بينما تمر الذكري ال27 علي رحيل الرائع خالد الإبداع صلاح جاهين يخرج الريس محمد مرسي قائلا: أرض مصر حرام علي غير المصريين?، بعد فترة صمت طويلة تخللتها حالة كبيرة من الجدل والخوف من التفريط في أرض مصر، فلم تكد تنتهي زيارة الرئيس مرسي إلي السودان حتي نشر حزب الحرية والعدالة خريطة تفيد بأن مثلث حلايب تابع للسودان وليس لمصر، قامت الدنيا ولم تقعد فالتفريط في أراضي مصر أصبح من سمات حكم الإخوان والشعب يتشكك في نفسه، تارة يتردد أنه سيتم اقتطاع جزء من سيناء وفق اتفاقات أمريكية إسرائيلية فلسطينية بمباركة إخوانية وتارة يثار موضوع تأجير الآثار المصرية وقناة السويس لصالح قطر، وثالثة التفريط في حلايب، خرج متحدثو الرئاسة بنفي علي استحياء لهذا الطرح بينما خرج موسي محمد أحمد مساعد الرئيس السوداني واثق الخطوة في مؤتمر صحفي قال فيه حرفا: ?منطقة مثلث حلايب المتنازع عليها، سودانية وستظل كذلك وقد طلبت من الرئيس محمد مرسي في الخرطوم إعادة الأوضاع في حلايب إلي ما قبل 1995 عندما كانت تحت السيادة السودانية، ووعد مرسي بإزالة الاحتقان في علاقات البلدين وإعادة الوضع إلي ما كان عليه، إلي أن عاد المتحدث الرسمي لينفي بطريقة تبدو عصبية طالبا غلق هذا الموضوع تماما وعدم إثارته، وكأن وسائل الإعلام مرئية مسموعة مقروءة تدار بإشارة من ?أصابع? ولعل هذا غير مستغرب فالرئيس لم يبد في حواره الذي أدلي به لقناة الجزيرة رفضه أو مقته لحصار أنصاره لمدينة الإنتاج الإعلامي بل إن وزير الإعلام الإخواني نفسه لم يحاسب علي خطيئته عندما رد علي صحفية في عمر ابنته ?ابقي تعالي وأنا أقولك فين? بتلميح يحمل دلالة إباحية ردا علي سؤالها ?هي فين حرية الصحافة دي والصحفيين بيتقتلوا وبيتسحلوا في المظاهرات?. في عام 1970 قدم العالمي يوسف شاهين فيلم ?الأرض? عن رواية تحمل نفس الاسم للأديب عبدالرحمن الشرقاوي، وسيناريو وحوار حسن فؤاد وبطولة محمود المليجي، صلاح جاهين، عزت العلايلي، نجوي إبراهيم، صلاح السعدني، حمدي أحمد، وتم ترشيح الفيلم لجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السنمائي الدولي، فضلا عن احتلال الفيلم المرتبة الثانية في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، والفيلم من اسمه يتحدث عن الأرض والانتماء والثورة والنضال من أجل الحفاظ عليها حتي الرمق الأخير، وذلك من خلال إحدي القري المصرية الفقيرة التي يفاجأ أهلها بقرار حكومي بتقليل نوبة الري إلي 5 أيام بدلا من 10 أيام، فيقوم العمدة بإبلاغ الفلاحين أن نوبة الري أصبحت مناصفة مع أراضي محمود بك الإقطاعي، فيجتمع أهالي القرية ويقررون إرسال عريضة للحكومة يكتبها محمد افندي بعد جمع توقيعات الفلاحين ويحملها إلي محمود بك الذي يستغل تلك التوقيعات في طلب عمل طريق سريع يصل إلي سرايته بعلم محمد افندي الذي ينكس رأسه أرضا، حتي الشيخ حسونة المناضل ورفيق درب محمد أبو سويلم يبيع القضية من أجل مصالحة الخاصة، راجع موقف الإخوان من الثورة وبعد أن كان أهل القرية يدآ واحدة وقادرين علي ردع أي اعتداء علي أراضيهم تم التعامل معهم بنظرية فرق تسد، فأصبحوا أضعف من المواجهة حتي جاء الهجانة مع قوات الأمن لعمل الطريق الذي يصل لسرايا محمود بك الإقطاعي بينما كل منهم يبحث عن مصالح خاصة إلا محمد أبو سويلم ظل صامدا لم ينكسر رغم كل ما حاولوا فعله به ظل صامدا شامخا رغم محاولتهم إهانته وإذلاله بأن قاموا مثلا بحلق شاربه وهو عند الفلاحين رمز للرجولة ارجع إلي واقعة تعرية الداخلية للمواطن حمادة صابر أمام الاتحادية وكأن الهدف سلب أي ثائر لإرادته، أما في مصر الثورة وكما جرت العادة يأتي الرد الشعبي ليسبق أي رد فعل رسمي قال الشيخ محمد طاهر شيخ مشايخ قبائل البشارية بأبو رماد ومثلث حلايب: ?