لعلها من أجمل المدن علي بحر إيجة.. وربما الأكثر سحرا علي شاطئ إيجة البحر الذي يكمل مقدمة البحر المتوسط في شماله الشرقي. والحقيقة أن مدينة ?قولة? أو كفالا باليونانية تبهر كل زائريها ويعشقها أهلها بالطبع. زيارتي لها لم تتجاوز بضع ساعات لكنها لا تنسي مدي الحياة، فالمدينة شهدت مولد القائد الفاتح العظيم وباني نهضة مصر الحديثة والي مصر محمد علي باشا.. فالمعروف أن محمد علي ولد في مدينة قولة اليونانية لأب ألباني كان تاجرا للتبغ وأم يونانية هي زينب خاتوم وهي أسماء إسلامية.. وهذه المعلومات عرفناها من الخبير الأثري كونستانتيوس توماديكس أو قسطنطنيوس الباحث لدي معهد محمد علي لأبحاث الشرق وهو يشرف علي متحف منزل محمد علي في قولة والذي يلحق به مطعما صغيرا، ويقول قسطنطينوس: إن محمد علي أقام من الأموال التي أرسلها لمسقط رأسه مدينة كقالا مدرسة للمسنين والفقراء وقد لجأ إليها الفقراء واللاجئون بعد عام 1922 بعد الحرب العالمية الأولي وفيه هذا المبني الذي أطلق عليه ?إمارات? تقدم للفقراء الملجأ والطعام وعمل به الناس لكنه أصبح اليوم فندقا مؤجرا من الحكومة المصرية لسيدة يونانية لفترة تصل لنحو مائة عام وذلك بسبب ما تم إنفاقه علي أعمال الترميم والتجريد للمكان وحتي يستعيد التكلفة والربح، ونزلاء الفندق يدفعون أموالا طائلة لقضاء مجرد ليلة واحدة لأن المكان أثري عظيم وفي مدخل الفندق أبيات شعرية عربية وصورة لوالي مصر محمد علي وكذلك العلم المصري، وعلي مقربة من ?إمارات? المسافة بسيطة يؤجر منزل محمد علي وقيل إن محمد علي مر بهذا المنزل قبل وفاته بثلاثة أعوام وكان عائدا من رحلة لمقابلة السلطان العثماني في الأستانة وقضي في المنزل المواجه للبحر نحو ثلاثة ليال وقيل إنه كان مريضا قليلا في هذا المنزل. ويضيف قسطنطينوس وزميله إلياس المشرفين علي متحف محمد علي في قولة ?كفالا? إن قبر والد محمد علي وأنه كان موجوداً بالمدينة لكن في فترات الديكتاتورية في اليونان ثم هدم مقابر أثرية كثيرة لكن أهالي مدينة كفالا قاموا بحماية القبر ونقلوا قبر أم محمد علي أمام منزله في قولة. وبالطبع هناك تمثال لحصانه عليه محمد علي وهو تمثال قام بتصميمه الفنان اليوناني جريسوس والتمثال تم تمويل صنعه من الجالية اليونانية في مصر وأحضرت الخامات من باريس ليضع التمثال أمام منزل محمد علي ويبدو سيف محمد علي متجها للغرب والحصان متعبا في رمزية للعودة إلي كفالا أو قولة مسقط رأس محمد علي بعد فتوحات وحروب في الشرق. والمنزل بني في أعوام 1780 حتي عام 1790 أي عشرة أعوام بارتفاع نحو 300 متر فوق سطح البحر ويعد من أجمل وأكبر المنازل في قولة. وبالتاريخ المحدد فإن مبني ?إمارات? أو فندق إمارات حاليا تأسس وبني بداية من عام 1817 وحتي عام 1821 وافتتح كفندق عام 2004. وهناك في مدينة قولة أيضا كما رأينا الحائط البيزنطي ?كاميراز? والذي يصل إلي قلعة قولة ?كاميراز?.. أما الميناء في قولة فهو ميناء صناعي لاتزال عمليات توسعته تتم حتي الآن. وبالتأكيد فإن التاريخ بارزا في قولة فالآثار والقلاع تشهد علي التاريخ المميز.،. أما الصلات والعلاقات العميقة بين مصر واليونان والحضارتين الكبيرتين في العالم الحضارتان الإغريقية والفرعونية واضحة في كل متاحف شرق مقدونيا وتراقيا.. أما مبني إمارات الذي تملكه الحكومة المصرية وتديره الأيادي اليونانية وكذلك منزل محمد علي وحصانه كلها تمثل رباط الماضي والحاضر بين مصر واليونان. فالعلاقات في الماضي بدأت مع الإسكندر الأكبر مؤسس مدينة الإسكندرية في مصر وهناك أيضا مدينة الكسندر بولس أو الإسكندرية في شمال شرق اليونان في تراقيا الغربية، وهناك منزل محمد علي ومبني إمارات المصري في قولة، وهناك في الحاضر أكثر من 140 شركة يونانية في مصر والجالية اليونانية هي من أكبر الجاليات في مصر ولا تعد جالية بالمعني العادي بل تقول مصريون يونانيون، وهناك حجاج يونانيون يأتون لمصر سنويا، وفي اليونان بحارة من دمياط يعملون في الموانئ اليونانية. والحق أن آثار وجمال مدينة قولة أو ?كفالا? جعلها تتحدث عن نفسها دون حديث عن الماضي والحاضر والتاريخ والاقتصاد الناجح لأهم ميناء علي بحر إيجة الذي هو جزء من البحر المتوسط الذي يجمع مصر واليونان علي مسافة 1600 كيلو متر بحري ولا شك أن البحر المتوسط هو مجتمع مميز لكل الدول التي تطل عليه، وقولة هي كفالا مدينة العظماء فمنها خرج أباطرة بيزنطة ثم محمد علي وقد خرج منها نجم فريق كرة القدم للفريق الوطني اليوناني الذي حقق الفوز في مرة نادرة بكأس أوروبا خارج اليونان منذ بضع سنوات.