في أجواء السياسة الأمريكية، أعلي من صوت معركة انتخابات الرئاسة، فرقعات الحرب ضد الإرهاب.. ليس فقط انذارات توم ريدج وزير الأمن الداخلي التي يكربج بها أعصاب الشعب الأمريكي بمنطقة انه يسوقه سوقا إلي اختيار تذكرة المنقذ من الهلاك بوش الصغير.. نهار الانتخاب.. وانما الجانب الكوميدي من حرب طواحين الإرهاب، والتي تشبه في سخافتها مسرحية من نوع "الفارس" تزعزع بمشاهدها بطون المشاهدين فتضحكهم.. حتي البكاء! شهد مجلس الشيوخ بالكونجرس مسرحية من هذا النوع صباح الخميس الماضي.. جلسة خاصة للجنة التشريعية بالمجلس تناقش المشكلات المعقدة الأليمة التي يواجهها المواطن الأمريكي العادي عندما يسجل اسمه بطريق الخطأ في كشوف الإرهابيين الممنوعين من السفر.. ويجد نفسه حبيس أحد المطارات الأمريكية لا يملك ذهابا ولا ايابا! فتحت الجلسة.. مفاجأة مذهلة.. أول من تقدم لسماع شهادته السناتور الديمقراطي الشهير ادوارد كنيدي، شقيق الرئيس الراحل جون كنيدي، وعضو مجلس الشيوخ منذ 42 عاما.. وسط ذهول الحضور قدم السناتور حالة صارخة من الاتهام الكاذب بالإرهاب وعذاب المنع من السفر.. هو بطلها وضحيتها!! كشف السناتور بكلماته أركان الفضيحة.. في الفترة بين أول مارس و6 ابريل الماضيين، اعترض وكلاء شركات الطيران الأمريكية علي سفره، في خمس وقائع متتالية، بدعوي تطابق اسمه ادوارد كنيدي مع اسم أحد الإرهابيين الممنوعين من السفر جوا علي أراضي الولايات المتحدة! بدلا من ان يعترف وكلاء الطيران بوجهه الصخري الشهير وشعره الفضي وهيئته التي طالما ظهر بها علي شبكات التليفزيون عبر السنين.. اعترفوا فقط بحجية الاسم المستعار "alias" الوارد في كشوف الممنوعين من السفر.. وهو مجرد "خطأ مادي" لا يخيل علي مخبر مصري ساذج ببالطو أصفر وخيرزانة وصحيفة يقرؤها.. بالمقلوب! ويواصل كنيدي روايته المغرقة في العدمية واللا معقول: قلت لموظف شركة الطيران: "إذاً أعطني تذكرة إلي بوسطن".. أجابني متجهما: "لا أستطيع" عاجلته: "لماذا؟".. جاءت اجابته أكثر غباء: "ما اقدرش اقول لك".. عاودته: "سوف أعود إلي واشنطن..".. أجابني تبرما: "لن اسمح لك بركوب الطائرة"! يقول السناتور كنيدي وهو من هو: "وجدت نفسي مقطوعا بلا رفيق.. ولا قدرة علي الذهاب أو الاياب"! وانفجر الحضور بغرفة الاستماع في موجة ضحك هيستيري وكأنهم في "قعدة حشيش"! الحكومة.. وردودها الغبية! في كل وقائع اسفاره الممنوعة، لجأ السناتور كنيدي إلي كبار المشرفين علي شركات الطيران بالمطار، صححوا الموقف وسمحوا له بالسفر. لكن المئات غيره وقعوا في هذا الشرك الغبي.. وبادر اتحاد الحريات المدنية الأمريكي برفع دعاوي بأسمائهم ضد الحكومة الأمريكية في ابريل الماضي.. ومازالت الدعاوي منظورة!. توم ريدج وزير الأمن الداخلي صاحب الأنياب الجارحة، اتصل بالسناتور كنيدي في أعقاب مجريات ما جري، ليعتذر ويعد بحل مشكلات قوائم الممنوعين من السفر.. ورغم ذلك تم اعتراض الإرهابي ادوارد كنيدي مرة أخري، لورود اسمه بالحرف في قائمة الممنوعين من السفر بأحد المطارات الأمريكية النائمة في العسل! وفي شهادته أمام اللجنة تساءل السناتور متوجعا عن مدي قدرة المواطن الأمريكي العادي علي اختراق بيروقراطية السفر المعقدة "tangied bureaucracy" دون عدوان علي