيأ والظروف قد تغيرت بالفعل وليس من خلال التصريحات لأن المستثمر يعي جيداً أن إصلاح الخلل الموجود في الإدارات المشرفة علي الاستثمار والقضاء علي البيروقراطية لا يمكن أن يتم في غضون ثلاثة أشهر. لذلك فإنني أري أن المسئولين عن الاستثمار يجب أن يعملوا في صمت وسوف يشعر المستثمر بالقطع من خلال احتكاكه بالإدارات المعنية، بالتحسن في تسيير الأمور دون أن يبذل المسئولون عن الاستثمار هذا الجهد الخارق لإقناعه وسوف يقوم المستثمر من نفسه في هذه الحالة بتعميم هذا الانطباع لدي مجتمع الاستثمار. والمطلوب هو تحليل دقيق لمشكلات الاستثمار والقوانين التي تحكمه والإجراءات الخاصة بتسجيل المشروعات وقد يصل الأمر إلي تحليل ومراجعة شاملة لأساليب معاملة المستثمر العربي والأجنبي منذ أن تخطو أقدامه المطار إلي أن يغادر البلاد، وأن يكون الحل شاملاً وليس جزئياً كما يجب العناية والتدقيق التام في اختيار وتعيين مسئولي وقيادات الاستثمار ويجب أن يراعي في ذلك الخبرة وحسن السمعة، كما أن خلق روح تعاون وتنسيق بين الوزارات المختلفة هو من أهم عوامل نجاح تهيئة المناخ. إنني أري أنه سوف يكون من الأجدي الدعوة إلي مؤتمر عام للاستثمار يعقد في مصر يدعي إليه كل المستثمرين العرب والأجانب والمصريين للمشاركة فيه وإبداء الآراء ومناقشة المشكلات الخاصة بمشروعاتهم وقد يكون من المناسب أيضاً أن يتم الإعلان خلال هذا المؤتمر عن القرارات النهائية غير القابلة للتغيير لسنوات طويلة في شأن معاملة المستثمر من كل الجوانب، ويمكن أن يدخل في هذا الإطار تعديل اساليب التقاضي لسرعة البت في القضايا الخاصة بالاستثمار وأيضاً عرض لخطة الدولة لتحسين شبكات الطرق والمواصلات والخدمات، والتأكيد علي استقرار السياسة الخاصة بالاستثمار والقوانين المعمول بها وأن يتم خلال هذا المؤتمر تأكيد الدولة علي احترام المستثمر واعتباره شخصاً مهماً ومرغوباً فيه. إن الاستثمار هو بالفعل أمل مصر في النهوض والقضاء علي مشكلة البطالة وزيادة معدلات التنمية والارتقاء بالمواطن المصري. * رئيس الجمعية المصرية لتكنولوجيا التسويق ورئيس مجلس الأعمال المصري الروسي