هل من الممكن أن تؤثر نتائج الانتخابات الامريكية علي الملف الاقتصادي المصري الامريكي؟ هل تقف المصالح المصرية مع استمرار الرئيس بوش في منصبه بالبيت الأبيض.. أم أنها ستكون افضل مع الديمقراطيين متمثلا في فوز منافسه جون كيري؟ سؤالان اساسيان توجهنا بهما الي عدد من الخبراء لرصد آفاق العلاقات الاقتصادية مع امريكا ومدي تأثرها بنتائج اللعبة الانتخابية علي الرئاسة الامريكية الملتهبة، خاصة ما يتعلق بقضيتين رئيسيتين هما المعونة ومفاوضات التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة التي قامت ادارة بوش بتوقيع اتفاق للتجارة الحرة مع كل من المغرب والبحرين.. في حين مازالت مصر تنتظر بدء التفاوض وليس التوقيع!؟ من جانبه يتوقع الدكتور رابح رتيب استاذ المالية العامة بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشوري ان بوش في حالة فوزه وبقائه في البيت الابيض سيكون الاكثر فائدة لمصر والعرب عن منافسه كيري الذي لا نعلم أي شيء عن سياسته في حين ان سياسات وأهداف بوش تجاه العرب معروفة.. اما فيما يتعلق بمستقبل المعونات الامريكية لمصر فيري الدكتور رتيب أن لمصر تقديراً كبيراً في الكونجرس الامريكي خاصة بعد فشل المؤامرة التي دبرت علي يد النائب الديمقراطي توم لانتوس الذي تقدم بمشروع لتقليص المعونات الامريكية لمصر لكن الكونجرس رفض ذلك المشروع في استفتاء ناجح علي العلاقات المصرية الامريكية باغلبية 287 نائبا مقابل 131 نائبا مع امتناع 15 عن التصويت.. ويؤكد الدكتور رابح رتيب ان المعونات التي تقدمها امريكا الي مصر مفيدة للطرفين فأمريكا لا تدفع كل هذه المبالغ في الهواء لكن لاهداف سياسية غير معلنة.. كما تعتبر هذه المعونات في نفس الوقت مفيدة للشعب المصري حيث ان قدرا كبيرا من اقتصاد مصر يعتمد علي هذه المعونات الامريكية. وفي نفس الوقت لا يمثل الاستغناء امرا صعبا ومن الممكن ان يتم في حالتين أولادهما اذا استخدمت مصر الموارد الطبيعية التي تمتلكها الاستخدام الامثل وزادت مصر من فاعلية برامج التنمية الاقتصادية.. والحالة الثانية اذا استخدمت هذه المعونات كوسيلة للضغط علي سياسة مصر الداخلية أو الخارجية. أما الدكتور محمد رضا العدل استاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس فيؤكد ان مصر نفسها هي التي ستحدد من يفيدها من خلال مواقف كل مرشح مشيرا الي انه من الواضح ان بوش يسلك سياسة عدوانية ضد الشرق الأوسط وبالتالي من الممكن ان يكون المرشح الامريكي جون كيري اكثر فائدة لمصر.. ويحذر الدكتور محمد رضا من ان مستقبل المعونات الامريكية مظلم ولا يمكن توقعه كما يؤكد في نفس الوقت انه اذا تم قطع هذه المعونات عن مصر فلن يترتب علي ذلك سوي بعض الاضرابات في النظام الاقتصادي المصري التي يمكن معالجتها ولكنها لن تؤدي الي ان يموت المواطن المصري. ويشير الي ان المعونات الامريكية مفيدة للطرفين حيث تعلم امريكا جيدا ان مصر دولة محورية في المنطقة وتأخذ في مقابل المعونات التي تقدمها الحفاظ علي مصالحها بالمنطقة خاصة ما يتعلق باستقرارها. ويوضح الدكتور شريف دلاور الاستاذ بالاكاديمية البحرية وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني أن مبادئ العلاقة بين مصر وامريكا قد تحددت عقب معاهدة السلام بين مصر واسرائيل والتي نتجت عنها مجموعة من الاتفاقات لمساعدة مصر خاصة عن طريق المعونات الاقتصادية العسكرية وبالتالي فلن يؤثر تغيير الرؤساء الامريكيين علي مستقبل المعونات أو العلاقات سواء أكان الرئيس القادم بوش أم كيري. ويضيف الدكتور شريف أن المعونات الامريكية لن تتوقف ولكن سيتم تخفيضها سنويا بنسبة متفق عليها بناء علي اتفاق بين الكونجرس والحكومة المصرية وليس بين الرؤساء.. ويؤكد ان هذه العلاقات مفيدة للطرفين فلا احد ينكر مدي الاستفادة من المعونة العسكرية في تحديث الجيش المصري والمشروعات التي اقيمت خلال 25 عاما من خلال المعونة الاقتصادية وتستفيد امريكا من هذه المعونات لتضمن تواجدها بالمنطقة من خلال الخبراء والقائمين علي تنفيذ تلك المشروعات.. ويوضح ان الاستغناء عن المعونة الامريكية ليس اجراء صحيحا لأن هناك اتجاها بين البلدين لاستبدال فكرة المعونات الي المشاركة في التجارة العالمية وتعمل مصر علي توقيع اتفاقية للتجارة الحرة من أجل تسهيل دخول الصادرات المصرية الي الاسواق الامريكية. ويضيف الدكتور خالد محمد القاضي استاذ القانون الدولي أنه يجب التفرقة بين العلاقات السياسية والقانونية فاذا كانت العلاقات السياسية تربطها المصلحة الدولية فإن العلاقات القانونية تحكمها اتفاقات دولية سواء ثنائية أو اقليمية وبناء علي ذلك نجد ان هناك مصالح مصرية امريكية متبادلة تقوم علي عدة أسس وترتكز علي موقف مصر في المنطقة وما تتمتع به من مصداقية وثقة وتمسكها بالسلام حتي الآن ولا يؤثر في ذلك الحوادث الفردية سواء هنا أو هناك، كما ان قوة مصر السياسية تؤهلها لأن يكون لها وزن اقتصادي وخصوصا في ظل الحكومة الجديدة لايجاد حلول غير تقليدية للمشكلات التي تعاني منها وتطوير العلاقات الاقتصادية مع الولاياتالمتحدة علي اساس شراكة وندية في المصالح.