حقه الإنساني الأصيل في حرية الانتقال؟! وفي مداخلته علي رواية ادوارد كنيدي الأليمة، وعد هشتينون وكيل وزارة الأمن الداخلي لشئون أمن الحدود بتدقيق كشوف الممنوعين من السفر وتنقيتها.. لكنه اعترف بأن ذلك وحده لا يكفي لتحسين نظام أمن السفر ككل! ويري أنصار التشدد في فرض القيود الأمنية علي السفر ان النظام الحالي رغم تشدده الأعمي! غير كاف.. لأن الحكومة لا توفر لشركات الطيران السجلات الكاملة للممنوعين من السفر.. لان بعض الأسماء سرية ولا يجوز الكشف عنها من الناحية الأمنية! وتعترف آمي كودوا المتحدثة باسم شركات الطيران الأمريكية بأن السناتور ادوارد كنيدي من قدامي المسافرين المستعملين لطائراتها.. لكنها تجنبت التعليق علي وقائع منعه من السفر، بدعوي ملاحقته بتهمة الإرهاب! وحتي الآن لا يعرف محامو اتحاد الحريات المدنية الأمريكي عدد المسجلين علي قوائم المنع من السفر بطريق الخطأ.. لكنهم يقولون ان ردود الفعل الغبية للحكومة وشركات الطيران، علي جهود السناتور كنيدي لتبرئة اسمه من تهمة الإرهاب، تعكس الصورة المنافية للعقل "absurdity" التي يبدو بها نظام المنع من الطيران! اخفاقات جسيمة.. تتلاحق! بعيداً عن الكوميديا العدمية لحرب الإرهاب، يتدافع تيار انتخابات الرئاسة الأمريكية تدافع الماء في نهر البوتوماك الجاري علي أجناب واشنطن العاصمة.. بعد اللمعان النسبي الذي حققه المرشح الديمقراطي جون كيري في أعقاب المؤتمر العام للحزب في بوسطن أوائل أغسطس.. جاء الدور عليه ليخبو مفسحا مرايا البريق لبوش الصغير عندما يشهد عرس ترشيحه في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي يعقد في نيويورك الاثنين المقبل.. وربما امتد بريق بوش غلابا بامتداد شهر سبتمبر، خاصة انه المرشح للرئاسة وهو في المنصب "incumbent"! والمرشح وهو في المنصب يمتلك القدرة علي صنع الأحداث والسير في مقدمتها.. وهو يفعل ذلك في أي وقت، ويقفز داخل برواز الصورة.. في أعقاب اعصار تشارلي الذي عربد في سماوات ولاية فلوريدا، كان بوش هناك يتفقد الحطام ويواسي المحطومين، بينما كان كيري نعسانا خارج الملعب! سكوت ريد مدير حملة المرشح الجمهوري بوب دول ضد الرئيس بيل كلينتون سنة ،1997 يحلل مزايا المرشح صاحب المنصب: "انه يمتلك القدرة علي املاء أجندة السباق.. وقد امتلك بوش ناحية القضايا محل النقاش الراهن، وترك لكيري ونائبه ادواردز مجرد ردود الأفعال علي مسار الأخبار"! لكن الديموقراطيين يراهنون علي مساوئ وجود مرشح الرئاسة في السلطة.. يقولون: انه قد يحصل علي فرصة أفضل في التغطية الاخبارية.. لكنه لا يستطيع أن يتجنب مساوئ الاحداث السلبية التي تلاحقه.. وهي بالنسبة لبوش طوفان: الفشل العسكري والسياسي في العراق. تدهور الاقتصاد. جنون أسعار البترول.. وعزوف بوش عن استغلال مخزونه الاستراتيجي لضبط هذا الجموح.. إلي غيره! وكما يقول الخبير الاستراتيجي ديفيد اكسيلرود: "انك لا تستطيع ان تتمتع بالمزايا الانتخابية للوجود في المنصب، وبين يديك اخفاقات جسيمة تتلاحق"! وحتي الآن لم يمنح المنصب بوش أية مزايا ملحوظة.. مازال في قياسات الرأي العام يحوم حول 50% هبوطا يسيرا وصعودا.. وهي المنطقة الخطرة التي لم ينجح فيها رئيس أمريكي من قبل في انتخابات التجديد لفترة ثانية!