يبدو ان التمييز ضد النساء والتحرش الجنسي بهن اثناء العمل قد صار وباء امريكيا وبريطانيا يستلزم علاجه التدخل المكثف من جانب منظمات المجتمع المدني والدولة والسلطة القضائية في آن واحد وتقول ارقام مجلة "بيزنس ويك" ان عدد القضايا المرفوعة امام المحاكم العمالية في بريطانيا وحدها في العام المنتهي 30 ابريل 2004 بلغ 14284 قضية اما عدد القضايا المرفوعة امام المحاكم الامريكية خلال نفس الفترة في شأن التمييز ضد المرأة والتحرش الجنسي بها اثناء العمل فقد بلغ 24362 قضية. واشهر القضايا في بريطانيا الان هي قضية السيدة ستيفاني فيللالبا "42 سنة" التي تقاضي ميريل لينش اوروبا بدعوي التمييز ضدها في الاجر والترقية وفصلها تعسفيا في يوليو 2003، وكان بنك ميريل لينش قد دفع في يوليو الماضي نحو 900 الف دولار لسيدة اخري هي المحامية اليزابيث ويستون بعد ان علق احد مديري البنك علي صدرها وتعرض لحياتها الجنسية بألفاظ جارحة في احدي الحفلات الرسمية وتنازلت السيدة المقابل عن مقاضاة هذا المدير.. وليس محتما ان كل سيدة تشتكي من التمييز تكون علي حق، فرجال ميريل لينش يقولون ان السيدة فيللالبا تدعي غير الحقيقة رغم انها تطلب تعويضا يبلغ 13.5 مليون دولار ويؤكدون ان سيدة اخري قد حلت محلها في منصبها وعملها وانها تديره بنجاح وكفاءة افضل وان فصل فيللالبا قد تم لعدم كفاءتها في العمل وليس اكثر من ذلك. ويقول اصحاب احدي شركات المحاماة الشهيرة في بريطانيا ان التمييز ضد المرأة يمارس في البلاد علي نطاق واسع وانه في مقابل كل قضية مرفوعة توجد مئات من النساء يعانين من هذا التمييز دون ان تسمح لهن الظروف برفع قضايا تعويض وقد اصدر الاتحاد الاوروبي قانونا جديدا سيبدأ سريانه في اكتوبر عام 2005 يعتبر التحرش الجنسي نوعا من التمييز ضد المرأة في مكان العمل ويدعو الي تدخل الاجهزة الادارية والقضائية للقضاء علي هذا التمييز.. وتجدر الاشارة الي ان الاتحاد الاوروبي كان قد قرر منذ عام 1997 نقل عبء اثبات واقعة التمييز ضد المرأة من علي كاهل الضحية ليقع علي كاهل اصحاب الاعمال نفي حدوث مثل هذا التمييز وبدأ سريان هذا القرار بالفعل منذ عام 2001. وتذكر ارقام مجلة "بيزنس ويك" الامريكية ان السيدات العاملات في البنوك وشركات التأمين والوسيطات والمحللات هن اكثر فئات النساء رفعا لقضايا التمييز ضد المرأة لان اجورهن تقل بنسبة 13% عن اجور الرجال عن ذات العمل في اوروبا.. وعموما فان اجور النساء العاملات كل الوقت في بريطانيا في الساعة تقل بنسبة 21% عن اجور الرجال.. ويذكر مكتب الاحصاء الاوروبي ان متوسط نقص اجور النساء عن اجور الرجال لذات العمل في الاتحاد الاوروبي يبلغ 16% في الساعة وتقول الارقام ايضا ان متوسط نقص اجر المرأة عن اجر الرجل في ذات العمل يبلغ 13% في فرنسا مقابل 21% في المانيا اما في السويد والنرويج فالنسبة 18% و 17% علي التوالي وتنخفض نسبة التمييز في الاجر الي ادني مستوياتها في ايطاليا حيث لا يزيد الفارق في اجر الرجل علي 6% زيادة علي اجر المرأة في ذات العمل في الساعة. وتواجه نساء اوروبا مشكلة ايضا في عدم اهتمام اصحاب الاعمال بتوفير دور الحضانة لاطفالهن الصغار ولكن هذه علي اية حال مشكلة اخري.. وتذكر "بيزنس ويك" ان رفع قضية تمييز يستلزم ان تثبت المرأة في دعواها انها اصيبت باضرار مهنية او عاطفية.. فمغازلة المرأة بلفظ جنسي او حتي محاولة تقبيلها لا يعد تحرشا جنسيا ما لم تترتب عليه اضرار يمكن اثبات حدوثها.. وبعض الدول الاوروبية مثل المانيا ليس لديها قانون يجرم التحرش الجنسي بالمرأة اثناء العمل وان هذا القانون جار اعداده منذ نحو عشر سنوات دون ان يري النور.. واحيانا تكون تعويضات التحرش الجنسي هزيلة للغاية ففي المانيا رفعت سيدة دعوي ضد رئيسها لانه تحسس صدرها عنوة وكان ذلك عام 1995 فلم تحصل الا علي 616 دولارا كتعويض وفي عام 2000 رفعت سيدة اخري دعوي مماثلة فلم تحصل الا علي 3700 دولار برغم ان ممازحات رئيسها كانت اثقل.. وتعمل شركات اوروبية كثيرة علي تقليل مظاهر التمييز ضد المرأة الي ادني درجة ولكنها لم تنجح في منع هذا التمييز كلية.