مساعد رئيس الجمهورية السودانية وزعيم جبهة الشرق الانفصالية في السودان والذي تحدث عن أحقية بلاده في حلايب وشلاتين لا يعرف شيئا عن قضية حلايب وشلاتين من الأساس، وأن حلايب وشلاتين مصرية 100% وأهالي المنطقة قبل الجيش المصري لن يسمحوا بأي حال من الأحوال التعدي عليها وتنقل بوابة الوطن تحذيرا من الفريق السيسي وزير الدفاع للرئيس محمد مرسي يحذره فيه من فرض الأحكام العرفية والمساس بقناة السويس ومثلث حلايب بينما يخرج الأديب علاء الأسواني معلقا في أحد البرامج أن مشكلة مرسي تتمثل في أنه يستمع جيدا لكنه لا يفعل شيئا، مستشهدا بموقف حدث معه أنه أبلغ مرسي أن هناك إحدي الكنائس قد منعوا دخول الناس إليها فسأل مرسي أحد رجاله الجالسين بجواره عن صحة تلك الواقعة فأكد صحتها فأبدي مرسي اعتراضه وأطلق جملآ من عبارة الأقباط جزء من الوطن وأنهم في القلب، فرد عليه الأسواني بأنه لا وقت للكلام لأنه لم يعد مقبولا إن كنت تريد حلولا أنزل الآن واذهب بنفسك إلي هناك، لكن مرسي لم يفعل وفقا لرواية الأسواني. في فيلم ?الأرض? طال العار الجميع بينما بقي محمد أبو سويلم رمزا للنضال والنقاء الثوري، حفز شباب القرية لمواجهة طغيان الإقطاع المحمي بالسلطة وعدم السماح لهم بسلبهم أراضيهم وبالفعل ثار الشباب والقوا بالحديد الذي سيتم عمل الطريق به في الترعة لكن مع نزول الهجانة بدأ الجميع في الاستسلام حاول عبدالهادي إعادة النخوة إلي قلوب الفلاحين وطالبهم علي الأقل بجمع محصول القطن من أرض محمد أبو سويلم قبل أن تزهقه الهجانة لعمل الطريق، وتلقي الدعوة الاستجابة ويشارك الجميع بينما محمد أبو سويلم ينظر بكبرياء وكأنه رغم قرب ضياع الأرض إلا أنه مازال صامدا شامخا وسط أرضه، حتي تصل قوات الأمن وتخلع الزرع وتدمر الأرض بينما الفلاحون يهرولون تسمع أحدهم يقول ?أجري يا محمد افندي ملناش دعوة? فيجري محمد افندي جبنا ورعبا، بينما يطلب المأمور ربط أبو سويلم من أقدامه بحبل طرفه الآخر مربوط في سرج الخيل لتعذيبه وإهانته بينما أبو سويلم يسقط أرضا ويزحف وهو ماسكا بجذور أرضه في رسالة شديدة البلاغة، مع خلفية موسيقية لأغنية ?الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا.. وعد وعلينا أمانة تفضل بالخير مليانة?. أما منطقة مثلث شلاتين فمساحتها 20،580 كيلو متر مربع وتوجد بها ثلاث بلدات كبري هي حلايب، أبو رماد وشلاتين ودعود تاريخ الخلافات حولها بين مصر والسودان إلي الحدود المرسمة بين مصر والسودان التي حددتها اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899 ضمت المناطق من دائر عرض 22 شمالا لمصر وعليها يقع مثلث حلايب داخل الحدود السياسية المصرية وبعد ثلاثة أعوام في 1902 عاد الاحتلال البريطاني الذي كان يحكم البلدين آنذاك بجعل مثلث حلايب تابعأ للإدارة السودانية لأن المثلث أقرب للخرطوم منه للقاهرة وتمتاز منطقة مثلث حلايب بثرواته وخيراته الطبيعية سواء النحاس أو الذهب إلي جانب الثروة السمكية وأيضا خصوبة الأرض فضلا عن وجود بترول وربما ثروات أخري لم تبح الأرض البكر إلي الآن، ومع كل هذا إلا أن منطقة مثلث حلايب تابعة للسيادة المصرية منذ عام 1995 وفي عام 2000 قامت السودان بسحب قواتها نهائيا من منطقة مثلث حلايب، لتفرض القوات المصرية سيطرتها الكاملة علي المنطقة. يقول صلاح جاهين ?علي اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء.. أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء.. بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب.. وبحبها وهي مرمية جريحة حرب.. بحبها بعنف وبرقة وعلي استحياء.. واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء.. واسيبها واطفش في درب وتبقي هي ف درب.. وتلتفت تلقيني جنبها في الكرب.. والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب ..علي اسم مصر?. هذا مصر المبدعة الخالدة بحضارتها وفنها ورقيها، فشمس الثورة قادرة علي إعادة خفافيش الظلام إلي جحورها في حال التفريط في شبر واحد من أراضي المحروسة المروية بدماء شعبها الذي يناضل دائما لانتزاع الحرية.