واصلت أسعار البترول ارتفاعها في الأسواق العالمية خلال الأيام الماضية حيث سجلت أسعار البترول معدلات قياسية لم تصل إليها من قبل. ومع هذا الارتفاع يتوقع عدد كبير من الخبراء أن يكون لهذا الارتفاع تأثير ايجابي علي شركات البترول والاستثمار في هذا القطاع حيث من المتوقع ان ترتفع أرباح هذه الشركات خلال الفترة القادمة. وفي ظل هذا الارتفاع في أسعار البترول هل تقدم البنوك المصرية علي زيادة استثمارتها في المشروعات البترولية وذلك علي اعتبار انها من المشروعات المنخفضة المخاطر والتي تمتاز بارتفاع عوائدها؟ ام انها تتحفظ علي الاستثمار فيها في الوقت الحالي لان الارتفاع "مؤقت" ولا أحد يضمن استمراره خلال الفترة القادمة. العالم اليوم طرحت هذه الأسئلة علي عدد من قيادات البنوك الذين أكد معظمهم ان فتح استثمارات جديدة في قطاع البترول لا يتوقف فقط علي الأسعار كما يري البعض، ولكنه يتوقف علي توافر عوامل عديدة. بداية يقول طارق حلمي الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية ان الارتفاع الأخير في أسعار البترول لا يعد الدافع أو المحرك الرئيسي لزيادة استثمارات البنوك في قطاع البترول لان أسعار البترول لا تتوقف عند سعر معين بل من الممكن ان تنخفض وترتفع. ويضيف ان استثمارات البنوك في قطاع البترول كبيرة قبل الارتفاع الأخير في الأسعار والبنوك لا يهمها ارتفاع أسعار البترول كثيرا لان قطاع البترول في حد ذاته من القطاعات المنخفضة المخاطر واغلب البنوك تفضل الدخول في هذا القطاع و"ABC" مصر لديه استثمارات ضخمة في هذا القطاع بالاشتراك مع بعض البنوك الأخري خاصة في مشروعات الغاز. ويؤكد حلمي ان قطاع البترول قطاع حيوي ولا يوجد أي تعثر فيه لان البترول سلعة مطلوبة وتمتاز بالندرة وتمتاز المشروعات البترولية بوفرة السيولة وارتفاع التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية. ويضيف ان قطاع البترول من القطاعات الغنية وفي نفس الوقت تحتاج إلي بنوك كبيرة لكي تمولها وبعض شركات البترول العالمية تحصل علي تمويلها من بنوك خارجية وليس من بنوك مصرية. ومن جانبه يؤكد يحيي نور مدير عام بنك الشركة المصرفية العربية الدولية ان أسعار البترول ليس لها أي علاقة بتمويل البنوك لهذا القطاع لان الأسعار تتحدد وفقا للبورصات العالمية وهي ليست مستقرة عند حدود معينة والبنوك لا تمول أي استثمارات وفقا للدراسات التي تقوم بها. ويضيف ان البنوك لديها استثمارات ضخمة بالفعل في هذا القطاع منذ فترة. ويؤكد نور ان البنوك تفضل الدخول في العديد من المشروعات المتعلقة بقطاع البترول وتبعد عن المشروعات الخاصة بالتنقيب لان المخاطر فيها عالية وغير مضمونة والشركات العالمية تعتمد علي نفسها في هذه المشروعات ولا تستعين بتمويلات من البنوك الا في اضيق الحدود. ويشير يحيي نور إلي ان الاستثمار في قطاع البترول يحتاج إلي تمويلات طويلة الأجل ولابد للبنوك التي تستثمر في هذا القطاع ان يكون لديها فائض من العملات الأجنبية لان هذه المشروعات تمويلها في الغالب يكون بالدولار وليس بالجنيه. ويقول سمير جاد مساعد مدير عام بنك المهندس ان ثبات الأسعار عند حدودها الحالية أمر صعب ومن المرجح ان تتراجع خلال الفترة القادمة والسعر الحالي سعر غير حقيقي والبنوك لا يمكن ان تبني سياستها التمويلية علي أسعار غير مستقرة. ويضيف ان استمرار الأسعار حول هذه المعدلات يمكن ان يكون أحد عوامل زيادة استثمارات البنوك في هذا القطاع ولكنه لا يمكن ان يكون العامل الأساسي ويؤكد جاد ان استثمارات البنوك في هذا القطاع كبيرة وتم مؤخرا توقيع اتفاقيات بين عدد من البنوك للدخول في أحد مشروعات الغاز. ويضيف ان البنوك تبتعد عن المشروعات البترولية المتعلقة بالاكتشافات لانها مخاطرة كبيرة والبنوك تفضل الابتعاد عنها. ويشير جاد إلي أن البنوك الصغيرة لا يمكن ان تدخل في هذه المشروعات لان أغلب هذه البنوك ليس لديها السيولة الدولارية التي تمكنها من هذا. علما بأن المشروعات البترولية لم تتعثر في السابق والبنوك لا تستثمر أموالها في هذه القطاعات منذ فترة وهذه الاستثمارات زادت خلال الفترة الأخيرة خاصة في مشروعات الغاز. وتوقع جاد ان تتراجع هذه الأسعار خلال الفترة القادمة. وتقول وفاء عبدالله مدير الائتمان ببنك الاستثمار العربي ان قطاع البترول من القطاعات الواعدة والتي لا تتردد البنوك في الدخول فيها حتي لو كانت أسعار البترول منخفضة. وقد توسعت البنوك بشكل كبير في الاستثمار في هذا القطاع مؤخرا خاصة في مد خطوط الغاز بين مصر والأردن. وأشارت إلي أن زيادة الأسعار ليست المقياس التي تبني عليه البنوك تمويلتها لأي قطاع. ويقول عمر بركات مساعد مدير عام البنك المصري التجاري ان صناعة البترول تلقي اهتماما من قبل البنوك قبل الارتفاع الأخير واغلب البنوك تهتم بالدخول في هذا القطاع لان مخاطره منخفضة وارباحه مضمونة. ويضيف ان مشروعات البتروكيماويات من أهم المشروعات التي توسعت فيها البنوك مؤخرا لان الطلب عليها كبير وفي نفس الوقت قطاع البترول يعد من القطاعات الجاذبة للبنوك ولا يتردد أي بنك في الدخول فيها لانها تحقق عائدا مضمونا. ويشير بركات إلي مشروعات الغاز التي توسعت فيها البنوك بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وهذا يتضح من الاتفاقيات التي تم توقيعها بين بعض الشركات وعدد من البنوك. ويؤكد بركات ان البنوك يجب ان تتوسع في قطاع الغاز خلال الفترة القادمة لان الطلب العالمي عليه كبير خاصة من الدول المجاورة. ويشير إلي ان اعمال الحفر والتنقيب لا تستهوي البنوك لان مخاطرها عالية.