كان غريبا أن يخرج بعض السلفيين ليعلنوا احتجاجهم علي وصول وفد من السياح الايرانيين إلي الاقصر في نهاية مارس الماضي هاجت النفوس وسرت نبرة طائفية مذهبية وكأن وصول الايرانيين إلي مصر من أجل السياحة هو جريمة كبري موجة عداء غير مبررة أفرزتها بعض التيارات السلفية تجاه إيران وتجسدت في الهجمة الشرسة علي قدوم سياح إيرانيين إلي مصر بدعوي الخوف من المد الشيعي إنها دعوة للترهيب من إيران الدولة الإسلامية والتي وصلت إلي حد تكفير الإيرانيين واعتبار الشيعة خطر عضال علي الإسلام بنبغي بتره وإقصاؤه. ركب هذا التيار السلفي قاطرة التعصب المذهبي وتناسي معها مصلحة الوطن ومن ثم راح يعترض علي قدوم الإيرانيين إلي مصر بعد قطيعة استمرت 34 عاما حتي الآن. لقد أطاح السلفيون بتلك العلاقات العميقة بين السنة والشيعة تحت دعوي مخاطر تصدير الثورة الإيرانية إلي مصر غاب عن هؤلاء أن شخصية المصري وهويته عصية علي التغيير، فهو بطبيعته ضد الاختراق وبالتالي لن يكون بإمكان السائح الإيراني أن يغيرها غاب عن هؤلاء أن الشيعة مسلمون وموحدون يؤمنون بالقرآن الكريم كتابا لكل المسلمين وبمحمد رسولا ونتساءل كيف يمكن السماح للإسرائيليين بدخول سيناء بدون تأشيرة بينما يمنع الإيرانيون؟ لم يتحفظ السلفيون علي العلاقات مع إسرائيل ولا علي دخول السائح الإسرائيلي إلي مصر ليصول ويجول فيها رغم أن إسرائيل هي العدو المتربص بنا، ورغم تاريخ إسرائيل الأسود في زرع عملائها في مصر في محاولة لاختراق أمنها القومي. هل غاب عن هؤلاء أن وقف السياحة الإيرانية سيمثل خسارة كبيرة للسياحة لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تعاني منها مصر حاليا بل إن وقف السياحة الإيرانية سيكون صدمة لأي مستثمر سياحي لأنه يتعين علي مصر العمل في جميع الأسواق المصدرة للسياحة لاسيما مع أهمية السياحة الإيرانية والتي كان ينتظر أن تأتي بأكثر من 200 ألف سائح هذا العام وبالتالي فإن منطق المصلحة يوجب علي الجميع الترحيب بالسائح الإيراني وليس التخوف منه لاسيما وأن الدول المحيطة بنا مثل تركيا ودول الخليج تستقبل أعدادا كبيرة من الإيرانيين فهناك نحو مليون سائح إيراني في تركيا عبر خمسين رحلة كل أسبوع كما أن دبي تستقبل 45 رحلة أسبوعيا أما مايقال عن المخاوف من المد الشيعي فهي مخاوف غير مبررة وفي غير محلها يرفعها بعض السلفيين المتطرفين الذي يريدون بوصاياهم إعادة مصر إلي العصر الحجري. هل غاب عن السلفيين مروجي هذه الترهات أن المصري عصي علي تغيير مذهبه؟ فأهل السنه يتمسكون بمذهبهم وليس من السهل إغوائهم بمذهب آخر ولا أدل علي ذلك من أن الفاطميين عندما أنشأوا الأزهر منذ أكثر من ألف عام بهدف نشر المذهب الشيعي في مصر لم ينجحوا وبالتالي لا يظن أحد أن يكون الإيرانيون أخطر علي المصريين من الفاطميين الذي حكموهم من قبل ولعل هذا هو أبلغ رد علي تتملكهم ?فوبيا? التشيع ويسارعون للربط بين السياحة والخطر المزعوم الذي يهدد أمن مصر القومي، والثمن الغالي الذي تتكبده مصر فيما إذا فتحت الأبواب أمام السياحة الإيرانية. غريب أن يخرج بعض السلفيين يروجون لهذه النغمة النشاز ويطالبون الدولة بالاستمرار في قطع العلاقات مع إيران بدعوي أن التقارب بين الدولتين سيؤدي إلي تشيع المصريين فهل غاب عنهم أن دعواهم تلك تؤدي إلي ترسيخ الطائفية وإثارة الفتنة المذهبية؟ فالشيعة مسلمون وليسوا كفارا بل إنهم يتوافقون مع السنة في كل أركان الإسلام وأهدافه ومقاصده إن دعوي السلفيين تعني إثارة الفتنة بين المسلمين وهو مطمح الغرب وإسرائيل ولنا في فضيلة الإمام الأكبر الشيخ ?شلتوت? أسوة حسنة من خلال سعيه للتقريب بين المذاهب وكان في ذلك حكيما سعيا لوأد الفتنة التي تستهدف إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة لن يفيد أحد تعميق الخلاف بين السنه والشيعة لأن في ذلك تعزيزا لعوامل الفرقة بين الجانبين نحن أحوج مانكون إلي استبعادها. حرام علينا اعتلاء المنصة الأمريكية ومبايعتها علي السمع والطاعة، حرام علينا تأجيل عودة العلاقات الكاملة مع إيران إذعانا لرغبة دول الخليج رغم أنها جميعا تقيم علاقات مع إيران ولا أدري ما الحكمة إذن في أن نصادر حق مصر في ذلك ولا ننسي أن أمريكا حريصة علي إشعال فتيل صراع مذهبي في المنطقة كلها لبث الفرقة بين المسلمين ليصبح هناك نزاع سني شيعي. وقانا الله من الهلاوس السلفية...